على بعد 12 كيلومترا من مدينة القنيطرة، ومن فوق مرتفع صخري يشرف على سهل مترامي الأطراف، تطل قصبة المهدية بشكل سريالي غريب على مصب نهر سبو، والمحيط الأطلسي، وغابة المعمورة. فهذه المعلمة التاريخية حملت أسماء عديدة حسب الحقب التاريخية «كطيماترون» أو المتجر القرطاجي، كما جاء في رحلة الأمير القرطاجي (حانون) في القرن الخامس قبل الميلاد، وأيضا «حلق الوادي» نسبة إلى موقعها الاستراتيجي عند مصب نهر سبو، ثم اشتهرت ب«المهدية» في عهد السلطان المولى إسماعيل الذي استرجعها من الغزاة الإسبان سنة 1681 ميلادية. وبعد استرجاع المولى إسماعيل للقصبة، أمر بتوسيع عمرانها بعد تعيين علي الريفي حاكما عليها، وهكذا تم تشييد دار المخزن و قصر القائد وعدة مرافق عمومية؛ كالمسجد، والمدرسة، والحمامات، والباب الجديد المطل على غابة المعمورة، كما تم بناء الإسطبلات ومخازن المؤونة، ووقع الاهتمام بالهندسة الدفاعية للقصبة، كما أقيمت حامية عسكرية بالمهدية لحماية القوافل التجارية المارة بالمنطقة. فرغم كون قصبة المهدية تعتبر موقعا تاريخيا بمقتضى ظهير شريف منذ سنة 1916، إلا أنه لم يشفع لهذا التراث التاريخي العريق أن ينال حظه من العناية والاهتمام، فحال هذا الموقع الأثري لا يحتاج إلى وصف أو شرح، فالقصبة أضحت تشهد في الآونة الأخيرة اختفاء عدة قطع أثرية؛ كالمدافع التي كانت منتصبة في مواقع فوق القصبة وعند مدخلها الرئيس. إضافة لذلك، بات «قصر المولى إسماعيل» وجهة للصوص قاطعي السبيل، فجل من يزور القصبة لا بد أن يلاحظ بأم عينيه مسألة اعتراض السبيل والسرقة بالقوة، التي تشكل خطرا كبيرا على سلامة الزائرين!