تحولت الإعلامية ومقدمة الأخبار اللبنانية غادة عويس في قناة «الجزيرة» الإخبارية مراسلة ميدانية، متجولة في المحافظات السورية، راصدة الأوضاع من قلب الحدث، في خطوة استفزت النظام السوري ومؤيديه. على مدى عامين اعتاد المشاهد العربي أن يشاهد عويس في الاستديو مقدمة للأخبار، ومحاورة للسياسيين من دون أن يكون موقفها الشخصي من الأحداث في سوريا خافيا على أحد. فصفحات مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة موقع «يوتيوب» زاخرة بفيديوات تواجه عبرها عويس الناطقين باسم النظام السوري والمدافعين عنه بطريقة شرسة، متحيزة للشعب السوري في نضاله ضد النظام ورئيسه، وغالبا ما كانت توجه مذيعة قناة «الجزيرة» لهؤلاء أسئلة محرجة وحساسة، مستندة الى الوقائع والأحداث الجارية على الأرض، فتوقع ضيوفها في مصيدة أجوبتهم. مع دخول الثورة السورية عامها الثالث، أوفدت قناة «الجزيرة» عددا كبيرا من مراسليها إلى المحافظات السورية من حلب إلى ادلب مرورا بحمص وحماة، حيث يطل يوميا المراسلان البيبة ولد مهادي وأحمد زيدان من الريف الدمشقي على بعد أمتار من ساحة العباسيين وسط العاصمة السورية. أما عويس فأطلت في الأيام الماضية من مخيم اللاجئين في الأردن، كما أطلت من حلب في تغطيات للأوضاع المعيشية من العاصمة الصناعية للبلاد، قبل أن تنتقل إلى إدلب، وتدير ندوة في أنطاكيا التركية عن الشأن السوري. كل هذا في تحد صارخ للنظام السوري الذي منع منذ انطلاق الثورة في مارس 2011 الإعلاميين من التواجد على الأرض، في الداخل، واستهدفهم في شكل مباشر، بغض النظر عن موقفهم أو انتمائهم، علما أن عدد الصحافيين والمصورين الذين قضوا بيد النظام السوري ورصاصه يزيد على مئة قتيل في عامين. خصوصية انتقال عويس إلى الداخل السوري، تكمن أولا في الدعوات المستمرة من إعلاميي النظام والمدافعين عنه الإعلامية اللبنانية في أكثر من مقابلة للمجيء الى سورية والوقوف على أرض الواقع والتعرف إلى الأكاذيب التي تبثها القنوات المغرضة، «بما فيها الجزيرة»، وفق قول إعلاميي النظام، الذين يضيفون غالبا أن لا شيء يحدث، وأن سوريا بخير، وأن كل ما يقال تلفيق وهو عبارة عن مؤامرة كونية تستهدف سورية وصمودها. انطلاقا من هذا المشهد الذي يصوره مؤيدو النظام، كان تواجد عويس على الأراضي السورية لنقل الواقع ومعرفة الحقيقة، وهو الأمر الذي ظهر في تقاريرها اليومية التي تبث عادة في نشرات الأخبار في شكل متواصل، ما يبرز حجم المعاناة التي يعيشها السوريون، والهمجية التي تبعها النظام في حربه ضد السوريين. تقول عويس في إحدى تغطياتها: «لم يسلم لا بشر ولا حجر من بطش النظام، فالأماكن الأثرية هدمت والبشر قتلوا وشردوا». ويبدو أن وجود مراسلي «الجزيرة» وغيرها من القنوات استفز النظام السوري الذي أخذ يقصف الأماكن التي يوجد فيها هؤلاء. لكنّ وجود عويس شكل ضربة موجعة لإعلاميي النظام ومؤيديه، إذ وجهوا حملة ضدها ووصفوها بالإرهابية والعميلة، كما لفقوا قصصا حول تعرضها للاغتصاب والضرب، ووصل الأمر بأحد الصحافيين اللبنانيين المؤيدين للنظام السوري الى رصد 50 ألف دولار لمن يقبض عليها ويسلمها الى السلطات السورية حية أو ميتة. وربما يمكن القول إن وجود عويس وغيرها من المراسلين على الأراضي السورية، يبرز حجم السيطرة التي وصل إليها «الجيش الحر» في الداخل، بخاصة في الشمال السوري وفي الأرياف الأخرى، ويؤكد أنه لم تعد للنظام السوري سطوة في كل أنحاء البلاد، بل يزيد من عزيمة معارضي النظام الذين يشعرون بقوة المعارضة المسلحة على أرض الواقع، ويضخم اليأس لدى مؤيدي النظام، في ظل غياب السيطرة على هذه المناطق. يذكر أن غادة عويس، حاصلة على شهادة بكالوريوس في الإعلام من الجامعة اللبنانية، وعملت مذيعة ومراسلة ميدانية لتلفزيون «إي أن بي» بين 2004 و 2006، قبل أن تلتحق بشبكة «الجزيرة». ولا تخفي عويس دعمها للثوار في سورية، وتؤكد يوميا عبر صفحتها على «فيسبوك» ذلك عبر منشورات وتعليقات لاذعة ضد النظام وممارساته.