أن تخالف القانون، يجب أن تؤدي ضريبة المخالفة، لكن أن تؤدي الثمن وتصاب بصدمة التعامل فذلك ما لا يقبله لا العقل ولا المنطق ولا القانون. سياق هذا الكلام هو معاناة أصحاب السيارات المودعة بالمحجز البلدي، هي معاناة رحلة طويلة وشاقة تتطلب من المرء صبر أيوب وإلا ستصاب بالحمق. فالعملية تبدأ باختيار أو انتقاء سيارات مركونة في أماكن وأزقة لا تسترعي الانتباه، بينما يتم غض الطرف عن أخرى تراها معرقلة للسير أمام أعين الجميع لكن أصحابها إما لهم نفود أو جاه أو سلطة وحتى إذا وقع و«أخطأ» اصحاب الحال العنوان، فتراهم يتسابقون بمختلف درجات مسؤولياتهم لتقديم الاعتذار. فالعملية إذن تبدأ مما ذكر وصولا إلى أداء واجبات المحجز البلدي مرورا بإدارة الأمن الوطني لأداء واجب المخالفة. بعد بحث مضني يخبرك حارس السيارات أو من عاين عملية الاعتقال بأن سيارتك لربما سيقت إلى المحجز البلدي بواسطة شاحنة الجر. تسترجع أنفاسك وتتوجه إلى المصلحة المختصة لأداء واجب المخالفة بولاية أمن مكناس، وهنا تبدأ حكاية أخرى إذ بعد تقديم جميع وثائق السيارة وأداء دعيرة المخالفة المحدد في 300 درهم مقابل وصل إضافة إلى 100 درهم أخرى وللحصول على وصل، يطلب منك البحث عن صاحب سيارة بأرجاء المدينة. وبما أن شغلك الشاغل هو استرجاع سيارتك خوفا من أن يمسها سوء إضافة إلى بعد المحجز البلدي عن الكوميسارية بكيلومترات، فقد لا تبالي بوصل ل 100 درهم. لكن بعد أدائك الواجب وتسلمك وثائق السيارة يطلب منك الذهاب لاستنساخ جميع وثائق السيارة ( البطاقة الرمادية، وثيقة التأمين، الضريبة السنوية، ...) إضافة إلى رخصة السياقة نظير تسلمك وصل الإذن باسترجاع سيارتك، وقد يتطلب ذلك حوالي نصف ساعة في أغلب الأحوال إذا كنت محظوظا لكن إذا صادفت نهاية الأسبوع فقد يتطلب الأمر أزيد من ثلاثة ساعات أما العابرين لمدينة مكناس فلا حول ولا قوة لهم. بعد نهاية الجولة الأولى تنتقل إلى المحجز البلدي ليستقبلك المستخدم بصدمة أخرى تتجلى في كونك تدفع الثمن المحدد في 40 درهم كواجب الجماعة إضافة إلى 20 درهم إتاوة إجبارية له لاسترجاع سيارتك وإلا عليك الاتصال برئيس المجلس أو أحد الموظفين الكبار بها. إنها قمة الوقاحةّ أن يتم استغلال حاجتك لاسترجاع سيارتك من المحجز البلدي ويفرض عليك الثمن مضاعفا إضافة إلى الإتاوة ، بعد أن تم التعسف على سيارتك وتم اقتيادها دون موجب حق. فهل هذه الإتاوة تستخلص دون علم المسؤولين ؟ سؤال من المؤكد أن الإجابة عنه تستوجب الرصد والمتابعة و....... لكن بين ولاية الأمن والمحجز البلدي هناك سيارة الجر أو كما يصطلح عليها بالديبناج، إذ عدم تملك إدارة الأمن الوطني على آليات الجر يفرض عليها التعامل في ذلك مع الخواص، ( على الرغم من عدم توفرهم على ترخيص من الجماعة الحضرية للقيام بذلك ) بدل التعامل مع شركة لعربات الجر عبر مسطرة معينة كعروض الأثمان أو في ظل دفتر تحملات واضح، فغالبا ما تبقى لعميد الشرطة صلاحية الاستعانة بمن يريد من أصحاب الديباناج وإقصاء من يشاء. بل هناك من يذهب أبعد من ذلك حين يقول بأن أصحاب القرار هم من يملكون سيارات الجر وفي جميع الأحوال أصبح الديبناج امتيازا يدر على أصحابه عائدات مالية مهمة دون عناء ودون أن تستفيد لا الدولة ولا الجماعة من أية ضريبة تذكر. وعلى الرغم من كون سيارات الجر أسالت الكثير من المداد بل ذهب البعض إلى حد استصدار حكم قضائي يجرم جر السيارات إلى المحجز البلدي إلا في الحالات القصوى، إلا أن أصحاب الحال لهم رأي آخر أو امتياز آخر. فمتى نرقى ونؤدي واجب المخالفة دون حجز للسيارة والمرور عبر بوابة التسمسير والتبزنيس؟