حين رفعت قناة «سكاي نيوز عربية»عند انطلاقتها في ماي الماضي شعار «أفق جديد»، ظن كثر أن في الأمر مبالغة. لكن الفضائية الإخبارية العربية أثبتت أنها تسير بهذا النهج، بعدما حققت سبقا إعلاميا عربيا من خلال بثها تقارير من آخر نقطة مأهولة في جنوب الكرة الأرضية. على مدى أسبوع، عرضت «سكاي نيوز عربية» 6 تقارير تلفزيونية وفيلما وثائقيا من أنتركاتيكا، القارة المتجمدة الجنوبية، وهو المكان الذي لم تصله سابقا أي وسيلة إعلامية عربية. أما صاحبة السبق الإعلامي، فهي نائب رئيس تحرير الأخبار نيفين أفيوني (29 سنة) التي قامت بالمغامرة. تقول أفيوني: «من منا لا يحلم بالذهاب إلى أنتركاتيكا؟ لا شك في أن الرحلة إلى هذه القارة البيضاء المجهولة تشكل مغامرة أشبه بالخيال، فكيف إذا كان الأمر تحديا أمام صحافي باحث عن المتاعب؟». تتحدث الإعلامية اللبنانية عن الرحلة بكثير من الشغف، هي الآتية إلى «سكاي نيوز عربية» من قناة «العربية» «منتجة أخبار» وصحف ومجلات عربية عدة. ولدت فكرة الرحلة لدى أفيوني قبل نحو 8 أشهر، وعرضتها على المدير التنفيذي ل«سكاي نيوز عربية»، نارت بوران الذي تحمس للفكرة، خصوصا أنها تشكل سبقا إعلاميا عربيا وتحديا كبيرا ينسجم مع شعار القناة: «أفق جديد». وتؤكد أفيوني أنه «لولا انفتاح بوران على كل ما هو جديد، لما كنتُ وصلت إلى هناك. إذ كان داعما ومتابعا لأدق تفاصيل الرحلة الصحافية» التي بلغت موازنتها نحو 50 ألف دولار. يرى بوران أن الرحلة التلفزيونية إلى أنتركاتيكا فرصة ل «سكاي نيوز عربية» لتفي بوعودها لمشاهديها منذ إطلاقها. ويقول ل «الحياة»: «إننا نبحث دائما عن القصص الفريدة من نوعها، وننقل كل ما هو جديد الى مشاهدينا. ونحن محظوظون بصحافيينا الطموحين والمبدعين الذين يحاولون دائما إبراز مواهبهم»، مؤكدا أن الرحلة كانت بمبادرة من أفيوني، «وعلى رغم أنها من خاضت المغامرة وحدها، فإن المغامرة الحقيقية بدأت منذ أن خططنا للرحلة». ولا يتردّد بوران في إبداء إعجابه بالصحافيين الذين يقومون بمبادرات فردية ويأتون دائما بأفكار فريدة. «أنا متأكد من أننا، بالمواهب التي لدينا، سننقل مزيدا من القصص الفريدة الى مشاهدينا». وهنا، يبدو واضحا الدور الذي يلعبه بوران في تشجيع العناصر البشرية في «سكاي نيوز عربية» ودعمهم لتحقيق مزيد من الإنجازات المهنية لهم وللمحطة التي يريد لها أن تكون «علامة فارقة» في نقل الأخبار على مدار الساعة. ولعل هذا أحد العوامل التي جعلته يتبوأ المرتبة 84 في قائمة «أرابيان بيزنس» لأقوى 500 شخصية عربية لعام 2012 . تتطلب الرحلة إلى أنتركاتيكا إجراءات وتحضيرات لوجستية كثيرة، كما تقول أفيوني، مثل «الملابس المصنوعة خصوصا لمقاومة البرودة الشديدة للطقس، فضلا عن التمارين الرياضية والفحوص الطبية الضرورية قبل الذهاب. وذلك كله للتأكد من أن الشخص الزائر مؤهل ليعيش التجربة الفريدة في القارة المتجمدة الجنوبية». كانت رحلة أفيوني شاقة ومتعبة وخطرة في كثير من الأحيان، إذ لا يمكن الوصول إلى هناك إلا في فصل الصيف (الشتاء في شمال الكرة الأرضية)، حيث تصل الحرارة إلى 15 درجة مئوية تحت الصفر. بدأت المغامرة من أبو ظبي، مرورا بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، ثم بواسطة الطائرة إلى مدينة أوشوايا في أقصى جنوب الأرجنتين. ومنها إبحارا على متن سفينة مخصصة للبحث العلمي. «ولأن الممرات البحرية إلى أقصى جنوب الأرض خطرة ومن الصعب الإبحار فيها، تجهّز السفن بعيادات طبية وأطنان من الطعام، خوفا من مفاجآت الطقس، التي غالباً ما تعكر صفو الرحلة»، تقول أفيوني، موضحة أن الوصول إلى أنتركاتيكا استغرق ثلاثة أيام طيرانا وإبحارا، علما أنه لا يمكن الوصول إلى الهدف من دون العبور في ممر درايك البحري الذي يُعد الأكثر خطورة في العالم. وكما فعل رائد الفضاء الأميركي نيل آرمسترونغ عندما وطأت قدماه القمر في يوليوز 1969، غارسا علم بلاده على سطحه، كذلك فعلت أفيوني عندما حطت على سطح أنتركاتيكا، إذ غرست علم «سكاي نيوز عربية» على سطحها، لتكون بذلك أول قناة عربية تقتحم القارة المجهولة بالنسبة إلى ملايين المشاهدين العرب. وهي «المرة الأولى التي تخرج فيها تقارير تلفزيونية وفيلم وثائقي باللغة العربية غير مترجمة، من القارة المتجمدة الجنوبية»، كما تؤكد أفيوني التي أمضت 6 أيام كاملة هناك، وبعدها أربعة أيام إبحارا وطيرانا في طريق العودة إلى أبو ظبي. وتتحدث أفيوني عن شعورها لدى وصولها إلى أنتركاتيكا بكثير من التأثر، إذ تقول: «لا يمكن وصف ما شعرت به. لم أنبهر في حياتي كما حصل معي هناك. إنها عالم خيالي بالفعل، إذ لم أتخيل روعة الطبيعة واللون الأبيض النقي يكسو كل شيء... والحيتان والفقمات وطيور البطريق تشعرك بأنك في أرضها زائر فقط، وأن المكان لها وحدها تلهو به كما تشاء». المغامرة التلفزيونية جعلت أفيوني تتواصل مع فريق موسوعة «غينيس» لتسجيل رقمين قياسيين كأول إعلامية عربية وأول سيدة لبنانية تصل إلى أنتركاتيكا. ولا تتردد في كشف بعض طموحاتها المهنية: «هناك مغامرات صحافية كثيرة تنتظرني مستقبلا. العالم واسع وثمة دائما أفكار مبتكرة في كل مكان».