لن أنسى لحظة مؤثرة جداً بالعاصمة الفنزويلية، كاراكاس في صيف 2005، حينما شاركت ضمن الوفد المغربي الذي ضم 150 مشاركاً في المهرجان الدولي للشباب والطلبة المنظم من طرف الاتحاد الدولي للشبيبات الديمقراطية، حيث لم يتردد الرئيس هوغو تشافيز في رفع العلم المغربي، ولوح به من على المنصة الرسمية لافتتاح المهرجان الدولي، بعدما اخترق يوسف مكوري، بحكم عضويته في اللجنة التحضيرية الدولية، الحواجز الأمنية والمراسم البروتوكولية وسلم العلم المغربي إلى الرئيس الفنزويلي، الذي لم يتردد في رفع علمنا الوطني والتلويح به عالياً أمام أنظار المشاركين من جل دول العالم، في حين ردد الوفد المغربي وباقي الوفود الأخرى من الدول العربية الشقيقة بالدرجة الأولى، شعارات ضد الحرب، ومدافعة عن الوحدة الوطنية، في حين تابع وفد البوليزاريو والجزائر بذهول تام هذه العملية، ولم يصدق أي واحد منهم ما حدث. تعامل الرئيس تشافيز مع علمنا الوطني كانت له تداعيات إيجابية على القضية الوطنية في اليوم الموالي في الصحافة الفنزويلية بكل تلاوينها، وهو ما اعتبرناه اختراقاً واضحاً للموقف الفنزويلي الرسمي، بل إن هذا الموقف الذي يحتسب للراحل تشافيز الذي يعتبر من آخر قيادي الثورة الحقيقية في العالم، أرخى بظلاله على نقاشات الاتحاد الدولي للشبيبات الديمقراطية في البيان الختامي، فرغم مساع شبيبة ما يسمى بالبوليزاريو وكذلك الجزائر من أجل إدانة المغرب واعتباره بلدا محتلا، إلا أن استماتة الوفد المغربي حال دون ذلك، وكان البيان الختامي في صالح قضيتنا الوطنية. رغم مرور 8 سنوات على هذا المهرجان العالمي للشباب والطلبة، مازالت تفاصيله عالقة لدى 150 مغربياً من الشباب الذين شاركوا في هذه المحطة، بل هناك تفاصيل مازالت عالقة في الذهن والذاكرة ونسج الوفد المغربي، علاقات صداقة مع جل الوفود العالمية، بل كانت فرصة لتكذيب أباطيل خصوم وحدتنا الترابية بالحجة والدليل، بل خرجنا بقناعة أن هناك تقصيراً من الجانب الرسمي للتعريف بعدالة قضيتنا، والتصدي للآلة الاعلامية الجزائرية التي تنشر الأباطيل والأكاذيب، متكئة زوراً وادعاء على حقوق الإنسان بأقاليمنا الصحراوية، متناسية الشقيقة الجزائر أنها مازالت تحكم بقانون الطوارىء. حينماأخبرتنا الزميلة اعتماد سلام برحيل الرئيس هوغو تشافيز، عادت بي الذاكرة سنوات إلى الوراء إلى اللحظة التي لوح فيهاالراحل شافيز بعلمنا الوطني، وإلى لحظات أخرى كانت للأنس والمشاعر الفياضة، وإلى التسوق من الهنود الحمر، الذين يملأون شوارع وأزقة كاراكاس، وإلى الأكلة الشهية «كاراهوطا» (اللوبيا) التي تأكل «أصابعك»، إن تناولتها، و «السوليدا» وإلى الثكنة العسكرية التي احتضنتنا وإلى الجنود و«الگرايدية الفنزويليين» الذين اختلطنا بهم وكانوا رائعين جداً.