في إطار مهامهما النيابية ووفق مخطط تواصلي يروم التعريف بمختلف مشاكل حاضرة فاس لدى الأطراف المعنية، عقد يوم الخميس 21 فبراير 2013، النائبان البرلمانيان، أحمد رضا شامي ومحمد عامر، جلسة عمل ثانية مع نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، الذي كان مرفوقا بطاقمه الإداري، من مسؤولين مركزيين ومحليين، خصصت لتدارس المقترحات التي تقدمت بها الإدارة من أجل معالجة بعض مشاكل التعمير بفاس، علما بأنه سبق وتقدم النائبان بطلب في الموضوع إلى الوزير بداية يناير الماضي، بهدف النظر في مختلف المشاكل المرتبطة بالتعمير والسكن غير اللائق، وكذا بعض القضايا الأخرى المرتبطة بالمدينة العتيقة وصعوبة الفصل فيها بين البعد الثقافي لهذا التراث العمراني الانساني الذي ورثته المدينة عن قرون من الحضارة العربية الاسلامية في تفاعلها مع البعد الأمازيغي الأفريقي، وبين الانفجار السكاني الذي عرفته المدينة بفعل الهجرة القروية، مع ما صاحب ذلك من مشاكل متشابكة ومترابطة تمتد إلى مجالات التعليم والصحة والأمن والسكنى... وكان أحمد رضا شامي قد ذكر خلال الجلسة الأولى بالمكانة الاعتبارية التي ظلت مدينة فاس تتمتع بها عبر التاريخ، وهو ما يجعل من مهمة إنقاذ هذه المدينة مهمة وطنية وحضارية، مؤكدا أن ما قامت به الدولة في فترات سابقة واضح وظاهر للعيان، غير أن ما آلت إليه الأوضاع بعد ذلك ينذر بتدهور خطير على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، خصوصا وأن مدينة فاس تمثل نبراسا لمغرب المستقبل، كما أبرز أن مشاكل السكن والتعمير تختزل من ورائها العديد من الإشكالات التي لا يمكن ادعاء الإحاطة بها كاملة. ثم انتقل إلى استعراض مختلف المشاكل التي تعاني منها أحياء المدينة على تنوعها واختلافها، مطالبا بضرورة ترتيب الأولويات. حيث ضرب مثلا بمعاناة بعض الأحياء والتي لها آثار على مختلف مناحي الاجتماع والاقتصاد والثقافة بفاس، من مثل منطقة ظهر المهراز وبالخصوص الطريق المقدسة ودوار العسكر وباب الغول وعوينات الحجاج وغيرها من الأحياء التي تعاني ساكنتها من مختلف مشاكل السكن والتعمير، والتي تقتضي تضافر كل الجهود المحلية والإقليمية والوطنية من أجل إيجاد صيغة للتكامل والتعاون بين مختلف السلطات المنتخبة والسلطات المحلية ،ومختلف الفاعلين والمعنيين بمستقبل المدينة خاصة في منحاها العمراني والحضاري، وهو ما يقتضي اعتماد منهجية التشاور والتداول من أجل مصلحة المدينة وساكنتها، مؤكدين أنهما، بصفتيهما منتخبين عن ساكنة فاس، يضعان نفسيهما رهن إشارة مختلف الأطراف المعنية من أجل التعاون لإيجاد حلول لمختلف مشاكل مدينة فاس.. وبدوره أكد محمد عامر على أهمية مدينة فاس، مبرزا كونها منارا يختزل البعد المغربي تاريخا ومستقبلا، إلا أنها ومنذ سنوات خلت صارت تعاني من مختلف المشاكل العويصة، إذ تضافرت مجموعة من العوامل، كالإغلاق الكامل لبعض المعامل ولبعض الأوراش الاقتصادية خاصة الصناعية منها والتي كانت قد بوأت فاس سابقا مكانة اقتصادية مهمة في المنظومة الصناعية الوطنية، رغم كل ما قامت به الدولة من محاولات الإنقاذ، غير أن تضافر كل هذه المثبطات وغيرها جعل هذه المدينة تتربع على مجموعة من المشاكل تتعقد يوما عن يوم، خاصة في المدينة العتيقة التي تعرف أوضاعا اجتماعية جد صعبة ومستعصية على الحلول المتسرعة والارتجالية، حيث يتداخل ما هو ثقافي بما هو اجتماعي واقتصادي وعمراني. وإذا لم يساهم الجميع، كل من موقعه، فإن الخطر يتهدد عاصمة المغرب العلمية. وقد ركز محمد عامر بالخصوص على ملف المدينة العتيقة، إذ يجب المبادرة بحل مشكل حوالي 1700 دور آيلة للسقوط في المدينة القديمة من أصل 4000 حالة حسب تصنيف الوزارة، وذلك في أقرب وقت ممكن. وهو ما يقتضي سلوك مقاربة جديدة ومتجددة تروم الشمولية عوض الحلول الترقيعية والمعزولة. واستعرض أيضا ملفات بعض أحياء فاس الشمالية، ذلك أن البنايات في بعض التجزئات وفي بعض الدور تهدد سلامة المواطنين، وتغيب فيها أدنى شروط الكرامة والعيش السليم، وهو ما يقتضي تدخلات لاستدراك مختلف النقط السوداء في بعض الأحياء خاصة في زواغة السفلى والسغروشني..وغيرهما والتي يعاني سكانها من الضعف الذي ينذر بكارثة حقيقية أمام الاختلالات التي تعرفها بعض البنايات الحديثة جدا، وهو ما دفع سكانها للتكتل في تنسيقيات تهدد بالخروج إلى الشارع للتعريف بمعاناتها. وقد عقب الوزير على ذلك بتفهمه لمختلف هذه المشاكل، مؤكدا على ضرورة استحضار مقاربة شمولية، تتجاوز كل الصراعات السياسية والحسابات الشخصية الضيقة أمام حجم هاته الصعوبات، مطالبا بضرورة إشراك كل الأطراف من مجتمع مدني وسياسي والسلطات وممثلي السكان، لكي يتم الاتفاق على رؤية تراعي استحضار اهتمامات كل الأطراف للحصول على أكبر حظ من التوافقات.. وبعد مداخلات جادة ودقيقة للسادة الأطر المرافقين للوزير، تم الاتفاق على وضع جدول أعمال ينطلق مع متم شهر فبراير، حيث كان الجميع في الموعد. وقد كانت مناسبة متاحة جدد من خلالها أحمد رضا شامي مرة أخرى طلبه القاضي بالإلحاح على مؤسسة العمران للعمل على إيجاد حلول مرضية ونهائية لمختلف مشاكل السكن غير اللائق بفاس ،خاصة على مستوى ظهر المهراز والطريق المقدسة وغيرها من الأحياء المعنية. وإلى جانب ذلك أسفر اللقاء عن مجموعة من التدابير تتعلق اساسا بما يلي: * إنقاذ الدور المهددة بالانهيار في المدينة العتيقة. وتقرر في هذا الاطار وضع برنامج لإصلاح الدور المهددة بالانهيار ما بين 2013 و 2016 يشمل كل المنازل المعنية. وتجدر الاشارة إلى أنه لأول مرة يعالج هذا المشكل بشكل شمولي. *استكمال البرنامج الخاص بمعالجة الدور المهددة بالانهيار في المنطقة الشمالية وفي منطقة الجنانات؛ * إعادة هيكلة الاحياء المتبقية بزواغة السفلى(حي السغروشني، حي بنزاكور، حي سيدي عميرة)؛ *إعادة هيكلة حي البركاني؛ * إعادة هيكلة حي الحاج ادريس؛ * استكمال تهيئة حي المسيرة 1و2 وحي المستقبل؛ وسيتم لاحقا تنظيم لقاءات إخبارية مع الساكنة يتم من خلالها التواصل معهم حول هذه المشاريع.