إعلامية جميلة، لكنها تناقض تماما مقولة «كوني جميلة واصمتي»، فهي محاورة متمكنة، واسعة الثقافة، اشتهرت بإثارتها للجدل، لإختيارها مواضيع شائكة لتطرحها على المشاهد بأسلوب أنيق، ولبق، لائق وبعيد عن الإبتذال. على مدى سنوات عديدة، كان برنامجها «مثير للجدل» الأول في الخليج من حيث الجرأة في طرح المواضيع عبر قناة أبوظبي، لتفاجىء الجميع بنقلة جديدة في حياتها المهنية، من خلال إنضمامها لقناة سكاي نيوز عربية كقارئة نشرة، ومحاورة خلال فقرة إخبارية خاصة بها. ربما كانت مغامرة كبيرة بأن تجازف بمسيرة سنوات عديدة، ونجاح برنامج كبير، ولكنها كانت واثقة من خطواتها، وأثبتت على مدار الأشهر التسعة الماضية بأنها كانت على حق من خلال تميزها في القناة الوليدة التي اكتسبت نسبة مشاهدة عالية في وقت قياسي بعد أن فقدت مثيلاتها من القنوات الكثير من مشاهديها بسبب تسييسها الواضح، وإفتقارها للموضوعية، والمهنية في بعض الأحيان. إنتقالك من قناة «أبوظبي» إلى «سكاي نيوز عربية» ماهي أسبابه؟ أحسست أنه حان وقت التغيير، فقد قضيت أعواماً في قناة أبوظبي بين تقديم الأخبار والبرامج الحوارية، كنت أنتظر مشروعا جديدا ومختلفا أبدأ معه بروح جديدة، فإذا بقناة سكاي نيوز عربية تظهر في الأفق. هل كنت واثقة من نجاح المحطة أم كانت مجازفة منك؟ نجاح سكاي نيوز عربية هو أحد أهداف القائمين عليها بالدرجة الأولى، فقد وجدت تصميماً كبيراً من قبل إدارة القناة على إطلاق قناة إخبارية متوازنة، تتبع معايير مهنية عالية تفرض نفسها بقوة على الساحة، وتشكل إضافة نوعية إلى الإعلام العربي. الكثير ممن يشاهدوننا يشيدون بموضوعيتنا وتوازننا، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير لا يسهل تحقيقه في أيامنا هذه وأتمنى أن نحافظ عليه. ولا ننسى بأننا مازلنا في البداية ولم نكمل عامنا الأول بعد, وعلى الرغم من ذلك فالأصداء التي تأتينا جيدة. هل كان الأمر سهلا ترك قناة «أبوظبي» بعد كل هذه السنين؟ بالتأكيد راودني شعور غريب وأنا أغادر المحطة، فقد قضيت فيها مرحلة مهمة من حياتي المهنية، لكن في الوقت نفسه كنت متفائلة بإنتقالي إلى محطة إخبارية تحمل رؤية جديدة وتريد أن تجد لها مكانا في قلوب المشاهدين. بعد تخليك عن برنامج ناجح ك «مثير للجدل» وعودتك لتقديم النشرة هل شعرت بأن الإستمرار من دون برنامج حواري مهم خاص بك مسألة صعبة؟ لا يمكن أن أنكر أن برنامج «مثير للجدل» كان نقلة نوعية وحالة خاصة, وأعتز كثيراً بهذه التجربة الغنية التي صقلتني واستطعت من خلالها اللعب في منطقة لا تصل إليها بتقديم الأخبار فقط، وقدمتني بشكل مختلف تماما للمشاهدين. فلمدة ثلاث سنوات ونصف، كنت مع فريق البرنامج مصممة على أن يصبح أحد البرامج المتابعة في عالمنا العربي وسط عشرات البرامج الحوارية وليس مجرد برنامج يمر مرور الكرام، كان تحديا كبيرا، لا أدعي أنه كان البرنامج الأهم ولكن كان أحد البرامج الحوارية التي تركت صدى طيباً لدى المشاهد العربي، ونالت إحترامه، نجحنا في الوصول إلى قاعدة جماهيرية عريضة بتناولنا موضوعات سياسية، وإجتماعية، وفكرية، وقضايا رأي عام بسقف عالٍ لكن دون ابتذال. أسعد كثيرا حين ألتقي بأناس مازالوا يتذكرون حلقات بعينها ويشيدون بإدارتي للحوار، لكن على الإنسان أن لا يتوقف عند مرحلة معينة في حياته, فإحدى قواعد لعبة الحياة أن تعرف متى تغادر ومتى تبدأ من جديد, وكما يقول المثل إذا أردت أن تستمر في النجاح يجب عليك أن تسلك طرقاً جديدة. ما هي الأدوات التي يجب أن يمتلكها المذيع لتألقه؟ بإعتقادي الذكاء والحس الصحافي والمثابرة، والكثير من الموهبة والكاريزما, فلو إجتمعت الكاريزما والموهبة لدى الإعلامي بتقديري سيكون لشخصيته سحر لا يضاهى وتأثير لا حدود له. الكاريزما هي مفتاح أي شخص للتأثير على الآخرين، فهي خليط من الجاذبية والحضور والسحر والهيبة ولا يُعرف سرها، برأيي هي لا تكتسب، فإما أنك شخصية جذابة من الأساس أو لا. فلا يمكن أن يستيقظ الإنسان يوما ويقول لنفسه سأتعلم كيف أكون ذا كاريزما. إلى أي مدى تعتبرين أن الشهرة سرقتك من حياتك؟ سمعت وقرأت عن كثيرين ممن إنجرفوا نحو هالة الشهرة المخيفة، وأصبحوا يتعاملون مع الآخرين بزيف، وكوني إنسانة قدماها على الأرض وأؤمن بأن الشهرة فقاعة، سيكون من الصعب أن أترك فقاعة الصابون هذه تسرقني، ولا أقول هذا من باب الإدعاء، الشهرة بحد ذاتها ليست سيئة، لكن أسوأ ما فيها أن يُحتجز الإنسان، فناناً كان أو إعلامياً داخلها، ولايعرف طريق العودة إلى إنسانيته مرة أخرى. حياتك الخاصة خط أحمر؟ ليست خطاأحمر إلى هذه الدرجة، لكنني لا أحب الخوض في حياتي الخاصة عموماً. ماهو الحلم الذي حققته بعيدا عن الإعلام؟ هو ليس حلما بل رغبة قديمة، أنا بصدد السير في خطواتها الأولى وهي تعلم العزف على البيانو. أتمنى أن يكون بإستطاعتي عزف مقطوعة «ضوء القمر» الكلاسيكية لكلود ديبوسي في يوم ما فأنا متيمة بها وتجعلني أحس بسلام داخلي عميق لدى سماعي لها. ما أكثر ما يحزنك؟ أشياء كثيرة كرؤية رجل مسن لا يقوى على الحياة يهان، أو يبكي، أو لا يجد من يرعاه، لا تتخيل إلى أي مدى قسوة الحياة والبشر. يعيش الإنسان ويفني نفسه من أجل أبنائه وفي النهاية قد يجد نفسه وحيدا ومنبودا وضعيفا، كم هي قاسية الحياة. من هي فضيلة السويسي بعيدا عن الشهرة والإعلام؟ شخص يحب الرياضة، والبحر، والموسيقى، والسينما، والسفر، والهدوء. لا أدري هل هو من حسن أو سوء حظنا أن المشاهد لا يعرف إلا ذلك الوجه الذي يتعامل مع الكاميرا، ويعتقد أننا نعيش مسجونين داخل هذا الإطار. ماذا علمتك الحياة؟ أشياء لا تعد ولا تحصى مثل: لا توجد مسلمات أبدية ولا حقائق مطلقة، وأن الإعتقادات الراسخة هي أعداء الحقيقة وأكثر خطراً من الأكاذيب. وأن كل يوم جديد فرصة لنبدأ من جديد وقد يكون آخر يوم في حياتنا. وأن أشياء كثيرة تحدث لنا لا تحدث بالضرورة لسبب معين خلافاً لما تقوله العبارة الشهيرة أن كل شيء يحدث لنا، يحدث لسبب معين، وأن النجاح دمّر أشخاصا أكثر مما فعل الفشل. هل أنت نادمة على شيء في مسيرتك المهنية؟ لا أعتقد؟! قرأت مقولة مرة «نحن نحب الماضي لأنه ذهب ولو عاد لكرهناه»، لذلك على الإنسان أن يمضي في طريقه قدماً وينظر إلى الأمام. الندم صفة قاتلة وسلبية.