دعا رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي السبت خلال تشكيل حكومة ائتلاف وطني، وقال إن الحركة باقية في الحكم. وقال الغنوشي - مخاطبا عشرات الآلاف من أنصار الحركة وأحزابا أخرى ومنظمات - إن الدعوة إلى حكومة تكنوقراط يعني إسقاط حكومة منتخبة وشرعية، ودعا إلى تشكيل حكومة ائتلاف وطني. وتؤكد تصريحات الغنوشي هذه معارضة حركة النهضة - التي تقود ائتلافا ثلاثيا يضم أيضا حزبيْ المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات - مقترح رئيس الحكومة حمادي الجبالي (وهو الأمين العام للحركة) تشكيل حكومة تكنوقراط أو كفاءات، لتجاوز أزمة التعديل الوزاري التي زادت تعقيدا عقب اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد بالرصاص في السادس من هذا الشهر بالعاصمة التونسية. وقال الغنوشي - مشيرا إلى القوى المحسوبة على النظام السابق - إنهم «يريدون العودة إلى العهد البنفسجي وإلى الحديد والنار». وأضاف أن هؤلاء «أرادوا استغلال المصائب عندما تم اغتيال المناضل شكري بلعيد، ووصل بهم الأمر إلى الدعوة لإسقاط الشرعية وحل المجلس التأسيسي». وانتخب المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر الماضي، وللنهضة 89 مقعدا فيه من مجموع 217 مقعدا. وفي الكلمة ذاتها، أدان رئيس حركة النهضة العنف بكل أشكاله، بما في ذلك الاعتداءات على مقار الأحزاب والمؤسسات وغيرها، مشددا على أن النهضة حركة ديمقراطية، ولا يمكن أن تتحول إلى دكتاتورية. وقال إنها تحترم حقوق المرأة، ولا تسعى لفرض نمط عيش بالقوة على المجتمع التونسي، مؤكدا في الأثناء رفض التونسيين أي تدخل في شؤونهم الداخلية، في إشارة إلى تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي مانوال فالس أعقبت اغتيال بلعيد، وانتقدتها الحكومة التونسية. وجاءت تصريحات الغنوشي خلال مظاهرة دعت إليها النهضة تحت شعار الوحدة الوطنية ونبذ العنف والسلم الأهلي، بينما تسير البلاد إلى الخروج من المأزق السياسي. ونقلت رويترز عن الناطق باسم الداخلية التونسية لطفي الحيدوري إن 100 ألف أو أكثر شاركوا في المظاهرة، لكن مصدرا آخر من الوزارة تحدث لاحقا عن 60 ألفا. وردد المتظاهرون أيضا هتافات ضد القوى التي يعتبرونها مناوئة للثورة، ومنها حزب «حركة نداء تونس» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي. ومن بين الهتافات التي رُددت في المظاهرة، «لا تجمع لا نداء»، في إشارة إلى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (الحاكم سابقا)، الذي يقول سياسيون إن حزب نداء تونس (المعترف به) يسعى إلى إحيائه في شكل آخر. كما ترددت هتافات تنادي بالتعجيل بإقرار قانون «تحصين الثورة»، لإبعاد رموز النظام السابق عن الحياة السياسية. وتأتي المظاهرة وسط رفض متنام من قيادات وقواعد الحركة لمبادرة رئيس الحكومة بتشكيل حكومة تكنوقراط. وقال النائب والقيادي في النهضة الحبيب اللوز - في كلمة ألقاها على المتظاهرين - إن هوية تونس العربية الإسلامية لا تقصي أيا من التيارات السياسية الأخرى. وكان الجبالي أعلن أنه تم إحراز تقدم في محادثات تشكيل الحكومة التي جرت مساء أمس في تونس، وأنه سيواصل مشاوراته الاثنين مع رؤساء الأحزاب. وقال سياسيون من الائتلاف الحاكم -الذي يضم النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات - إن المشاورات تتجه إلى تشكيل حكومة تجمع السياسيين والكفاءات، لتجاوز الأزمة.