سيواجه عدد من القادة الأكثر نفوذا في العالم مجموعة مألوفة من المشاكل العالقة أثناء اللقاء السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يحتضنه منتجع دافوس السويسري، والذي يُعقد بعد مرور عام تميز بالركود على المستويين الاقتصادي والسياسي. تسخر بعض الجهات من هذا اللقاء السنوي بحيث تعتبره مُجرد حفل كوكتيل يجمع عددا من المليونيرات الذين ينغمسون في الخطابة الفارغة. وسيتحدث صناع القرار الدوليون مُجددا في هذه الدورة الثالثة والأربعين لمنتدى دافوس عن أزمات الديون، والبطالة المتفشية، وقنابل البيئة الموقوتة، والأنشطة المالية غير المسؤولة. وقد أثار غياب إحراز أي تقدم منذ عام حزن مؤسس المنتدى، كلاوس شفاب، الذي عبر عن استيائه العميق من ميول بلدان عديدة إلى الاهتمام فقط بمصالحها الخاصة على حساب إيجاد حلول عالمية. وقال أثناء المؤتمر الصحفي الذي انعقد يوم 15 من هذا الشهر في جنيف لإطلاق المنتدى: "الواقع أننا في طريق مسدود نوعا ما وغير قادرين على تحقيق أي تقدم، آمل أن نتمكن من معالجة قضايانا العالمية بقدر أكبر من التفاؤل، وآمل أن يأتي المشاركون معا وهم يحذوهم شعور أكبر بالمسؤولية إزاء المجتمع بأكمله". عنوان لقاء دافوس لهذا العام "دينامية مرنة" هو تسمية خاطئة في حد ذاتها، حسب الفرع السويسري لمنظمة "السلام الأخضر" المدافعة عن البيئة، والتي تشارك في تقديم "جائزة عين الجمهور" في دافوس ل "أسوأ شركة هذا العام". «المخاطر العالمية» لعام 2013 حدد فريق خبراء المنتدى الاقتصادي العالمي المخاطر الخمس المحتملة التي تهدد العالم فيما يلي: (التفاوت الشديد في الدخل، الاختلالات الضريبية المزمنة ، ارتفاع معدل انبعاثات غازات الدفيئة، أزمة إمدادات المياه، سوء إدارة شيخوخة السكان). ويقول ميكاييل بومغارتنر، العضو في إدارة "السلام الأخضر ? سويسرا": "إن كلا من الحكومات والشركات يبدي مرونة كبيرة في مواجهة التغيير وقدرا ضعيفا من الدينامية الإيجابية". وتابع ضمن السياق نفسه: "إذا ما توقفت الشركات ببساطة عن خلق أكبر مشاكل العالم الاجتماعية والبيئة، فلن يتعيّن على الجهات المتبقية محاولة إيجاد حلّ لها. إن الحلول لا يمكن أن تتحقّق إلا من خلال مقاربة تنطلق من الأسفل، وعندما ترفع الناس أصواتها". على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، بدا أن العالم شهد ركودا خلال عام 2012. فعلى الرغم من ثورات الربيع العربي التي اجتاحت مؤتمر دافوس قبل عامين، لازالت توجد مشاكل ضخمة في ليبيا ومصر، وسوريا على الخصوص. وفي حين تقدم الاقتصادي العالمي بنسبة 2,3% العام الماضي، وفقا للبنك الدولي، سجل نمو الاقتصاديات الرائدة، والصين أساسا، بعض التباطؤ. وفي حين لايزال الاتحاد الأوروبي غارقا في الديون وصراع اتخاذ القرارات، تستمر المناوشات بين السياسيين في الولاياتالمتحدة بينما تتجه البلاد نحو الإفلاس. أما الفضائح المالية فواصلت انتشارها ضمن كبريات البنوك، وليس بقدر أقل في سويسرا مقارنة مع أي من باقي أنحاء العالم. وكان تقرير عن المخاطر العالمية أصدره منتدى دافوس في وقت سابق من هذا الشهر، قد سلّط الأضواء على ارتفاع مخاطر حدوث كوارث بيئية في ظل إدارة بعض الدول ظهرها للالتزامات البيئية بُغية تعزيز نموها الاقتصادي. نموذج عالمي؟ في الأثناء، ينظر البعض إلى سويسرا، بوصفها الدولة المضيفة لقمة دافوس، كمثال على كيفية مقاومة الصدمات والوقوف كجزيرة استقرار وسط اضطرابات ضخمة في كل مكان حولها. وبعد أن نجت من الأزمة العالمية والانكماش الاقتصادي بدرجة عالية من الثبات مقارنة مع معظم الاقتصادات الكبرى، يتوقع أن تنجح سويسرا في تحقيق نسبة نمو اقتصادي تناهز 1,3% هذا العام، في مقابل تراجع طفيف في منطقة اليورو. كما ينتظر أن تظل معدلات البطالة في الكنفدرالية أقل بكثير من معظم البلدان النظيرة لها. وتم وصف سويسرا بالمكان الأكثر استقرارا في العالم، في الكتاب الأخير "Antifragile"، للعلامة اللبناني الأمريكي متعدد المعارف، نسيم نيكولاس طالب، أستاذ هندسة المخاطر في جامعة نيويوركالامريكية. مع ذلك، لاتزال سويسرا تواجه العديد من المشاكل الواردة في تقرير "المخاطر العالمية" الذي أصدره منتدى دافوس. قلق ومخاوف على سبيل المثال، أدى اتساع الفوارق في الأجور إلى إطلاق مبادرة شعبية تهدف إلى الحد من الرواتب الخيالية للمدراء، والتي سيصوت عليها الناخبون السويسريون على الصعيد الوطني في شهر مارس القادم. وكان "مقياس القلق" السنوي الذي أنتجه مصرف "كريدي سويس" (ثاني أكبر بنوك البلاد) في أواخر العام الماضي، قد كشف بأن الخوف الأكبر بالنسبة للسويسريين هو فقدان وظيفتهم. كما أن استمرار الفضائح داخل مصرف "يو بي إس" (أكبر بنوك البلاد)، إلى جانب النزاعات المستمرة حول التهرب الضريبي، قد أثارا المخاوف بشأن ليونة وسرعة استجابة القطاع المالي للمتغيرات، بينما يشعر القطاع الصناعي بالقلق إزاء عواقب اعتماد قواعد أكثر صرامة من أي وقت مضى. وفي تصريحاته أمام الصحفيين في المقر الرئيسي للمنتدى الاقتصادي العالمي بضاحية كولوني القريبة من جنيف، قال المدير العام للمنتدى، لي هوفيل: "للتمكن من التعامل مع المخاطر لا بد من المجازفة، وبالتالي يجب أن يتحلى القادة بقدر أكبر من الإبتكار والجرأة". أما الرسالة الكامنة فكانت واضحة: على زعماء العالم، من سياسيين ورجال أعمال، أن يعملوا جنبا إلى جنب من أجل حل المشاكل بدلا من الاستمرار في التحرك (منفردين) دفاعا عن مصالحهم الخاصة. عن سويس أنفو رام إيتاورييا: قدرة منتدى دافوس على التأقلم ضمانُ استمراريته في كل عام، يتحول منتجع دافوس الهادئ إلى قلعة محصنة تستضيف كبار رجال السياسة والمال والأعمال في العالم. بعد أن تحول المنتدى الإقتصادي العالمي من مجرد ملتقى مصغر لمسيري مؤسسات اقتصادية غربية كبرى، إلى محفل دولي بارز لكبار قادة العالم، اضطر للإنفتاح شيئا فشيئا على حكومات دول الجنوب والإقتصاديات الصاعدة ومكونات المجتمع المدني. في الحوار التالي، يستعرض رام إيتاورييا، المراسل الإقتصادي لصحيفة «لوتون» (تصدر بالفرنسية بجنيف) في بروكسل، والخبير الذي تابع منتديات دافوس لعدة سنوات ل swissinfo.ch المراحل التي سلكها المنتدى في العشريتين الماضيتين في مسار تأقلمه مع المعطيات الدولية المتغيرة. دفعت التقلبات التي عرفها المنتدى دافوس، سواء من حيث الجهات المشاركة أو المواضيع المطروحة، المراقبين إلى وصفه ب «الحدث السياسي الإجتماعي الذي لا يريد أحد البقاء بعيدا عنه»، أو «الأداة الجديدة للدبلوماسية الدولية»، أو «أسلوبا من أساليب الإمبريالية الجديدة» في نظر المنتقدين. ما هو تقييمك أنت لمنتدى دافوس؟ أعتقد أنه كلما أتيحت الفرصة لاجتماع قادة سياسيين أو اقتصاديين من أجل الحوار، فإن ذلك يمثل خطوة جيدة. المنتدى الإقتصادي العالمي أقيم من أجل هذا الغرض. لكنه لعدة سنوات، أعطى الإنطباع بأنه مخصص بالدرجة الأولى لخدمة المؤسسات الإقتصادية، أكثر من الحكومات أو الشعوب. وما عزز ذلك الإنطباع، التواجد الكبير لكبار المسؤولين في المؤسسات الاقتصادية الذين كانوا يأتون الى منتدى دافوس، من أجل توقيع الصفقات التجارية الكبرى في الكواليس. لكن هذا الوضع عرف تغييرا، كما تفضلتم، سواء بالنسبة للمشاركين أو بالنسبة للمواضيع المطروحة للنقاش منذ عام 2001 حسب اعتقادي. وقد تزامن ذلك مع التحديات التي بدأ يواجهها منتدى دافوس على إثر تأسيس المنتدى الاجتماعي العالمي (في بورتو أليغري بالبرازيل).فمن قبل أن يكتسب المنتدى الإجتماعي شهرته العالمية، كان الأمر يقتصر على مظاهرات (معادية للمنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس) والتي كان بعضها عنيفا لدرجة الإستحواذ على اهتمام وسائل الإعلام والرأي العام. وفي ظل تعاظم تلك المظاهرات في شتى أنحاء العالم، لم يكن من السهل على المنتدى الإقتصادي العالمي بدافوس تجاهل أولويات واهتمامات ممثلي المجتمع المدني. لذلك أعتقد أن منتدى دافوس اضطر لتغيير مساره، وتحقيق بعض التطور بسبب تأثير المنتدى الإجتماعي العالمي. هل لك أن تذكر لنا بعض نجاحات أو إخفاقات هذا المنتدى الذي يتواصل منذ أكثر من 42 عاما؟ بحكم طبيعته ليس من المفروض أن تكون لأي منتدى نجاحات أو إخفاقات، لأن المنتدى هو محفل للقاء بين أفراد. وكما قلت من قبل، فإن أي لقاء بين الأفراد من أجل طرح المواضيع على طاولة النقاش، يعني استمرارية للأمل. ولا أعتقد بأن منتدى دافوس الإقتصادي العالمي قد قدّم وعودا بإدخال تعديلات على شيء من الأشياء، بل إن المشاركين هم الذين يلتقون، ويعلنون عن اتخاذ الإجراءات. أما تطبيق تلك الوعود أو عدم تطبيقها فهو ليس من اختصاص المنتدى. في مقابل ذلك، تكمن قوة منتدى من هذا القبيل في قدرته على جلب الإنتباه لهذا الصراع أو ذاك، أو لهذه المشكلة الاقتصادية أو تلك، أو لما تعرفه المجتمعات من ظواهر وتطورات. فهل استطاع منتدى دافوس لعب هذا الدور وقرع جرس الإنذار قبل فوات الأوان؟ لم يُفلح في كل الحالات، لاسيما خلال السنوات الأخيرة التي عرفت تطورات سريعة للغاية لحد أنه أصبح من المتعذر بالنسبة لغالبية الناس، وحتى للأخصائيين السياسيين والإقتصاديين، التمكن من التنبؤ بالأحداث والتغيرات قبل وقوعها، سواء في مجال التنمية أو في مجالات السياسة الدولية. أعتقد بأن العولمة، وبروز دول آسيوية، ودول ذات اقتصاد صاعد مثل البرازيل والهند، عملت على التسريع بالتغييرات لحد أنه لم يعد هناك أي طرف قادر على التكهن بما سيحدث في العالم، بما في ذلك الأممالمتحدة، وصندوق النقد الدولي، أو أي مؤسسة أخرى. لذلك لا يمكن توجيه اللّوم للمنتدى الاقتصادي العالمي وحده بكونه عجز عن التنبؤ بهذه المتغيرات. لكن هذه التوقعات صدرت عن معارضي منتدى دافوس وأنصار المنتدى الاجتماعي البديل في بورتو أليغري منذ مدة، وتبيّن مع مر الزمن أنهم كانوا محقين في جلب الانتباه إلى مخاطر أسس النظام الإقتصادي السائد. أعتقد أن المنتسبين لكلا المجموعتين، إن صح التعبير، كانوا يتحدثون عن أشياء تختلف تماما عن بعضها البعض. ولئن كانوا يتحدثون عن نفس الموضوع، فلم يتبعوا نفس المنطق. وإذا افترضنا أن المنتدى الإجتماعي العالمي كان محقا في توقعاته - وهو بالفعل كان مُحقّا في العديد من القضايا - فيجب التوضيح أيضا بأن لكل محفل أجندته الخاصة.فالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عندما كان محفلا يجمع بين ممثلي المؤسسات الإقتصادية الكبرى، سمح لهؤلاء بالإلتقاء في دافوس، وإبرام الصفقات المربحة في الكواليس. ومن منظور قادة هذه الشركات متعدّدة الجنسيات، فقد كان ذلك أمرا إيجابيا. كما أن منتدى دافوس هو المحفل الذي سمح للصينيين والهنود بالالتقاء بالأوروبيين والأمريكيين وإبرام الصفقات. ومن وجهة نظر هؤلاء، يُعتبر ما تم تحقيقه بمثابة إنجاز كبير، بحيث سمح بتطبيق أجندتهم المتمثلة في بسط العولمة، ورفع الحواجز المفروضة بوجه حرية تنقل الرساميل والأشخاص. لكن اهتمامات المنتدى الاجتماعي العالمي كانت مغايرة تماما، وقد أفلح في جلب الإنتباه إلى جملة من المشاكل التي أصبحت واضحة للعيان اليوم. هل نحن اليوم أمام مشاركة من نوع جديد في منتدى دافوس؟ يجب أن نتحدث عن تطور طبيعي. فالمنتدى الإقتصادي العالمي استطاع تقييم التطورات والتغيرات الحادثة في العالم، وعرف كيف يتأقلم مع ذلك. وبالنسبة للقضايا المطروحة، هناك بعض المواضيع التي فرضت نفسها خلال السنوات الأخيرة، وأدمجها منتدى دافوس في برنامجه. فقبل 20 عاما، لم يكن هناك ممثلون هنود أو صينيون أو برازيليون يشاركون في المنتدى الإقتصادي العالمي، لكنهم أصبحوا اليوم يلعبون دورا هاما على المستوى العالمي، لذلك من البديهي أن يوجه لهم المنتدى الدعوة للمشاركة. كما أن منتدى دافوس شرع منذ حوالي 10 سنوات في توجيه الدعوة لمشاركة ممثلي المجتمع المدني، وممثلين عن الديانات والمثقفين. وهذا تطور طبيعي، وقد تمكن المنتدى من إدماجهم بذكاء في برنامجه. ولكن ذلك لم يتم إلا تحت تأثير المنتدى البديل. فعندما نفكر فيما عُرف ب «ضريبة توبين» (المطالبة بفرض رسوم على جميع التعاملات المالية) التي كانت في بدايتها أمرا غير مقبول بالمرة بالنسبة للمشاركين في منتدى دافوس، أصبحت اليوم من مطالبات قادة دول أوروبية داخل المنتدى؟ إذا كان منتدى دافوس قد أدمج في برنامجه بعض القضايا التي أثارها ممثلو المجتمع المدني منذ مدة، فهذا أمر يجب أن يُفرحنا. صحيح أن هذه الضريبة عارضتها الحكومات الغربية والمؤسسات الإقتصادية والمالية بالخصوص، لكن إذا ما تمكنا، بعد سنوات من الشرح والتوضيح من قبول هذه الضريبة، بشكل من الأشكال، فهذا أمر يجب أن نرحب به. ولكنني لا أعتقد بأنه يجب أن نصنف ذلك على أنه إنجاز لهذا وإخفاق لذاك، بل إن هذه هي الطريقة التي يسير عليها العالم، إذ هناك مواضيع قد تستغرق عدة سنوات لكي تصبح من بين الأفكار المتداولة، وبالتالي أن تحظى بالأولوية. ينبغي أن نتذكر بأن موضوع حماية البيئة لم يكن قبل عشرين سنة يحظى بالمكانة التي يحتلها اليوم، وقد كانت المؤسسات الاقتصادية تعتبرها قضية هامشية وغير جدية. أما اليوم، فقد أصبحت هذه المؤسسات نفسها تعتبر قضايا حماية البيئة من القضايا المهمة، ومن القطاعات التي قد تحقق من ورائها أرباحا طائلة، لذلك أدمجتها بذكاء في برامجها. نفس الشيء يمكن قوله عن حقوق الإنسان التي كانت قبل عشرين سنة موضوعا مهمشا، والذي تحول اليوم إلى قسم هام من نشاطات الأممالمتحدة. جاء انفتاح المنتدى على منظمات المجتمع المدني تحت الضغط، وبطريقة تسمح له بمواصلة الإشراف على هذه المشاركة المشروطة ضمن فعاليات اجتماعه السنوي. هل اختيار المنتدى التركيز في دورة هذا العام على مواضيع اجتماعية، وفي مقدمتها الرعاية الصحية، وتوزيع الثروات، والبيئة، بدل المواضيع الاقتصادية والمالية التقليدية، بمثابة دليل ضعف قدرته على التأثير في الميادين التقليدية؟ لا أعتقد ذلك، بل ما أعتقده هو أن هذه القضايا أصبحت اليوم من المواضيع التي تفرض نفسها. أكيد أن آخرين (مثل المنتدى البديل) قرعوا جرس الإنذار منذ مدة بهذا الخصوص. ولكن اليوم، أصبحت تلك القضايا واقعا ملموسا، إذ أن الفوارق بين الدول وبين الأفراد في نفس المجتمع عرفت ارتفاعا كبيرا بسبب الأزمة المالية والإقتصادية التي مست بالدرجة الأولى الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة. فهذه المسائل هي مواضيع دولية، ولكنها أصبحت مواضيع أوروبية وأمريكية أيضا. الإتحاد الأوروبي أصدر مؤخرا تقريرا يقول فيه بأن الفوارق بين شمال القارة وجنوبها، وبين العمال العاملين والعاطلين في نفس المجتمع تزداد عمقا. لذلك فإن هذه الفوارق المختلفة والبرامج الإجتماعية ستحتل الصدارة خلال السنوات القادمة. هل تعتقد أن مستقبل المنتدى مضمون بسبب هذه القدرة على التأقلم؟ وهل يمكن أن تقوده إلى حد الإندماج يوما ما مع المنتدى الإجتماعي العالمي؟ أكيد أن المشرفين على المنتدى الاقتصادي العالمي تجاهلوا لمدة بعض المشاكل التي تحدثنا عنها آنفا. غير أن تجاهل المشاكل قد يستمر لفترة معينة، ولكن ليس بشكل دائم. ومستقبل منتدى دافوس مضمون بسبب هذه القدرة على التأقلم. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه يجب توقع حدوث اندماج في يوم من الأيام بين التظاهرتين. فالمنتدى الإجتماعي العالمي فقد من بريقه وتراجع منذ مدة. ولئن تواصل تنظيم بعض التظاهرات، فإن ذلك يختلف كلية عما كان يتم في بداية عام 2000. فالعالم يشهد اليوم عقد العديد من المنتديات، ولكل ملتقى جمهوره وأفكاره ومواضيعه. ومن صالح العالم أن تستمر هذه المحافل، على اختلافها، في استقبال الناس لمناقشة مواضيع الساعة، وللتعبير عن آرائهم فيها.