في خطوة غير مسبوقة، وتعيدنا إلى زمن التحكم، قرر وزير العدل مصطفى الرميد إقصاء النقابة الديمقراطية للعدل العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل من المشاركة في برنامج «مباشرة معكم» بالقناة الثانية، الذي بث يوم الأربعاء الماضي، وخصصت حلقته لموضوع: »انتظارات المواطنين من مسلسل إصلاح القضاء«. القرار الخطير ينم عن عقلية تحكمية، للأسف، خضعت لها إدارة القناة الثانية، رغم الاتفاق المبدئي والنهائي الذي أعلن عنه عبد الصادق السعيدي للمشاركة في هذا البرنامج، والتزامه بعدم إثارة أي موضوع يتعلق بالتوتر الحاصل بين النقابة والوزارة، إلا أن ضغوطات الوزير مصطفى الرميد الذي تحول أيضاً إلى وزير الاتصال، وفرض رأيه الإقصائي على إدارة القناة الثانية، أعطت أكلها. وبذلك نكون أمام سابقة خطيرة، تطرح السؤال من جديد حول الشعارات المرفوعة في مغرب اليوم حول الديمقراطية والتغيير، وما إلى ذلك من شعارات تدغدغ العواطف، ولا تعني شيئاً على أرض الواقع. لكن الرسالة الموجهة إلى السعيدي من طرف إدارة القناة الثانية، وإن أكدت أن سبب الإقصاء يعود إلى الجو المشحون بين النقابة ووزارة العدل، ومن شأن ذلك، التأثير سلباً على البرنامج، وسيحوله إلى منبر لتصفية الحسابات بين بعض أطراف النقاش، لم تفصح الرسالة عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الإقصاء غير المسبوق، في حين أبقت الادارة على الطرف الثاني في هذه المعادلة حاضراً في البرنامج، سواء من خلال الوزير مصطفى الرميد أو ممثلين عن وزارته. أكيد أن ما حدث مؤشر واضح على ما يجري ويرتب له في مغرب اليوم، من إرادة للتحكم في الأنفاس وفي مجريات النقاش، ويعري بالملموس الشعارات المرفوعة من طرف الحزب الأغلبي، الذي بعد التشكيك في الأشخاص والمؤسسات ترتفع سرعة قراراته، للتحكم في قناة عمومية يمولها الشعب المغربي من ضرائبه، ويضرب التعددية في الصميم. إننا أمام مؤشرات خطيرة، تستدعي من كل القوى الديمقراطية التصدي إلى هذا المخطط الجهنمي، الذي يريد حزب العدالة والتنمية ومعه القوى المحافظة من خلاله، إحكام قبضته على المؤسسات وعلى النقاش العمومي.