إذا كانت وزارة التربية الوطنية قد اعتمدت مصلحة البنايات في جميع النيابات من أجل الإشراف على كل عمليات البناء من بدايتها الى نهايتها، ومراقبة وتتبع الاصلاحات والترميمات التي تستفيد منها المؤسسات التعليمية، الهدف منها هو تأهيل المدرسة العمومية وصيانة المال العام. وإذا كان ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه الدستور الجديد الغاية منه هو عدم الإفلات من العقاب، لأن الإفلات من العقاب يصبح خطرا على البلاد لما يتعلق الأمر بإفساد مرفق من المرافق الحيوية والتلاعب بالمال العام، فإن الأمر غير مستقيم بجهة دكالة-عبدة لذلك كنا دائما كنقابة وطنية للتعليم، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، واعين بهذه الخطورة ونطرح في لقاءاتنا سواء مع مديري الأكاديمية أو مع النواب الاقليميين مختلف، التجاوزات التي تقع على مستوى البنايات. كما كنا نؤكد باستمرار على أن المهندسين والمقاولين مسؤولون بالدرجة الأولى عن تدهور البنية التحتية للمؤسسات التعليمية. حجتنا في ذلك هو أن كل الميزانيات المرصودة لا توازي أبدا لا حجم الإصلاحات التي تمت و لا قيمة الإحداثيات التي أنجزت. فأي ملاحظ خارجي (observateur de l?exterieur ) يمكنه ان يسجل بسهولة الإصلاحات المغشوشة والترميمات الوهمية التي ألصقت زورا بالعديد من المؤسسات بالجهة في مقدمتها ثانوية الهداية الاسلامية بأسفي وثانوية كشكاط باليوسفية وثانوية ابن خلدون بالجديدة.....الخ. أما المؤسسات المحدثة فيكفي أن نعطي نموذجا صارخا يوضح مستوى الاستهتار بالمدرسة العمومية وروادها. إنها ثانوية الجاحظ بحد حرارة التي توقف بناؤها قبل أن تكتمل !! يشتغل الأساتذة لحد الأن بدون كهرباء وبدون ماء وبدون مراحيض، ومن أراد أن يقضي حاجته يلجأ الى محطة الوقود المجاورة!!. يقع هذا بعد انقضاء ثلاث سنوات المخصصة للبرنامج الاستعجالي وبعد تبديد أكثر من أربعين مليار درهم المرصودة له من أجل تسريع وتيرة الاصلاح. فعلى من تقع المسؤولية إذن، على المهندسين أم على المقاولين أم على جهات أخرى، لابد أن يتم تحديد المسؤولية، لأن الأمر يتعلق بإفساد المدرسة العمومية وفضاءاتها و مرافقها، والنتيجة هي تكديس التلاميذ( 50 تلميذا) في الحجرة الواحدة واستمرار الهدر المدرسي, لا سيما بالنسبة للفتاة القروية وتعطيل الجودة المنشودة. نقدم هنا بعض الأسباب التي نعتبرها في رأينا هي أساس الفساد الذي ساد المدرسة العمومية : 1 - عدم احترام مساطر الصفقات : منها عدم احترام مدة الانجاز بالنسبة لجميع الاحداثات، وعدم تتبع الأشغال طبقا لدفتر التحملات, الأمر الذي ينتج عنه الغش في البناء والتجهيز، ثم عدم احترام تواريخ اجتماعات الأطراف المعنية المنصوص عليها في دفاتر التحملات، إضافة إلى إصدار الأوامر بالخدمة (les ordres de services) بدون مبرر حقيقي مما يتسبب مباشرة في تعطيل الانجاز واللجوء الى الجزاءات لسبب في نفس المهندسين والمقاولين معا !! هذا الاجراء يؤدي في غالب الأحيان الى فسخ الصفقة، الأمر الذي يتضرر معه الجميع الادارة والمقاولة: تضيع الاعتمادات ويضيع الوقت ويتعثر السير العادي للدراسة. أما إعادة إبرام الصفقة من جديد فتترتب عنها الزيادة في قيمة الصفقة لمتابعة الأشغال وتؤثر سلبا على المقاولة أيضا. 2 - الاستهتار بالمسؤولية : منها على سبيل المثال لا الحصر غياب مكتب الدراسات والمراقبة عن سير الأشغال وغياب المختبرات المفروض فيها تقديم تقارير مفصلة عن الأشغال من بدايتها الى نهايتها، سواء تعلق الأمر بالإصلاح أو الاحداث. زد على ذلك الغياب التام للمهندس المعماري عن الأوراش ،ناهيك عن صرف تسبيقات الأداء بدون سبب معقول وكذا التجاوز في المبالغ والتوقيع المشبوه للصفقات (عن طريق التفويض أثناء العطل!!). أما المقاولات فرغم تعرضها للابتزاز في الكثير من الأحيان فإن مسؤوليتها في الاساءة للمدرسة العمومية ثابتة وبادية للعيان. لهذه الأسباب وغيرها تطالب النقابة وزير التربية الوطنية بإجراء البحث والتقصي في موضوع الاحداثات والاصلاحات والترميمات والتجهيزات التي أريد لها أن تسيء الى مؤسسات التعليم بجهة دكالة-عبدة، والعمل على تقديم كل المخلين بالمسؤولية والمبددين للمال العام الى القضاء، وعدم الاكتفاء بالإعفاء من المهام بالنسبة للموظفين والطرد من الصفقات بالنسبة للمقاولين، لأن الدستور الجديد يربط المسؤولية بالمحاسبة والمعاقبة ولا يربطها فقط بالإعفاء والطرد.