تعززت صفوف النادي النسوي التقدمي الحداثي المدافع عن حقوق كاملة للمرأة بمنخرط جديد يدعى الأستاذ بنكيران ؛ المنخرط الجديد في المذهب النسوي خاص جداً، قادم من المعسكر المقابل بعد رحلة شاقة مع المفاهيم والقراءات وبعد تصفية إرث مناهضة الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ، الماضي الثقيل جداً في عداء ممنهج لحقوق النساء ، لا شك أن تعب وقفة 12 مارس 2000 بالدارالبيضاء؛ ومشاق ترتيب الوفود الممنوحة المتدفقة ذلك اليوم ؛ لازال يثقل خطوات حليف النساء الجديد كما يثقل لغته ويبعثر ترانيمه وينشز فصاحته ؛ صديق النساء مبتدئ في مهنة الدفاع عنهن ؛فهو لا يكاد يرتجل دوره النسوي الرقيق حتى تتغول من داخل العبارات خشونة الذكورية وترشح من بين الوصلة والأخرى نغمة متمردة تحمل بعض دواخل الفؤاد من قوامة وولاية وسيادية وكل مسميات التراتبية الظالمة. رئيس حكومة البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو لمناهضة كل أشكال التمييز ضد النساء لا زال يرى في الزوجات مشرفات على خدمة الأزواج والأطفال وعائلة الزوج وجيرانه ؛ ولم يفلح في أن يبدع تصوراً لعلاقة مودة ورحمة بين مخلوقين متساويين ، كرر النسوي الملتحق مؤخراً بالصف ؛تصورات ظريفة تقليدية للمجتمع الذي يدبره بالعطف ؛ فهو لايزال يؤمن بالأسرة التي تحترق فيها النساء وحيدات في بنيات أسرية معقدة ووسائل حياة معولمة متدافعة؛ ولازال يعتقد في وضع الزوج الغائب الذي لا يعرف عن رعيته إلا أسماءهم وكميات متطلباتهم في أحسن الأحوال؛ ويقول بوضع الزوج «الزائر « حسب تعبير السيد رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية التي موضوعها حقوق النساء والعنف ضدهن ؛ متناسياً مسؤوليته السياسية والدستورية في تطوير أوضاع غير متوازنة تتحمل فيها النساء كل المسؤوليات بمباركة العقليات وفقه الصدف والسماعية؛متجاهلا مسؤوليته التأطيرية تجاه المجتمعات التي تنتظر من الهيئات السياسية مشاريع مجتمعية متكاملة واضحة قابلة للإستيعاب وباعثة على الارتقاء والتحسن ؛الأستاذ بنكيران مازال يشتاق لأيام سالفة كانت تحترق فيها النساء لصالح الحياة ؛ وتذبل فيها الزوجات والأمهات في علاقات مضنية غير متكافئة ؛ تسيد الذكور وتستحل أجساد النساء وأرواحهن ومتاعهن وتسترخص حقوقهن لصالح نزوات المزاج؛ ولا تخجل من وضع الضغط والتغييب والتجهيل والقهر والعنف. رئيس الحكومة المغربية لا يأخذ قضية العنف ضد النساء مأخذ الجد, حيث انفلتت رسائل التخوين من بين ثنايا خطابه في جزئه المرتجل الذي يعبر بصدق عن نوايا وأفكار رئيس الحكومة المحترم ؛فقام بتوجيه طعنات من الخلف إلى أكثر من أربع عشرة سنة من العمل المضني من أجل تصديع قلاع السكوت عن العنف التي خلخلتها نتائج المسح الوطني ؛ مامعنى أن يكذب الأستاذ بنكيران نتائجه ولا يصدق احصاءاته ؛ وبالتالي لا يقدر حجم الظاهرة ولن يستجيب لطلبات الاستنجاد والإغاثة التي تطلقها أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي طالما أسس عليها طروحاته خلال الأيام الخوالي في معارضة كل شيء ؛ لم تفلح على مايبدو خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف في المستشفيات ولا اكتظاظ خلايا المحاكم ومخافر الشرطة والدرك بحالات العنف ضد النساء ؛ ولم تقنعه النسب التصاعدية للعنف والجرائم التي تتقدم لائحة الظواهر المقلقة في المجتمع المغربي والتي تجزم الدراسات أنها وليدة مختلف أشكال العنف الممارس ضد النساء في المنزل والعمل والشارع وفي الفضائيات ومع الاعلامي أحمد منصور في برنامج بلا حدود. الهاجس الانتخابوي في تناول أول رئيس لحكومة مغربية ؛ يجعله يقتنص الجلسة الشهرية المخصصة للمساءلة حول السياسات العمومية؛ كما تصورها المشرع من أجل دغدغة بسيطة وانتصارات صغيرة جداً؛ لا تتعدى رسائل النوايا الطيبة وصكوك حسن السيرة وبرامج «قدر المستطاع»؛ وتوصيات غير ملزمة للوزراء ومواد دسمة لقناة نسمة المغاربية ؛ وبعض التصفيقات وأرقام مغرية لنسب المشاهدة. مؤسف أن يتراجع رئيس الحكومة المغربية عن موقف من استشراء العنف ؛أقره وأكده وتأسف وذرف كثيراً من عبارات الحزن والألم خلال الندوة الإقليمية التي نظمتها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية بشراكة مع مجلس أوروبا ؛ ونشرت كل المنابر الإعلامية أسف رئيس الحكومة وعزمه عقد الإرادة من أجل حماية النساء ضحايا العنف ؛ أمام ممثل مجلس أوروبا ؛ فهل يجب أن نستخرج بطاقة إقامة أو عضوية مجلس النواب لممثل مجلس أوروبا عساه يثق رئيس الحكومة في أرقام المسح الوطني وفي هشاشة الحماية القانونية، لم نكن لنأخذ كل مايقوله رئيس الحكومة خلال جلسة المسألة الشهرية مأخذ الالتزام أو القرار فيما يتعلق بهذا الموضوع ؛ لولا بوادر التراجع وفك التعاقد الذي عبر عنه حارس الأختام وزير العدل والحريات خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته في مجلس النواب حين ساءلته بعض النائبات عن غياب قانون مناهضة العنف من مخططه التشريعي؛ فأشارعليهن الحقوقي أنه لا يعتبره ذي راهنية ؛ كما لا يعتبر رئيس الحكومة تزويج القاصرات تعطيلا لآليات النمو وتكافؤ الفرص ويتسلل عبره موضوع تأخر سن الزواج لينجز ربطه الغريب بين حل تزويج القاصرات ومعضلة ارتفاع سن الزواج عند الفتيات؛ لعله يهيئ لا قتراح فتح باب التعدد أو تشجيع ماركات الزواج المستوردة من بلدان محاربة الاختلاط؛ التي لا تعاني من وباء التقدمية والحداثة اللذين يعتبرهما الأستاذ بنكيران من أسباب العنف في المجتمعات الغربية ؛ وهنا يمكن أن نتلمس بصيصاً من الفهم لخلفية الأستاذ بنكيران ؛ فالرجل يريد أن يربط استشراء العنف في المجتمعات الغربية بحجم الحقوق والحريات التي تتمتع بها النساء هناك وبالتالي يحقق المعادلة البسيطة التي لا يملك أن لا يصبو إليها والمتعلقة بالخصوصية والحمولة القيمية المرتبطة بقراءة ناديه المرجعي للدين ؛ وانتفاء حاجة مجتمعاتنا إلى حقوق وحريات النساء ولم لا إلى غياب دواعي الارتباط -بسيئة الذكر -منظومة حقوق الانسان ؛فقد وجه رئيس الحكومة المحترم رسالته المباشرة إلى المجتمع المدني والهيئات السياسية بعدم استيراد الانشغالات والجري وراء مشاكل صغيرة وغير مهمة مثل تعنيف أكثر من ثلثي النساء المغربيات. لا أعتقد أن مؤلف الحكاية العالمية : ذات الرداء الأحمر كان يقصد الذئب الذي يخشاه الأطفال وتخشاه الخرفان ويخشى هو -من جبنه -الأطفال والخرفان ؛مبدعها كان يقصد أن يتختل الغدر في ثوب الوفاء ؛ وأن يتخفى الباطل في رداء الحق ؛ وأن يتدثر الدهاء بثوب الثقة؛ وأن يلبس الجوار عباءة الخديعة ؛ مبدع هذه الصورة يلوك وجع المؤامرة ويزفرنفس الخذلان ويحذر عبر الحكايات من أن تثق ذات الرداء الأحمر في وعود البرنامج الحكومي المنير.