«من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي للقوات الشعبية» ?de l?usfp. A l?usfdp ? تهدف هذه الورقة المتواضعة إلى المساهمة في النقاش الايجابي الدائر بين مناضلات ومناضلي الاتحاد الاشتراكي في أفق انعقاد المؤتمر الوطني التاسع باعتباره أعلى هيأة مقررة وموجهة في السياسة الحزبية للأربع سنوات المقبلة من الزمان الحزبي، ينبغي أن نتحلى بالكثير من الجرأة والشجاعة لنذهب مباشرة إلى الداء الذي ينخر حزبنا ويكاد يعصف مما تبقى من رصيده التاريخي الشعبي وحضوره كفاعل مؤثر على الساحة الوطنية ، سيكون من نافل القول الخوض في النقاشات والقضايا الشائعة والمتداولة لما يقرب من أربعة عقود حول جدلية الصراع والمهادنة بين الكيان الحزبي الاتحادي وبين الدولة المخزنية والملكية العريقة التي ضمنت عبر مسارها التاريخي الفريد استمرارا وإجماعا بل وحتمية في الوجود كضرورة اجتماعية-ثقافية.فإذا كان تحليلنا وإطلالنا على ماضينا القريب ضرورة معرفية تسمح لنا بتفكيك مختلف العوائق التي حالت دون ترجمة قوتنا ومشروعيتنا التاريخية والتنظيمية إلى نجاح على مستوى انجاز المشروع، فإن الإغراق في هذا الماضي سيشل من حركيتنا ويجعلنا نعيش اغترابا قاتلا ونوستالجيا, بل و أوهاما نرجسية معيقة لوثبتنا الكبرى التي يأملها الجميع ، مايهم في هذه المرحلة المفصلية ليس الإغراق في التنظير والبحث المغلوط عن الهوية, بل كيف نجعل من نظرياتنا السياسية و من تنظراتنا و نصوصنا المؤسسة التي أغنت القاموس السياسي الوطني في مراحل تاريخية عرفت صداما و صراعا مع الأجهزة الاديولوجية و القمعية للدولة , أدوات للعمل و إجراءات عملية تطبيقية لهويتنا أولا كحزب ديموقراطي اشتراكي (حيث لم يعد أحد يشكك في روح هذه الهوية). و ثانيا في تفعيل استراتيجتنا المرتبطة بمشروعنا المجتمعي المنفتح على المتغيرات و التحولات السوسيو-اقتصادية التي عرفها المجتمع المغربي في العقود الأخيرة بسلبياتها و ايجابيتها الذات الاتحادية : لقد شكل النقد الذاتي لأخطائنا و قصورنا و زلاتنا أهم عامل من العوامل الثورية في سيرورتنا التاريخية عبر الأجيال من خلال جدلية الوصل و الفصل أو الاستمرارية و القطائع بما اعتبر هذا النقد الذاتي كمدخل للمحاسبة و المساءلة الحزبية التي تحمي التنظيم كما تحمي المناضلين و تقوي آليات التماسك و التعاضد بين المناضلين . و مارسنا بحق أشكالا متقدمة من تعايش للأفكار و التصورات ضمن مفهوم راق للوحدة في إطار من التعدد و الاختلاف . فمنذ الأخطاء الثلاثة الكبرى للحركة الوطنية كما استخلصها و حللها الشهيد المهدي بنبركة مرورا بالمذكرة التنظيمية للشهيد عمر بنجلون إلى المؤتمر الاستثنائي و التقرير الإيديولوجي المقدم ضمن هذا المؤتمر إلى مختلف الاوراق و المذكرات التي وقفت في كل مرحلة من مراحل حياتنا النضالية على بعض السلوكات و الانحرافات التي طالت الجسم الاتحادي: فقد شكل الاتحاد استثناء مغربيا و عربيا حقيقيا باعتباره حركة اشتراكية ديمقراطية تنتمي إلى دولة نصنفها ضمن الدول المختلفة أو السائرة في طريق النمو , و تنهج إستراتيجية النضال الديمقراطي و تبتغي تثوير و تحويل أسس الدولة المخزنية التقليدية إلى سلطة تقوم على الشرعية الدستورية و الديموقراطية في ظل ملكية لم يعد أحد يطعن في شرعيتها التاريخية أو العقدية . بعبارة موجزة انتقلنا من حركة ثورية أو شبه ثورية و صدامية إلى حركة سياسية ديموقراطية و تقدمية تؤمن بمبدأ اشتراكي حداثي ووطني و بملكية برلمانية . تصبح الدولة فيها فوق الأحزاب و الطبقات و يسود الملك فيها و لا يحكم . كما جاء في البيان الشهير للمؤتمر الوطني الثالث . ورغم وعينا بالتباين و الاختلال في موازين القوى بيننا كحركة اجتماعية سياسية مدنية , و بين الدولة المخزنية بكل إمكانياتها المادية و الاديولوجية . فقد انخرطنا في التعبير عن رؤانا و تصوراتنا السياسية والاجتماعية و الاقتصادية في أدنى خلية مؤسسية و هي الجماعة إلى أعلى مؤسسة دستورية و هو البرلمان . و مارسنا المعارضة السياسية الايجابية و الصادقة في كل أبعادها و أهدافها و كنا مدرسة سياسية بكل المواصفات و الأعراف الثقافية الذاتية , وهذا باعتراف الخصوم قبل الأصدقاء و كل هذه المسارات و المتغيرات أفضت بنا في نهاية المطاف إلى تحمل المسؤولية التاريخية فيما عرف بمرحلة حكومة التناوب التوافقي المنبثقة إلى حد ما عن انتخابات قيل فيها الشئ الكثير,بالرغم من أنها قد انصفتنا كحزب معارض و يحمل مشروعا مجتمعيا مغايرا أو متجاوزا للمشروع المخزني الدولتي ( إن كان له مشروع ) . و خلال هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا الحزبي و النضالي تعرض كياننا و مشروعنا لهزات تنظيمية و لانعطافات سياسية سلبية كادت تعصف به في الكثير من المحطات و المواقف. و تراجعنا كقوى سياسية مؤثرة و فاعلة في الحياة السياسية للبلاد سنوات إلى الخلف و حدثت الردة في صفوفنا وإدانة و عقاب صارم من طرف قواعدنا و مناضلينا و قواتنا الشعبية : منها العقاب الصامت و الناكص إلى الوراء , و منها الادانة الصريحة المعبرة عن مواقف إما عاطفية أو انتقادات حاملة لنصيب كبير من الصدقية و المعقولية النابعة من الغيرة و من الخوف على ضياع هذا التراث النضالي الفذ لحزبنا و لقواتنا الشعبية . و من دون الدخول في تفاصيل المرحلة و في دقائقها الصادمة و المثيرة للحسرة و الالم , يمكن استنتاج و استيضاح ما يلي : إن انخراطنا في عملية الانتقال الديموقراطي و التناوب التوافقي لسنة 1998 كان عملا جريئا و مفصليا في تاريخنا السياسي و في علاقتنا التاريخية الصدامية مع الدولة و مختلف أجهزتها القمعية . لقد كانت هذه الخطوة السياسية الشجاعة قيمة مضافة لمبدأ المصالحة و التصالح بين مشروعين بديا منذ 56 أو بالضبط منذ 59 و كأنهما على طرفي نقيض و غير قابلين للتعايش فوق أرض المغرب و تحت سماء هذه الدولة . ورغم مصادقتنا على دستور 96 حيث اعتبرناه متقدما من حيث بعض مضامينها التي تشي بالخطوة الأولى في مسار إقرار دستور ديموقراطي حقيقي, فإن العملية برمتها كانت تفتقر إلى الأسس القانونية و الدستورية لحمايتها و تأصيلها. و كما حدث في كثير من الانتقالات الديموقراطية و في وضعيات دولتية مختلفة, فإن هذا الانتقال فرض على حزبنا التحالف مع قوى محافظة أو ذات توجه إداري مخزني أولا للحصول على أغلبية برلمانية حقيقية و ثانيا للتأسيس لمرحلة الانفتاح و التعايش و المصالحات الوطنية الكبرى . و نعرف المآل الذي انتهت إليه هذه التجربة السياسية الفذة و التي كان لحزبنا شرف قيادتها دفعا للسكتة القلبية التي كانت بلادنا مقبلة عليها. و ككل عمل إنساني و خاصة العمل السياسي يحمل الايجابيات كما يحمل النواقص و السلبيات . و قد كانت لأخينا عبد الرحمان اليوسفي الشجاعة الكافية لتشريح هذه التجربة و تبيان نواقصها و المتمثل أساسا في الشق السياسي الدستوري الذي يعيق كل إمكانية للحكم و التسيير من طرف الجهاز التنفيذي الذي لا يمتلك سوى جزء يسير من السلطة الادارية الحقيقية . و كان الخروج عن المنهجية الديمقراطية آخر مسمار دق في نعش التناوب و الانتقال الديمقراطي . و كذات حزبية يمكن القول و هذا معروف في نصوصنا التي أعقبت هذه المرحلة التراجعية، بأن انتظارات المناضلين و الجماهير التي ساندتنا طيلة مراحل النضال و المعارضة كانت أكبر من الإمكانات المتاحة على مستوى ثورتنا المادية الاقتصادية و المالية. فغابت العقلانية و حضرت المطلبيات الفئوية المصلحية الضيقة. في المقابل ترسخت في وعي المناضلين ثقافة المعارضة و غابت ثقافة التسيير و التدبير و النظرة الإستراتيجية البعيدة المدى . أما الصورة السلبية الأخرى و التي تركت آثارا مدمرة لدى فئات حزبية و جماهيرية عريضة هي التناحر و التسابق بين المناضلين و الأطر الحزبية على المناصب و الكراسي و الاستفادة القصوى من الريع السياسي للدولة . و كما يحدث في المعارك العسكرية أثناء الحروب حيث تفرز هذه المعارك الضباط و الجنود الذين يستحقون حملة نياشينهم عن أولائك المزورين . كذلك حدث داخل حزبين فحمل المسؤولية أفرز مناضلين و أطرا استحقوا شرف الانتماء إلى مبادئ الحزب و البعض منهم فشل عند أول امتحان. - إن الظاهرة التي يجب أن نتأملها جيدا في هذه المرحلة و أن نعي دروسها و نستلهمها جيدا هي هذا الفائض من التشتت و الانشقاق و التمرد و التنكر للحزب لدى بعض المناضلين و الأطر بمناسبة أي استحقاق سواء أكان تمثيليا انتخابيا أو تنظيميا داخليا، و سيكون من باب التكرار تعداد تلك المحطات الكثيرة التي فقد فيها الحزب جزءا من مناضليه و قواعده و بالتالي السير نحو الضعف و الانحسار في هذه المنطقة أو تلك ، تعلق الأمر بالشبيبة أو النقابة أو بمجموعة من القطاعات و المتعاطفين فرادى و جماعات ، و إذا كانت بعض الانشقاقات يمكن تفهمها في لحظة حزبية معينة ، كنتيجة لاستحالة الفرز أو الحسم في بعض النقاشات أو التصورات الفكرية و المذهبية حول خط الحزب السياسي و إستراتيجيته النضالية، فإن البعض من هذه الانشقاقات لا يمكن فهمها أو حتى تصورها إلا كفعل أو رد فعل سلبي تجاه الحزب كفاعل جمعي ووعي جماعي يخضع للسيرورات الداخلية كما يخضع للتأثيرات المجتمعية الخارجية، و ما يسري على حزبنا ينطبق كذلك على جل التنظيمات السيارية و الإجماعية الأخرى . لا شك أن الحسابات و العوامل الذاتية الشخصية تتدخل بعنف و بمكر و في كثير من الأحيان بلا وعي فتعطي لعملية الانشقاق نوعا من المشروعية الذاتية أو الخلاص النفسي-السياسي السهل و المريح - و لكن و هذا هو المؤسف - الغير المجدي أو النافع ، و قد أفردت كثير من الدراسات السياسية الأكاديمية منها أو الصحفية جزءا من تحاليلها لهذه الظاهرة السلبية التي انطبعت عند اليسار بالخصوص و قد بينت بالأرقام الانتخابية مدى فداحة هذا التشتت و تأثيره السلبي على العملية الانتخابية الخاصة بتنظيمات اليسار آخرها مقالة للأخ محمد معن المنشورة بجريدة الاتحاد الإشتراكي ، حيث وضح بالمعطيات الرقمية و في هذه الظرفية المتسمة بطغيان المد المحافظ و الشعبوي و في ظل ابتعاد و استنكاف جزء كبير من المتعاطفين مع اليسار عن المشاركة في العملية الانتخابية ، أن تجميع الأرقام المحصل عليها من طرف تنظيمات اليسار يعطيه قصب السبق على كل التشكيلات السياسية المتواجدة في الساحة و يضعه في نفس الرتبة مع الحزب الأصولي ذي الإيديولوجيا الإسلاموية وفي ظل تصاعد المد التقليداني و السلفي المتخلف و الرجعي، فإن بقاء تنظيمات اليسار على هذا النهج و إدعاء الاستعصاء على مستوى التجميع و التوحيد سيكون كارتيا بالنسبة لليسار و بالنسبة للعملية الديموقراطية التحديثية ككل ، و التي انخرط فيها المغرب بعد الحركة الاحتجاجية ل 20 فبراير التي دفعت إلى جانب عوامل أخرى النظام المغربي إلى إحداث نقلة نوعية على مستوى دمقرطة الدولة المخزنية مع دستور 2011. - لقد أبدعنا خلال مسيرتنا النضالية الرائعة قاموسا سياسيا مجددا كما أنتجنا نصوصا سياسيا تأسيسية في مجال التحديث السياسي في مواجهة المد المخزني المحافظ و ايديولوجيته التقليدية و أثبتنا القدرة على التعامل العقلاني و الحداثي مع التطورات و التحولات التي مر منها المجتمع المغربي عبر تحليل بنياته السوسيو-اقتصادية و العلاقات المجتمعية أو التشكيلات الفئوية و الطبقية و كذا مجموعة من المظاهر و الظواهر الاجتماعية السلبية نتيجة لإفرازات نظام الريع و التحكم في الثروة و تسخير جهاز الدولة لترسيخ هذا الواقع و تسويقه ايديولجيا عبر مختلف الأجهزة الإيديولوجية للدولة المخزنية التسلطية الضامنة للتراتبية التقليدية و التفاوتات الاجتماعية و الاقتصادية الصارخة و بعد أن تبنينا إستراتيجية النضال الديموقراطي اتجه نضالنا في مسارين : مسار المطالبة بدمقرطة الدولة و تحولها إلى دولة الحق و القانون ، و مسار دمقرطة الحزب و انفتاحه على أوسع الفئات الشعبية الطامحة للتغيير و الاستفادة من خيرات البلاد ، و هنا كان لزاما على العقل الجمعي لحزبنا أن يطور هويته و قوانينه الداخلية و آلياته التنظيمية لمسايرة الركب الديمقراطي العالمي و حركية الانتقال و التحول الديموقراطيين للدولة المغربية فكانت هويتنا الديموقراطية الاشتراكية أهم تراكم نظري فكري و سياسي ولج بنا إلى العالم الرحب للحداثة السياسية و للفكر الديموقراطي الاشتراكي العالمي ، و من ثم نعتبر بأن الإلحاح حاليا و نحن بصدد التهيئ للمؤتر الوطني التاسع على الهوية أو أزمة هوية هو من باب التغطية على عدم قدرتنا على مواجهة أزماتنا الحقيقية المتمثلة أساسا في تعطل قدرتنا على الفعل النضالي في المجتمع و في تشتت طاقتنا و في زياحه و هروب جزء كبير من قواتنا الشعبية إلى جهات أخرى و رفضها للمشاركة أو التآزر. مشكلتنا الرئيسية اليوم هي كيف نعيد تجسير الهوة التي أصبحت تفصلنا عن مناضلينا و عن المتعاطفين معنا و الرافضين للعودة و الالتحام من جديد مع حزبهم و برامجه و مواقفه النضالية ، معضلتنا الأساسية تكمن في كيفية إبداع منهجية عمل جديدة بمناضلين و أطر ما تزال لهم مصداقيتهم الحزبية و النضالية و قادرين على لم هذا الشتات الحزبي الفاجع استعدادا للوثبة الحزبية الجديدة الكبرى. - 2- من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى الاتحاد الاشتراكي الديموقراطي للقوات الشعبية «de l'usfp. A l'usfdp » في العديد من اللقاءات التي تمت بين قياديين من حزبنا و تنظيمات اتحادية يسارية أو يسارية ديموقراطية كانت تطرح مشكلة الإسم أو التسمية الحالية لحزب الاتحاد الاشتراكي . و بعض الإخوة المنتمين حاليا لليسار الديموقراطي و الذين انتسبوا و تربوا في المدرسة اليسارية الاتحادية ذهبوا إلى حد اعتبار التسمية الحالية للحزب عائقا بل و «طابوها» يعيق مسار إعادة التوحيد و التجميع للقوى اليسارية ، و للتاريخ فإن قضية الاسم بالنسبة للحركة الاتحادية اليسارية لم يكن في يوم ما اعتباطا أو ترفا فكريا للتميز و التفرد بل كان تعبيرا لغويا سيميولوجيا عن حاجات مجتمعية تتمثل في مطالب و حقوق أغلب الفئات المجتمعية التواقة إلى التغيير والتحديث للمجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، فعند لحظة التأسيس الأولى سنة 59 تم الجمع بين «الاتحاد الوطني» و «القوات الشعبية « . لقد تنبه الرعيل الأول من المناضلين إلى نواقص الحركة الاستقلالية و استقلال المغرب «المغدور» و لانفراط العقد بين النظام الملكي والحركة الوطنية في بناء الدولة الديمقراطية الدستورية الحديثة، فكان عنوان المرحلة البارز ضرورة استمرار حركة التحرير الشعبية في مهامها النضالية حتى تحقيق الأهداف الكبرى المتعاقد عليها لاستكمال تحرير البلاد وتحرير الإنسان المغربي وتحقيق العدالة الاجتماعية والعيش الكريم، فجاءت التسمية عاكسة لهذا الربط بين وحدة الوطن وبين البناء الاقتصادي – الاجتماعي لدولة القوى الشعبية التحرري و كانت 75 سنة المؤتمر الاستثنائي الذي كان مؤتمرا مفصليا في تاريخ الحركة الاتحادية اليسارية من حيث توضيح وتجديد رؤاها وتصوراتها الإيديولوجية والفكرية والسياسية من حيث تحرير خط الحزب السياسي من كل أشكال التجاوزات والمزايدات التورية «البلانكية» وتبني استراتيجية النضال الديمقراطي في أفق بناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية، كما تبنى المؤتمر تغييرا في اسم الميلاد و التعميد توافقا مع تبني التقرير الإيديولوجي لمبدأ الاشتراكية العلمية كمنهج للتحليل و الاستبصار أي تحليل واقعنا الملموس في أبعاده الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية تحليلا علميا و الوقوف على تجاذبات و تناقضات و صراعات مختلف فئاته وطبقاته الاجتماعية في علاقتها بأشكال إنتاج الثروة و كيفية توزيعها باختصار الوقوف على التشكيلة الاقتصادية-الاجتماعية لبلادنا المعقدة و المركبة. و جعل الحزب أداة في يد الجماهير للوقوف في وجه أشكال الاستغلال و الاستحواذ و كذلك أداة للتغيير الديمقراطي البعيد المدى بالاستناد إلى الشرعية الشعبية الانتخابية. فكان الانتقال من الاتحاد الوطني إلى الاتحاد الاشتراكي تمثلا فكريا إيديولوجيا لحاجة مجتمعية و وتوقا جماهيريا إلى ربط التحول الديمقراطي المنشود بمضامين اشتراكية و اجتماعية مضمونها إعادة توزيع الثروة الوطنية الاقتصادية بشكل عادل تستفيد منه أوسع الجماهير الشعبية المحرومة ، و اليوم و نحن بصدد التهيء للمؤتمر الوطني التاسع الذي أراده بعض الإخوة القياديين أن يكون ذا مضمون استثنائي ، فنحن نحبذ الفكرة و نراها في موضعها بالنظر إلى الرهانات و المتغيرات الكبرى التي تتجه مع الأسف إلى المنحدر السلبي لحزبنا ، نعتقد أنه قد وجب على المناضلين و على العقل الحزبي الجماعي ، تجاوز حالة الاحتقان و حالة الارتداد و التشتت و الشتات الذي مزق الجسم الاتحادي و جعله متهالكا متقهقرا و ذهبت تضحيات مناضليه أدراج الرياح و كأنه لم يكن يوما في هذه البلاد شامخا عنيدا مثابرا معارضا للاستكبار و الاستغلال و الاستحواذ بالأساليب المخزنية العتيقة، إننا لا نعيش مرحلة المؤتمر الاستثنائي إيديولوجيا بل نعيشه سياسيا و القاسم هو أننا نوجد اليوم في المعارضة كما كنا بالأمس ، لكننا اليوم راكمنا مكاسب كثيرة على مستوى التحول الديمقراطي و على مستوى إخراج دولة المخزن من أسر الماضي العتيق، ببطء نعم ، و لكن بخطوات تابثة و واثقة ، نعيش مرحلة المد الديمقراطي و امتداد مساحة التعاطي مع حقوق الإنسان في مضامينها الإنسانية و العالمية ، كما نعيش كذلك عصر العولمة بانجازاتها الاقتصادية و التقنية و وبتغولها الاجتماعي و الإنساني، لقد ساهمنا كحزب في عملية الانتقال الديمقراطي الصعبة و العسيرة لبلادنا و ما زال هذا الانتقال و التحول يراوح مكانه، لكن انطلاقته تأكدت و بدون رجعة ، نعيش في هذه المرحلة التاريخية التحولات الديمقراطية التي تعرفها الساحة العربية في سابقة تاريخية لم تكن في حسبان العديد من المحللين و الاستراتجيين العالميين ، و المغرب لم يشد عن هذه القاعدة أو الحركة الاجتماعية الشبابية حيث افرزت حركة 20 فبراير المغربية ذات التوجهات السياسية - الاجتماعية التواقة إلى التغيير الديمقراطي لأساليب الحكم العتيقة في إطار المحافظة على الخصوصية المغربية كما أننا نعيش في هذه المرحلة البعد التاريخي لخطاب 9 مارس ودستور 2011 الذي لم نحلم به منذ استقلالنا السياسي سنة 56 ، وما أعقبه من انتخابات كرست الشكل الأولي للتعددية السياسية المستقبلية والقابلة للمزيد من الانتظام و التبنين كما نعيش أيضا تصاعدا ومدا في الاتجاهات الأصولية والتقليدانية والسلفية وكلها تحاول بشكل أو بآخر لاستحواذ على العقيدة الدينية للمغاربة واستخدامها في الصراع السياسي متجاوزة في كثير الأحيان الشرعية الدستورية لإمارة المؤمنين الضامنة للسلم الروحي للمغاربة في إطار المذهب المالكي الوسطي الاعتدالي وتأسيسا على ما قمنا بتحليله وتبيان حقائقه الواقعة ، فإننا نقترح في هذه الورقة المتواضعة إضافة تسمية «الديمقراطي» سيصبح اسم الحزب هو : الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي للقوات الشعبية، فهو في آن واحد يتمثل جوهر هويتنا الاشتراكية الديمقراطية كما يؤكد على المطلب الديمقراطي الذي أصبح عالميا وإنسانيا، وضرورة ملحة لبلادنا لتجاوز الدولة المخزنية في جوانبها العتيقة والتقليدية وتأكيد الشرعية الديمقراطية كما نص عليها الدستور الجديد وفي الآن ذاته التشبث التاريخي بتمثيلية القوات الشعبية ، أليست قوى اليسار بدون استثناء وجزء كبير من القوى الحداثية الديمقراطية هي تعبيرات سياسية عن فئات من هذه القوات الشعبية؟ إن الهدف من هذه الورقة هو فتح حوار شامل وعقلاني وهادئ بين مختلف القوى اليسارية لتجاوز سرطان التشتت ومرض الانشقاق والبحث عن الأساليب والآليات وهي كثيرة للقيام بالتجميع والتوحيد والمتهيئ للوثبة الكبرى الجديدة. 3- إستراتيجية العمل : تتضمن هذه الإستراتيجية خطوات وإجراءات سياسية وتنظيمية نعتبرها ضرورية لأجرأة هذه التصورات السياسية التوحيدية وهي خطوات أولية فقط قابلة للتصحيح والإضافة أو تتجاوز، فقد عقد المؤثمر الوطني الاتحادي مؤثمره الوطني الثامن ونص بيانه الختامي على ضرورة وحتمية العمل في اتجاه توحيد وتجميع القوى اليسارية وكان حضور بعض القياديين من الاتحاد الاشتراكي لافتا كما كان حضور ممثلين عن المركزية النقابية الفدرالية الديمقراطية للشغل لافتا كذلك وفي الواقع فقد فجرت الحركة الاحتجاجية «مسيرة الكرامة»المنظمة من طرف المركزيتين النقابيتين ك.د.ش.و.ف.د.ش و بالحضور الوازن لمختلف التشكيلات اليسارية والمنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني علامة فارقة في أفق العودة إلى التكتل والتجمع لهذه القوى «ككتل وحدوي اجتماعي» من هنا نبدأ وبالفعل فمازال التنسيق الوطني الاجتماعي لهاتين المركزيتين قائما بل وستتخذ أشكال نضالية أكثر جذرية في ظل الهجوم الحكومي برأس حريته الأصولي على الكثير من المكتسبات والحقوق لعموم الطبقة العاملة والموظفين ،خاصة أمام عجز الجهاز الحكومي الحالي على الوفاء بشعارات الإصلاح التي رفعها ووقوفه في وجه مجموعة من المطالب العادلة لمجموعة من القطاعات الاجتماعية، إن هذا التنسيق نعتبره الخطوة الأولى والأساسية في أفق إنضاج شروط التجميع والتوحيد النقابي في المستقبل المنظور وبالفعل فهناك محطات سياسية واستحقاقية مقبلة ستشكل الأرضية التي ستبلور أشكال التنسيق والعمل الوحدوي ، لمواجهة هذا المد الأصولي الرجعي، الذي يحاول الاستحواذ على العقيدة الدينية للمغاربة وخوصصتها، ونقصد بالمحطتين: - انتخابات مناديب العمال وأعضاء اللجان الثنائية المتساوية الأعضاء في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية، ثم الانتخابات الجماعية وانتخابات الغرف المهنية والجهات، ها هنا مربط الفرس، إذ لا تخفى الأهمية السياسية والاجتماعية للمؤسسات المحلية المنتخبة باعتبارها مؤسسات القرب ومدخل أساسي للإصلاح القاعدي للشأن العام وللتنمية السياسية المحلية وتوفير الكثير من الحاجيات للمواطنين ومساعدتهم على الرقي بحاجياتهم المدنية وتجويدها، ونعتقد جازمين أن تكتل اليسار الديمقراطي ودخوله غمار هذه الانتخابات موحدا قد يعود به إلى قواته الشعبية والى تسيير العديد من البلديات والجماعات القروية . - أما المحطة الثانية والهامة فتتمثل في أنه مباشرة بعد الانتخابات والاستحقاقات الجماعية يتم التهيئ لمؤتمر استثنائي حقيق وتاريخي حيث يكون قد تم الاتفاق مبدئيا على الاسم آو الأسماء المقترحة وعلى صيغ وأشكال التوحيد والتجميع ونكون قد دخلنا بالفعل في مرحلة بناء الحزب الاشتراكي الكبير على أرض الواقع ونستعد للاستحقاق التشريعي والبرلماني المقبل والفاصل في تاريخنا ووضعنا الحالي في تحد مجتمعي عنوانه : أن نكون أولا نكون في هذه البلاد ./.