منذ سبعينيات القرن الماضي وحسنية جرسيف لكرة اليد يكابد يوما بعد يوم مع الزمن، ليتحدى الصعاب، من أجل أن يظل معانقا شوق الحياة. وبعد أزيد من 35 سنة، حققت الحسنية إنجازا تاريخيا، حيث تأهلت إلى القسم الوطني الممتاز. من أجل نفض الغبار عن هذه الفريق زرنا المدينة المشهورة بشجرة الزيتون، للوقوف على واقع فريق أحفاد علال بن عبد الله، ومن أجل الوقوف على ترتيبات واستعدادات الفريق لبداية الموسم الرياضي الجديد. جدير بالذكر أن مدينة جرسيف - ولأول مرة - يرتقي أحد فرقها الرياضية ليتنافس مع الكبار. ذاكرة الحسنية الزمن يشير إلى منتصف السبعينيات، والحدث يقول إنه بعد مخاض عسير، ولد بمدينة جرسيف فريق لكرة اليد واختير له من الأسماء، حسنية جرسيف لكرة اليد. حل الموسم الرياضي 75 و 76، واستفاق الجمهور الجرسيفي على خبر مفاده أن حسنية جرسيف لكرة اليد صعدت إلى القسم الوطني الممتاز في أول مبارة لها بعد تأسيس الفريق. وما إن حل الموسم الموالي حتى قدمت الحسنية اعتذارا رسميا يحمل في طياته أن الفريق غير قادر على لعب أي مقابلة بسبب العجز المالي. وظل الفريق مكتوف الأيادي، إلى غاية سنة 1981، حيث عادت الابتسامة لوجوه لاعبي الحسنية بإجراء المباريات، ولكن سرعان ما انتهت سنة 1983 حتى أعلنت من جديد حالة الاعتذار عن اللعب، والسبب يحكيه لنا اللاعب السابق لحسنية جرسيف لكرة اليد والمدير التقني الحالي، مراد الغولي: (توقفنا عن اللعب لسببين، الأول هو نفاد الميزانية، والثاني هو ندرة اللاعبين، لأن في ذلك الوقت كان الفريق يتكون من بعض تلاميذ ثانوية الحسن الداخل، وكل من حصل على شهادة الباكالوريا كان يغادر المدينة والفريق). في عام 1991 ضخ الدم من جديد في عروق حسنية جرسيف، وعاد للعب إلى غاية نهاية عام 1995 ليعلن مرة أخرى حالة الاعتذار - وكما العادة - لنفس الأسباب السالفة الذكر. ومع حلول سنة 1996 عاد الفريق للحياة باسم النادي الرياضي الجرسيفي لكرة اليد، وظل يخوض مبارياته ومحاولاته المتكررة من أجل حجز مقعده بالقسم الوطني الممتاز لكن الحظ لم يحالفه. وبعد مرور 14 سنة على تغير اسم الفريق، عاد من جديد لاسمه الأصلي حسنية جرسيف لكرة اليد في سنة 2010 . وسيبقى الموسم الرياضي 2011 - 2012، راسخا في أذهان جمهور مدينة الزيتون، لأن فريق مدينتهم حقق حلمه، واستطاع أن يحجز مقعده بالقسم الوطني الممتاز. موسم جديد بمدرب جديد يضم أرشيف الفريق في ذاكرته ملفا خاصا بالمدربين الذين تعاقبوا على تدريبه، وكل من فتحه سيجد أن الفريق تدرب منذ نشأته وإلى سنة 2000 على يد أساتذة التربية البدنية لثانوية الحسن الداخل، ومن سنة 2000 إلى 2012 تكفل بتدريبه اللاعب السابق مراد الغولي. ومع حلول الموسم الرياضي الجاري، تعاقد المكتب المسير للفريق مع المدرب البيضاوي الأصل، مصطفى لغزاوي. وسطر المكتب المسير برنامج عمل مع المدرب الجديد، يرتكز على بقاء الفريق بالقسم الوطني الأول، ثم بناء فريق للمستقبل، وأخيرا الحرص على أن يلعب الفريق الجرسيفي كرة يد حديثة، تروي عطش جمهور مدينة الزيتون خاصة والجمهور المغربي عامة. وأكد المدرب مصطفى لغزاوي أن المقابلات القادمة ستكون صعبة، ولا أحد يمكنه التنبؤ بنتائجها، فاللقاء الأول «سيجمعنا بالفتح الرباطي، والمقابلة الثانية ستجرى ضد النهضة البركانية، ثم المقابلة الثالثة سنواجه فيها فريق الرجاء البيضاوي. سنحضر لكل مقابلة على حدة، وسنشاهد المباريات عبر أشرطة الفيديو لنعرف نقاط ضعف وقوة الفرق التي سنتنافس معها، ونتمنى الخير»، وألمح إلى أنه لا يبيع الوهم للجمهور الجرسيفي، «فنحن نبني الفريق والقسم الممتاز ليس هو قسم الهواة، ونتمنى أن نوفق في مسيرتنا بحول الله». نون النسوة في الحسنية وجدناهن بالملعب البلدي لمدينة جرسيف يمارسن تداريبهن الرياضية إسوة بزملائهم الذكور، إنهن لاعبات فريق حسنية جرسيف لكرة اليد. فمنذ أن خرجت الحسنية للوجود لم تكن تضم فريقا للإناث، لكن قبل سنتين أضحت نون النسوة حاضرة في صورة فريق للإناث، وهدفهن هو إثبات الوجود بالساحة الرياضية المغربية. ثريا الزياني، عميدة حسنية جرسيف لكرة اليد للإناث، تروي لنا قصة نون النسوة في الحسنية: «بالنسبة لفريقنا فهو حديث الإنشاء، ومنذ سنين لم يكن فريقا مخصصا للإناث، كان مقتصرا على الذكور فقط. ونحن كممارسات لكرة اليد راودتنا فكرة إنشاء فريق نسوي تابع لحسنية جرسيف لكرة اليد، ولله الحمد تحقق حلمنا وكونا فريقا نسويا. كانت هناك إشكاليات من الناحية المادية، بحيث لا توجد أية منحة مخصصة لنا، فجل اللاعبات يلعبن من أجل الهواية فقط، وهذا أمر لا يشكل لنا أدنى مشكل. لكن مانعاني منه هو قلة اللاعبات، لأن في هذه المدينة، البنات ليست لديهن فكرة لعب كرة اليد».. للتذكير، فعدد لاعبات فريق الإناث يقدرن بعشرين لاعبة. كما أن المكتب المسير لحسنية جرسيف لكرة اليد أنشأ مؤخرا مدرسة لكرة اليد خاصة بالأطفال، ولحد الآن يبلغ عدد المسجلين بها 30 فردا. جمهور الحسنية عقارب الساعة تشير إلى الخامسة بعد الزوال، وجماهير تقدر بالعشرات حجت للمعلب البلدي بجرسيف لمتابعة أطوار الحصة التدريبية التي تخوضها حسنية جرسيف لكرة اليد. في تلك اللحظات كنا منهمكين في تدوين بعض المعلومات، لكن كثافة الجمهور الذي أتى لمتابعة حصة تدريبية فقط لفت انتباهنا وقادنا إلى البحث عن سر حضورهم. أمعنا النظر جيدا في المدرجات بحثا عن عاشق مخضرم للفريق، وبعيد مرور خمسة دقائق، التقينا بحكيم فيلالي، أحد المعجبين بالحسنية، وتحدث ليومية «الاتحاد الاشتراكي» قائلا: «من 1988 وإلى حد الآن وأنا أتابع هذا الفريق. ففي عام 88 كان هذا الفريق، إذا صح التعبير، يفتقر لموارد مالية، باستثناء تضحيات بعض الغيورين، الذين ساندناهم ودعمناهم ولا ننتظر منهم أي مقابل، فنحن نتنقل عبر سياراتنا وبأمولنا الخاصة، وسنظل مساندين لهذا الفريق حتى يصل إلى المبتغى، الذي بدأت بوادره تتحقق». وأضاف أنه من سنة 1988 وإلى 1998 كان يتوافد على الملعب لمتابعة الحسنية جماهير تتراوح بين 700 و800 شخص من ساكنة جرسيف، رغم المشاكل التي كان يعاني منها الفريق، والآن تضاعف العدد، وها أنتم ترون العدد الذي بدأ يتوافد فقط على الحصص التدريبية». ورغم كل العراقيل التي واجهت حسنية جرسيف لكرة اليد، ظل الفريق يواجه الرهانات من أجل كسب تتويج يجعل اسم جرسيف يتداول رياضيا، ولمَ لا تكون كرة اليد خير سفير يحمل آمال وتطلعات الجرسيفين. سؤالان ل «يحي زروالي»، رئيس حسنية جرسيف لكرة اليد: { من أين يستمد فريقكم موارده المادية ؟ بالنسبة للسنة الماضية، تلقينا الدعم المالي أساسا من طرفين، عمالة الإقليم والمجلس البلدي. وقد بلغت ميزانية السنة الفارطة 450 ألف درهم، ولدينا عجز يقدر ب 130 ألف درهم، لأن كانت انتدابات مع لاعبين أجانب ولاعبين من فرق وطنية، ولولا هذه الانتدابات لما استطعنا تحقيق هذا الصعود. وبالنسبة لميزانية الموسم الرياضي الجاري ليست لدينا أي فكرة عن الجهة التي ستدعمنا ماليا. { هل تلقيتم أي دعم مالي أو معنوي من وزارة الشباب والرياضة ؟ أصارحك القول بأننا لم نتلق أي دعم مالي من طرف وزارة الشباب والرياضة، الدعم المعنوي الوحيد الذي لمسناه منهم هو المساهمة في بناء وتجهيز القاعة المغطاة التي ستفتح قريبا.