يشهد المغرب هذه الأيام حركة استثمارات واسعة في جميع المجالات، تمتد من المشاريع الصناعية والزراعية، مرورا بمشاريع الطاقة الشمسية العملاقة، وصولا الى المشاريع السياحية العملاقة، التي يقول محللون إنها ستضع المغرب في مقدمة الوجهات السياحية البيئية. وهكذا تم الاعلان عن اختيار التصميمات النهائية لأحد أكبر المشاريع السياحية التي يشهدها حوض البحر المتوسط، وهو مشروع تطوير بحيرة مارشيكا، في منطقة الناظور، ويأتي هذا المشروع في إطار سلسلة طويلة من المشاريع السياحية في مختلف أنحاء البلاد. ويشهد المغرب نموا كبيرا في حجم الاستثمارات الأجنبية، خاصة الاستثمارات القادمة من مجلس التعاون الخليجي، بسبب المقومات الاقتصادية الكثيرة ومناخ الاستقرار السياسي الذي يتمتع به المغرب. ويغطي تصميم مشروع بحيرة مارشيكا الجديد مساحة 7500 هكتار على سواحل المغرب على البحر المتوسط، ويعتمد آخر ما توصلت إليه برامج التطوير السياحي العالمية، كما تعتمد المعايير الصديقة للبيئة بتهيئة تنمية مستدامة تحترم المواطن وتحافظ على الثروات الإيكولوجية للمنطقة. ويتضمن المشروع إنجاز سبعة مواقع ذات طابع سياحي وحضري من شأنها أن تحدث تغييرا في المشهد الحضري والعمراني لمنطقة الناظور الكبرى، وتزويدها بالبنيات التحتية التي تؤهلها لأن تصبح وجهة سياحية كبرى على خارطة السياحة العالمية، تنافس المقاصد السياحية الكبرى في منطقة المتوسط. وقد بدأت مشاريع التطوير بتنقية البحيرة وحماية محيطها البيئي. كما تم تدعيم المنافذ البحرية من خلال تشييد ممر بحري جديد لتحسين الملاحة بالبحيرة، وتأهيل المياه للمحافظة على الثروات البحرية. كما تم إنشاء محمية طبيعة للطيور. كما تم إنجاز الشطر الأول من مارينا الناظور وملاعب وأكاديمية للعبة الغولف التي افتتحها الملك محمد السادس قبل عامين. كما أن البنية التحتية السياحية لهذه المدينة ستتعزز بتشييد فندقين من فئة أربعة وخمسة نجوم. وسيشرع في بنائهما عام 2013. وبالموازاة مع هذه المشاريع, تم الشروع في إعداد تهيئات أخرى لإنجاز «مدينة البحرين» التي ستضم الإقامات السياحية الإيكولوجية. كما أن هناك أشغالا جارية لحماية المدينة من الفيضانات ومختلف أشغال إعادة التهيئة الحضرية والتي رصد لها غلاف مالي بقيمة 470 مليون درهم. وتبلغ الاستثمارات المحلية في هذا المشروع حتى الآن نحو 3 ملايير درهم, إضافة إلى الأدوات التي وضعتها الوكالة لضمان بلورة تلك الأعمال, وفق برنامج دقيق ومتماسك يتماشى مع الإرادة الملكية الرامية إلى بعث الحياة في فضاء إيكولوجي متميز. ويعد موقع المشروع من أهم المواقع الإيكولوجية في المغرب. وسيسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة الشرقية وتوفير أعداد كبيرة من فرص العمل لسكان المنطقة، إضافة الى حماية البيئة والموارد الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي للبحيرة. ومن المتوقع أن يساهم مشروع تهيئة وتنمية البحيرة, الممتدة على طول 25 كيلومترا في توفير نحو 80 ألف وظيفة، أي ما يشكل 18 في المائة من العدد الإجمالي لسكان الاقليم الذي يقدر بنحو 505 آلاف نسمة. ويتكون المشروع السياحي العملاق من سبعة مشاريع كبرى على مساحة تقدر بحوالي ألفي هكتار,وتشمل مدينة أتالايون, ومدينة الشاطئين, والمدينةالجديدة للناظور, وخليج النحام, ومارشيكا الرياضية, ومروج مارشيكا ثم قرية الصيادين. وتتوزع الاستثمارات المالية التي يتطلبها إنجاز هذا المشروع والتي تصل لنحو 46 مليار درهم «5.4 مليار دولار» بين القطاعين العام والخاص. وينتظر أن يتم إنجاز مختلف عمليات تهيئة وتنمية المواقع السياحية السبعة ببحيرة مارشيكا على مراحل محددة بدقة, علما بأن القائمين على إنجاز هذا البرنامج يتطلعون إلى تحويل بحيرة مارشيكا التي تعد ثاني أكبر بحيرة في حوض البحر الأبيض المتوسط, إلى قطب سياحي يتمتع بجاذبية كبيرة للسياح المغاربة والأجانب, إلى جانب تثمين مؤهلاتها الإيكولوجية من خلال إحداث محمية للطيور تعتبر الأكبر من نوعها في حوض البحر الأبيض المتوسط. ويقول سعيد زارو, المدير العام لوكالة تهيئة موقع بحيرة مارشيكا إن المشروع الطموح لتهيئة واستثمار موقع بحيرة مارشيكا تمت بلورته بفضل رؤية الملك محمد السادس, التي تعتبر التنمية المستدامة مفهوما متكاملا يشمل كل الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية. وقال زارو, في عرض قدمه أمس بالناظور, خلال مراسم تقديم تصميم تهيئة البحيرة, «المشروع يهدف لخلق دينامكية جديدة ترمي إلى تعبئة الإمكانيات المختلفة واستقطاب الاستثمارات وتوجيهها نحو التنمية الشاملة المتوازنة والمستدامة». وأضاف زارو أن الوثيقة العمرانية لموقع بحيرة مارشيكا ارتكزت على مبادئ أساسية قوامها التعاقد والشراكات والتفاوض من جهة, والمرونة في التعاطي مع معالجة المشاكل المتعلقة بإعادة الاسكان التي تهم المناطق المهددة أو إعادة هيكلة الأنسجة العمرانية المفتقرة للتجهيزات الأساسية من جهة أخرى. وأكد المدير العام لمارشيكا, علي الوزاني, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء «أن هذا المشروع يروم إحداث مدينة سياحية تمتثل لمعايير التنمية المستدامة والإيكو سياحية,بما من شأنه استقطاب أعداد أكبر للسياح المهتمين بهذا النوع من السياحة.» وأوضح الوزاني أن أشغال بناء إقامات سياحية لأكاديمية الغولف بمدينة أطالايون ستنجز 145 شقة بمساحة إجمالية تبلغ 32.5 ألف متر مربع, وبكلفة إجمالية قدرها 200 مليون درهم. ويضيف الوزاني إن مشروع بحيرة مارشيكا يمتد على مساحة 350 ألف متر مربع مبنية تتألف من 1300 إقامة سياحية وسكنية, و300 فيلا, وأربعة فنادق وتجهيزات رياضية وأخرى للتنشيط والترفيه. عن «العرب أونلاين»