عرف النزاع العقاري حول الأرض السلالية المسماة «تاونزا» المعروض أمام القضاء بالمحكمة الابتدائية بابن احمد، فصولا مثيرة ومشوقة، تمثلت في قضيتين منفصلتين بموضوع واحد وتهم متنوعة، وطرفين متنازعين، يمثلان قبيلتين تنتميان لنفوذ قيادتين مختلفتين. القضية الاولى تتعلق بدعوى عقارية مكنت الجهة الداعية من الدخول كأطراف جديدة شريكة في الأرض بعدما كانت في ملكية الجماعة السلالية لمعاريف املال إلى غاية 28/5/2012 ، وهو التاريخ الذي استصدر فيه شخصان يحملان صفة وكيلين عن أشخاص من قبيلة أعشاش التابعة لقيادة لمعاريف أولاد امحمد، حسب وكالة موثقة بالمحكمة الابتدائية بابن احمد، حكما بالمحكمة الابتدائية بابن احمد يقضي بإضافة قبيلة أعشاش كذوي حقوق شركاء في الارض مع قبيلة لمعاريف، بعدما تقدما بمقال افتتاحي ضد السيد المحافظ على الأملاك العقارية، من أجل تدارك إغفال ذكر اسم قبيلة اعشاش في الرسم العقاري. والقضية الثانية تتمثل في الحكم الذي أثار حفيظة نواب الجماعة السلالية لمعاريف املال، الذين اعتبروا الوكيلين عن أعشاش، قد قاما بتضليل العدالة، وهو ما دفعهم إلى تقديم شكاية أمام وكيل الملك بتهم تتنوع بين النصب والاحتيال والإدلاء ببيانات كاذبة لهيئة قضائية ، وهو صك الاتهام الذي أدى إلى صدور أمر عن المحكمة الابتدائية بابن احمد، بإيداع المتهمين رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بابن احمد. تفاصيل النزاع ابتدأت مع القضية الأولى لما تقدم شخصان يحملان صفة وكيلين عن مجموعة من الأشخاص من قبيلة أعشاش دون تحديد صفتهما بوكالة تم توثيقها بقسم التوثيق بالمحكمة الابتدائية تحت عدد 893 صحيفة 110، عن طريق دفاعهما بدعوى قضائية ضد السيد المحافظ على الأملاك العقارية والرهون بسطات يطالب بتدارك إغفال واقع بشهادة الملكية المتعلقة بالرسم العقاري عدد 113/ د موضوع الملك المسمى «بلاد تاونزا» والقول إن جماعة لمعاريف قبيلة املال وقبيلة اعشاش مالكتان في الرسم العقاري المذكور وليس جماعة لمعاريف املال فقط، وذلك بناء على تقرير الخبرة الذي استند إلى الوثائق المتعلقة بمسطرة التحفيط، الذي اعتمد على رسم الاستمرار الذي أشير إلى عدده رقم 509 ص313 كناش 06 في المقال الافتتاحي للدعوى، وبناء على رسم القسمة المستند إليه في طلب التحفيظ ،الذي أكد على أن الملك المسمى «تاونزا» هو في اسم جماعة لمعاريف إلى غاية تأسيس الرسم العقاري، وأن جماعة لمعاريف تشمل قبيلة أعشاش وقبيلة املال، وأضاف تقرير الخبرة أن ذكر املال إلى جانب لمعاريف في شهادة المحافظة العقارية هو فقط من أجل تحديد موقع الارض المتنازع عليها حسب ما جاء على لسان المحافظ، وبناء على هذه المعطيات قضت المحكمة بأن الملك المسمى «تاونزا « موضوع الرسم العقاري عدد 113/د يتشكل من قبيلة املال وقبيلة أعشاش بدلا من اعتباره في اسم جماعة المعاريف املال فقط، وقضت بالإذن للمحافظ على الأملاك العقارية بتضمين الحكم بالرسم العقاري المذكور. أمام هذا الحكم القضائي وفي قضية ثانية ذات سياق متصل، تقدم النواب الثلاثة للجماعة السلالية لمعاريف املال عن طريق دفاعهم بشكاية الى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بابن احمد، ضد الشخصين الوكيلين، بتهم النصب وانتحال صفة ينظمها القانون، حيث ورد في الشكاية أن المتهمين تقدما بدعوى أمام المحكمة ضد السيد المحافظ بصفتهم نواب قبيلة أعشاش بمقتضى مقال اصلاحي خلال المداولة، في حين أنهما مجرد وكيلين عن مجموعة أشخاص لا تعرف صفتهم المذكورة الموثقة تحت عدد 893 صحيفة 110، لأن صفة نواب الجماعات السلالية يتم انتخابهم عن طريق الاقتراع تحت اشراف السلطة المحلية وتكون اسماؤهم معروفة لدى سلطات وزارة الداخلية كسلطة وصية على الاراضي السلالية التي تنظمها مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ ب 27 أبريل 1919 كما وقع تغييره وتتميمه. وبانتحالهم لهذه الصفة لم يتم استدعاء النواب الثلاثة الممثلين للجماعة السلالية لمعاريف املال الذين تم انتخابهم بالاقتراع بتاريخ 22 أبريل 2009 كما تؤكد ذلك شهادة ادارية رقم 275/2010 مؤشر عليها من طرف ممثل سلطة الوصاية بقيادة سيدي حجاج دائرة ابن احمد ، وذلك بناء على الظهير المذكور، حيث تؤكد الشكاية أن الوسائل الاحتيالية التي لجأ اليها المتهمان حالت دون توجيه استدعاء الى النواب الحقيقيين لجماعة لمعاريف املال احتراما لقاعدة جمع الخصوم المعهودة في الدعاوى العقارية قصد الدفاع عن حقوق جماعتهم السلالية لمعاريف املال كمالكة وحيدة للرسم العقاري قبل صدور الحكم. كما تتهم الشكاية المشتكى بهما بتضليل المحكمة والخبير حينما قدما لها بيانات كاذبة، بالادعاء أن ذكر لمعاريف الى جانب املال بالرسم العقاري هو من أجل تحديد موقع العقار المتنازع عليه، وهو ادعاء عار من الصحة، حسب الشكاية ذاتها ، لأن الارض موضوع النزاع كائنة باولاد فارس دائرة ابن احمد وليس بالمعاريف املال التي توجد بجماعة بوكركوح قيادة املال، أما قبيلة أعشاش فتوجد بجماعة مكارطو أولاد امحمد التابعة لنفود قيادة اولاد امحمد المعاريف التي يوجد مقرها بثلاثاء الاولاد. وأضافت الشكاية أن الارض المتنازع عليها تحوزها جماعة لمعاريف املال منذ 1928 كتاريخ انتهاء التهديد بالمحافظة. واستنادا لصك الاتهام الذي تقدم به النواب الثلاثة عن طريق دفاعهم أصدر ممثل سلطة الملاءمة أمره بإيداع المشتكى بهما رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بابن احمد. وبعد هذا الاعتقال تقدم دفاع المتهمين بملتمس الى هيئة الجنحي التلبسي بالمحكمة الابتدائية قصد منح المتهمين السراح المؤقت وهو ما تم رفضه مرتين، ليتم استئناف القرار أمام غرفة المشورة بسطات التي قضت بإطلاق سراحهما على ذمة التحقيق. ولايزال النزاع معروضا امام المحكمة الابتدائية تحت مواكبة و متابعة اعلامية واهتمام من طرف الرأي العام المحلي ، مع تنظيم وقفات احتجاجية تطالب بوقف الاختلالات الذي تعرفها الاراضي السلالية بالمنطقة وإيجاد حل قانوني ومسطري جذري يضع حدا للاختلالات التشريعية والتنظيمية الحالية.