سيكون راي برادبري (رائد رواية الخيال العلمي في العالم)، لا محالة، سعيدا وهو يطل من العالم الآخر على أشغال الندوة التي احتضنتها، يوم الجمعة 23 نونبر 2012 بقاعة الندوات « عبد الواحد خيري» بالدار البيضاء؛ سيكون سعيدا هو أثرى الحياة الأدبية بالكثير من روايات «الفانتازيا» التي كانت تتنبأ بالمستقبل وتعكس مشاعر التفاؤل والقلق التي سيطرت على الولاياتالمتحدة إبان الحرب العالمية الثانية. أشغال الندوة انطلقت بجلسة أولى ترأستها منى بشلم ( جامعة قسنطينة بالجزائر)، وكان أول متدخل هو محمد المصطفي الذي عنون مداخلته ب « تطور الخيال العلمي في الأدب العربي» ، متوقفا عند مفهوم الخيال والتنقيب حول نشأته و أسباب تطوره ، ومقدما مجموعة من التعريفات ختمها بتعريف إخوان الصفا ، قبل الانتقال إلى التفصيل في مراحل تطور الخيال العلمي بعد تقسيمه إلى ثلاث مراحل: مرحلة الرواد، مرحلة الازدهار، المرحلة الراهنة. من جهتها، ناقشت وسيلة بوسيس (جامعة جيجل بالجزائر) « رؤية المستقبل في الرواية المغاربية وأبعادها الفلسفية»، وذلك من خلال عدد من التعريفات التي تجعل للخيال الافتراضي / العلمي مقدرة إعادة صياغة الواقع بطرق جمالية، استنادا إلى ما يقترحه التقدم العلمي. وفي ضوء كل هذا، حللت وسيلة بعض روايات الخيال العلمي المغاربية، من خلال نماذج عن ذلك: «جلالته الأب الأعظم» لحبيب مونسي، و «الطوفان الأزرق « لمحمد عبد السلام البقالي، و قصة المعزول لفيصل الأحمر والتي تصور الصراع بين الإنسان الآلي والإنسان البشري، و الصراع بين الذهنية الآلية والذهنية البشرية. فيصل الأحمر ( جامعة جيجل بالجزائر) تحدث في مداخلته بإسهاب عن « موضوعات الخيال العلمي»، وحداثة الخطاب في الخيال العلمي الجزائري ، مشيرا إلى أن الأجناس الأدبية كلها لديها عين على الماضي، فيما الخيال العلمي له عين على المستقبل ؛ثم انتقل لمقاربة رواية «الكلمات الجميلة» لنبيل دادوة، و رواية «جلالته الأب الأعظم» . وفي موضوع» السرد الروائي و فائض المعنى في روايات الخيال العلمي» تدخل محمد يوب متحدثا عن فائض المعنى وأنواعه قبل الانتقال إلى مفهوم الخيال العلمي ، مميزا بينه و بين الخيال الفانتازي، متوقفا عند نوع الخيال السلبي و الإيجابي، الأول عندما يعيش الإنسان بعيدا عن الواقع ، أما الثاني فعندما تكون له القدرة على تصور الأشياء. إن الخيال العلمي عكس الخرافي يخرج من حدود العقل إلى حدود الاستحالة العقلية. كما فند فكرة القول أن رواية الخيال العلمي أعلنت عن موت الرواية التقليدية، كون رواية الخيال العلمي تعتمد منهج الرواية الكلاسيكية. دون أن ننسى الشخصيات في هذه الكتابة و التي اعتبرها ورقية تتحول بتحول الأدوار و ختم ورقته بالإشارة إلى كون الشباب الأكثر اهتماما بهذا الشكل من الكتابة. من جهته، تحدث خالد اليعبودي ( جامعة محمد بن عبد الله بفاس) عن» أبعاد الكون في رواية « أعشقني» لسناء الشعلان»، التي تدور أحداثها في القرن 31 بعد دمار الكوكب الأزرق على أثر حروب عالمية، فاستوطن الإنسان كوكبا آخر. الجلسة الثانية افتتحت برئاسة عبد الرحمن غانمي (كلية الآداب بني ملال) حيث تدخل الباحث أحمد بلاطي بورقة في موضوع «إسهام الخيال العلمي في حل مشكلات التخييل الروائي» معتبرا الخيال العلمي وسيلة أكثر منه نوع أدبي، بحيث فتح آفاقا جديدة في التخيل العلمي، إضافة إلى أنه لا يوظف المستقبل و حده بل أيضا الرجوع إلى الماضي. الباحث محمد محيي الدين اشتغل على «بناء الفضاء السردي في روايات الخيال العلمي من غربة المكان إلى الغربة» مركزا على الخصوصيات التي تشكل شعرية الخيال العلمي ،وللإجابة عن ذلك اعتمد روايتين: الأولى لخالد اليعبودي العودة إلى غرناطة عبر ساجيتوروس و الثانية الطوفان الأزرق لعبد السلام البقالي. و قدم بعض أحداث هاتين الروايتين واعتمادهما على السفر عبر الزمن. وقد اختتمت الندوة بورقة للباحث سالم الفائدة عالج من خلالها «الواقعي والتاريخي في رواية الخيال العلمي قراءة في رواية «مدينة خارج الزمن» لطالب عمران». فتطرق لبعض أحداث الرواية و أشار إلى وظيفة الخيال العلمي في الأدب والرواية.. متتبعا تفاصيل المفترض في تجربة طالب عمران والتمازج الفني بين أحداث واقعية وأخرى تاريخية لتوليد الخيال العلمي . و قبل اختتام هذه الندوة قدم كل من الروائيين خالد اليعبودي و الروائي فيصل الأحمر شهادتهما من خلال تجربتهما في كتابة رواية الخيال العلمي.