اجتمعت مؤخراً بباريس اللجنة السياسية للجمعية البرلمانية لمجلس لأروبا، حضرها أشغالها وفد من البرلمان المغربي الذي يتمتع بوضعية شريك من أجل الديمقراطية. ومن بين المواضيع التي تضمنها جدول أعمال اللجنة، موضوع يتعلق بوضعية حقوق الإنسان بالمناطق الجنوبية. اجتمعت مؤخراً بباريس اللجنة السياسية للجمعية البرلمانية لمجلس لأروبا، حضرها أشغالها وفد من البرلمان المغربي الذي يتمتع بوضعية شريك من أجل الديمقراطية. ومن بين المواضيع التي تضمنها جدول أعمال اللجنة، موضوع يتعلق بوضعية حقوق الإنسان بالمناطق الجنوبية. وكان قد سبق للجمعية البرلمانية لمجلس لأروبا أن أوصت اللجنة السياسية بوضع تقرير في الموضوع، وتهدف الجمعية البرلمانية من خلال اهتمامها بهذا الملف، للمساهمة في دعم مسلسل مفاوضات من أجل إيجاد حل لمشكل الصحراء. هكذا، استمعت اللجنة في البداية الى ثلاثة عروض، تناول العرض الأول دور المينورسو والمهام التي تقوم بها في المنطقة، وتقدمت رئيسة ما يسمى «بمرصد حقوق الإنسان الصحراء الغربية»، بمداخلة عنيفة ومتحيزة مستهدفة ما حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان، معتمدة في ذلك على معطيات مغلوطة وقراءة مشوهة للوضع في المنطقة، وتلاها الكاتب العام لمؤسسة كيندي بعرض حول النتائج الأخيرة للزيارة التي قامت بها المؤسسة للمنطقة، مبرزاً ما اعتبره، خروقات في مجال حقوق الإنسان، ولم يشر إطلاقاً لوضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف. ولم يفت الوفد الجزائري، الذي استُدعي كملاحظ بهذه المؤسسة، التأكيد على أطروحة الدولة الجزائرية، متجاهلا ما عرفه الملف من تطورات وما شهده المغرب من إصلاحات وإنجازات. بعد ذلك، تناول الوفد المغربي الكلمة من خلال خمس مداخلات مطولة، فندت أطروحة خصوم وحدتنا الترابية ولقيت تجاوباً كبيراً من طرفالبرلمانيين أعضاء اللجنة، وركزت هذه المداخلات على الجوانب الآتية: 1 إبراز الطابع المتحيز للتقارير المقدمة التي أغفلت عن قصد العديد من المعطيات الموضوعية، وحاولت تضخيم بعض الأهداف بهدف خدمة أجندة سياسية محددة وتبرير مواقف منحازة أصلا لفائدة الانفصال. 2 إن التركيز على مسألة حقوق الإنسان من طرف خصوم المغرب، يهدف الى إفشال مخطط التسوية الذي تدعمه الأممالمتحدة والمفاوضات السياسية التي ترعاها. فليس من الصدفة أن موضوع حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية تصدر أجندة خصوم وحدتنا الترابية مباشرة بعد أن أكد مجلس الأمن على استحالة تنظيم الاستفتاء وتأكيده على ضرورة إيجاد حل سياسي للمشكل. 3 أبرز الوفد المغربي الإنجازات الكبرى التي تحققت في مجال حقوق الإنسان في المغرب، والإصلاحات العميقة التي انخرطت فيها بلادنا قبل اندلاع الربيع العربي، وأكد أن المغاربة ليس لهم اليوم أي مركب نقص في الاعتراف بالتجاوزات التي قد يعرفها موضوع حقوق الإنسان، سواء في المناطق الجنوبية أو الشمالية في المملكة، لكن في نفس الوقت، لن يسمح المغاربة لأي كان بأن يتجاهل تضحياتهم ونضالاتهم من أجل حماية الحقوق وصيانة الكرامة في مجموع ربوع المملكة. 4 أكد الوفد المغربي أن مثل هذه الجمعيات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، بالنظر إلى مواقفها المتحيزة وتقاريرها غير الموضوعية، ورغبتها في طمس الحقائق، لا تتوفر على الشروط التي تؤهلها لأن تلعب دور الملاحظ والمتتبع لقضية حقوق الإنسان بالمنطقة. ولها مواقف مسبقة من النزاع وتريد استعمال مسألة حقوق الإنسان لأغراض سياسية واضحة، فهي طرف في النزاع وليست وسيطا بين المتنازعين. 5 إن هذه المنظمات عندما تحدثت عن حقوق الإنسان، اشارت فقط إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، متجاهلة كل الخروقات والانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في تيندوف وحتى عندما تزور الممخيمات، تكتفي في اتصالاتها بجماعة البوليزاريو ولا تستمع لأي شهادة أخرى غير الشهادات الرسمية. إن مثل هذه المنهجية المعتمدة والمتحيزة تفقدها المصداقية وتجعل منها تدافع عن رأي طرف واحد في النزاع. 6 إن الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا التي تطمح من خلال اجتماعها تقوية حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية في دعم مسلسل التفاوض من أجل حل سياسي ومتوازن ومتوافق عليه من طرف جميع الأطراف، لا يمكن لها أن تعتمد في بلورة مواقفها على مثل هذه الآراء المتحيزة والمتشنجة، والتي لابد أن تنفتح على أطراف أخرى وأن تستمع إلى كل المؤسسات التي تهتم بقضايا حقوق الإنسان في المغرب، وخاصة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتمثيلياته في الأقاليم الجنوبية، وبالإضافة إلى مؤسسات دولة أخرى لها دراية بالموضوع. ومباشرة بعد تدخلات الوفد المغربي، تناول الكلمة عدد من البرلمانيين الأوربيين الذين أكدوا على أهمية المعطيات التي قدمها الوفد المغربي وعلى ضرورة تبني مقاربة متوازنة وواقعية في معالجة مسألة حقوق الإنسان والنزاع بالمنطقة بصفة عامة. وذهب بعض النواب الى اعتبار المبادرة المغربية الخاصة بالحكم الذاتي تمثل الحل المناسب للمشكل ونوهوا بما قام به المغرب من إصلاحات في ميادين عدة. وأكدت مقررة اللجنة في نهاية الاجتماع على أن الهدف من معالجة موضوع حقوق الإنسان ليس هو إحراج الجانب المغربي والتشويش على الحل السياسي الذي ينادي به المنتظم الدولي، بل هو البحث عن السبل الواقعية لدعم المفاوضات الجارية والوصول إلى إقرار السلم بالمنطقة، وأكدت على ضرورة الانفتاح والاستماع إلى مؤسسات أخرى، والقيام بزيارات ميدانية للمنطقة في المرحلة المقبلة. وتشكل الوفد المغربي من كل من محمد عامر، وعلي سالم، الشكاف، عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، محمد يتيم عن حزب العدالة والتنمية، سمير بن سعيد عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الكبير برقية عن حزب الحركة الشعبية.