حجت إلى مقبرة الشهداء بالدارالبيضاء، ظهر يوم السبت الماضي، العديد من وجوه المغرب السياسي والحزبي والنقابي والنضالي والجمعوي، ومن كل الأجيال والحساسيات، وجمهور غفير من أصدقاء وصديقات المرحومة والعديد من المعتقلين السابقين، الذين حرصت الراحلة على إعادة إدماجهم في الحياة العامة بعد تجربة السجن ووفد يمثل سجناء سجن عكاشة، لتلقي النظرة الأخيرة على جثمان المناضلة السيدة آسية الوديع، أحد كبار السيدات اللواتي ساهمن في صناعة المنعطفات التاريخية لبلادنا. وقد كانت بحق جنازة تشهد على مكانة الفقيدة حضرها أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، ومستشارو جلالة الملك، والمجاهد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، وممثلو العديد من الأحزاب السياسية والنقابية ورجال النضال الوطني والمقاومة، ورجال العدالة من رفاق الفقيدة، إلى جانب القوى المدنية والجمعوية وممثلي السلطات المحلية. بمقبرة الشهداء، بعد صلاة الظهر، وفي محفل مهيب، كانت لحظة الوقوف لمواراتها الثرى جد مؤثرة، أشاد خلاله ابنها يوسف شهبي، باسم عائلة آل الوديع في كلمته التأبينية التي ألقاها، بمكانة الراحلة، مخاطبا فيها الأم والمناضلة والوطنية والحقوقية والمثقفة ، قائلا « فجيعتي فيك يا أمي، في يوم رحيلك الأبدي، رغم كل هذا الألم، لا يماثلها إلا الفخر والاعتزاز الذي يملؤني وأنا أرثيك وقد غدوتِ أما للمئات من الأطفال الضائعين والآلاف من الشباب البائسين وأيقونة لأضعَاف أمثالهم من المغاربة نساء ورجالا ممن وجدوا فيك الأم والأخت والصديقة والرفيقة والأنيسة والصدر الرحب الحنون... لقد آثرتِ عن سبق إصرار وبقرار جواني لا راد له أن تكوني أما لنا جميعا رغم الآلام التي تجرَّعتْها روحك ورغم الجراح التي وشمت جسدك منذ صباك الأول...». لتستحضر الكلمة مسارات من حياة الراحلة في علاقاتها مع الوالد محمد الأسفي والأم ثريا والاخوة والاخوات ورفاق النضال، الذي يقول يوسف شهبي عنه « رضعتِ من ثدي أمك الراحلة ثريا السقاط حب الوطن يوم كنتما تقفان على أبواب السجون دعما لأبيك الراحل محمد الاسفي المكافح الفذ، قبل الاستقلال وبعده، من أجل مغرب متحرر يتسع لجميع أبنائه... ثم واجهتِ طغيان الستينات وأنت طفلة تبحثين عن والدك المغيب في المعتقلات السرية أو تعرضين حياتك للخطر في المرحلة الثانوية خلال مظاهرات مارس 1965 التي أفرزت أجيالا من المناضلين والمناضلات... ولم تتأخري ضمن أقرانك نهاية الستينيات عن الكفاحات الطلابية النموذجية في تاريخ بلادنا في مشتل المواطنة: الإتحاد الوطني لطلبة المغرب... ثم كنت حاضرة في كفاحات السبعينيات إلى جانب والدك مرة أخرى، ثم أخويك وأختك حتى أصبح المختطفون والمنفيون في أسرتك أكثر ممن تركتهم آلة القمع داخل البيت... وحين نزل الحكم على أخويك كنت السند والدعامة والحضور الدائم المستمر ليس من أجل أخويك فحسب، بل لكل الأحرار المحتجزين داخل السجن إلى أن أفرج عن آخرهم وفي المقدمة منهم الراحلان الرائعان: إدريس بنزكري وأبراهام السرفاتي...». الكلمة التأبينية، خاطبت كذلك المحامية التي «رفضت الاستمرار في مهنة القضاء أمام ظلم الأحكام، فاخترتِ مهنة المحاماة على حساب مسارك المهني... وكل زملائك يذكرون الروح المهنية العالية التي رافقتك خلال مرحلة القضاء في بداية السبعينيات والدور الذي أصررت أن تلعبيه في قضاء الأحداث، مركزة على الاستماع لهواجس من رمت بهم الظروف إلى الجنوح وعلى تفهم قساوة حياتهم وفتح سبل الإصلاح أمامهم وإعطائهم فرص العودة إلى الحياة، عوض الحلول السهلة المتمثلة في دفعهم إلى مصير قاتم بلا قرار... ألم تطلبي، عقب تعيينك قاضية في المجلس الأعلى للقضاء، أن تواجهي أكبر تحدٍّ وأصعبه متمثلا في النهوض بوضع السجناء وفي المقدمة منهم الأحداث الذين ساقتهم أقدارهم إلى تجربة السجن القاسية؟ ذلك أنك تعلمين علم اليقين أنهم أكثر الفئات هشاشة، ليس داخل السجن فقط، بل وفي المجتمع بأكمله، وذلك لاعتقادك الراسخ أن المجتمعات يُحكم عليها وعلى قيمها الروحية والمعنوية والأخلاقية من خلال سلوكها تجاه هذه الفئات بالضبط، لا من خلال طأطأة الرأس أمام الأقوياء...». كما أشادت الكلمة بصفات الراحلة في المجال الحقوقي والنضالي، معتبرة أنها « كنت حاضرة بكل الواجهات الرسمية منها والمدنية، بكل الصدق والعطاء والتفاني المعهود فيك... رجال ونساء الدولة بمؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء يقدرون فيك إسهاماتك الجليلة في تطوير الخدمات الموجهة لعموم السجناء..حيث أضحى الحق في التعليم والتكوين والإدماج الاجتماعي أحد الأعمدة الأساس لتهذيب السلوك البشري واحترام الكرامة الإنسانية ..وتلك لعمري أهم مقاربة بيداغوجية وإدماجية لمواجهة الجنوح وحماية الأمن الإنساني.. ورفاقك في المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدينون لك بالكثير، وقد كنت وراء هذا المسح الشامل لأوضاع السجون ببلادنا..بل وقُدْتِ، وأنت في حالة وهن وضعف، فريقك لتشتغلوا صباح مساء عبر ربوع الوطن بالإنصات عن قرب لمشاكل السجناء .. وقد كانت لمساتك حاضرة في صياغة التقرير الأخير لأوضاع السجون بالمغرب والذي تميز بجرأة كبيرة في تشخيص الاختلالات واقتراح البدائل ..». كما خاطب يوسف شهبي، في كلمته «ماما آسية»، التي أفصح فيها أن هاتفها «لا يكف عن الرنين ..تسألين عن برامج جمعيتك «جمعية أصدقاء مراكز الإصلاح وحماية الطفولة» وأنت المؤسسة لها، وجعلت من أهدافها النبيلة: الدعم القانوني وتأمين الحق في التمدرس والصحة والإدماج الاجتماعي للجانحين الأحداث.. ، وكنت تتوقين إلى أن تصبح هذه الجمعية الفتية التي أضحى لها اليوم امتداد حي بالدارالبيضاء وسلا وسطات وبنسليمان وطنجة وفاس والجديدة ومراكش وآسفي ..رافعة مدنية موازية لتوسيع وعاء الخدمات للأطفال الأحداث ولعموم السجناء». كما ذكَّرت الكلمة بالوصايا الثلاث للراحلة « هل تتصورون ماذا كانت الوصايا الأخيرة لماما آسية على فراش الموت: أولا: أن تنال عدالة الأحداث ما تتطلبه من مقاربة حقوقية بسن عقوبات بديلة تقطع جذريا مع السياسة الجنائية المعمول بها .. ثانيا: بناء مراكز لإيواء زائري السجناء المعوزين الوافدين من مناطق نائية وقد أعطيت وعود رسمية لبناء نموذج بالبيضاء، ثالثا: وليس أخيرا إسناد جمعيتها «جمعية أصدقاء مراكز الإصلاح وحماية الطفولة» لتواصل مشروعها الإصلاحي الكبير ... ». الكلمة لم يغيب عنها أن تستحضر أمام الحضور الكبير ، صفات أسية الوديع المثقفة، التي كانت تتمتع ب «الروح الإنسانية العالية، الشجاعة في الجهر بالحق حتى في وجه الأقربين، البذل والعطاء للبسطاء والبائسين، أولئك الذين لا تسلط عليهم أضواء ولا يفتح في وجههم باب، باب منزلك المفتوح ملاذا للكادحات الصابرات، الشجاعة الأدبية في مواجهة الأفكار البالية والممارسات المهينة والسلوكات الإدارية الفجة المقيتة والعطف على المحتاجين... هذه بعض خصالك التي لا تحد... ويا من لا يذكر هيامك بكل شيء جميل: بالفن في كل أشكاله من نحت وموسيقى وتشكيل وسينما ومن شعر ورواية من الإبداع العالمي ومن كنوز تراثنا المغربي الخصب الرائع، ويا من لا يعرف انسياب قلمك شعرا ونثرا وامتناعك مع ذلك عن نشر كتاباتك ويا من لا يذكر ابتعادك عن أضواء الوهم وترفعك عن طلب المنافع الشخصية واستعدادك الدائم للبذل والعطاء ولو لم يكن بيمينك ما يعطى... واستعدادك للتضحية بكل شيء من أجل بلدك المغرب، الذي أحببته حد الوثنية...». الكلمة ، كذلك ، خاطبت فيها الأم الرائعة، وماما آسية التي اخترت أن تكون «أمًّا لنا جميعا... ومن أجل ذلك، كم من القبح صادفتِ في حياتك، فواجهته بالابتسامة والتحمل، وكم من الجحود طوق وجدانك، فكان جوابك الحب والعطاء، وكم من الإسفاف عاند خطاك، فواجهته بالكلمة الصادقة الشجاعة والموقف الصلب والرد المفحم حتى أصبح اسم «ماما آسية» على كل لسان، عنوانا للمحبة والعطاء اللامحدود وتأشيرة على الكرامة المستعادة ونبراسا للشعور بالانتماء للآدمية في أجمل وأخصب وأرق وأعمق معانيها، فأحبك الشعب والبسطاء وأحبك المغاربة كلهم وفي مقدمتهم ملك البلاد الذي عرف معدنك منذ اللحظة الأولى فوثق بك وثوق الصادقين وتتبع خطاك ودعم مسعاك، ولم يأل جهدا ماديا ولا معنويا إلا وأحاطك به معافاة أو عليلة تصارعين المرض بثبات المؤمنين وصمود الأبطال... كمن يصعدون إلى حتفهم باسمين...». ولم ينس ابنها يوسف، أن يذكر بكلمتها التي قالتها لمن جاء لاستقبالها في المطار، قائلة: «لو يمهلني الموت قليلا حتى أستمر في خدمة البسطاء في شعبي وأرد لبلادي بعض الجميل وأساهم في تحقيق مبتغى ملكي في وطن يتسع لجميع أبنائه...». وكانت الراحلة أسية الوديع، قد شيعت من منزل العائلة بحي الوازيس، الذي جسد ماكانت تمثله رحمه الله من خصال وتواضُع ودماثَتُه ونفوذ معنوي ورمزي على رفاقها وإخوانها، مما جعل منها شخصية تاريخية تحظى باحترام وتقدير الطبقة السياسية ، وذلك لما ميز مسارها النضالي وأعمالها الجليلة، ومبادراتها ومواقفها وإنجازاتها النضالية في العديد من الفترات العصيبة، وما كان يميز حضورها ومشاركتها في صُنع العديد من الأحداث الكبيرة منها والصغيرة التي كانت تسعى بطموحات البناء التحرري والتنموي والديمقراطي للمغرب جديد. قالوا عن الراحلة فتح الله ولعلو ارتبط اسمها عند الجميع ب «ماما أسية » أنا عرفت الأخت المرحومة وهي صغيرة السن، كما عرفت أبناءها، هي مرتبطة ارتباطا وثيقا بأمها وأبيها، منذ الصغر وهي تعرف شيئا أساسيا، وهو السجن، وارتبط اسمها بالسجن بالاساس، كانت ترافق أمها في البداية لتزور أباها ثم بعد ذلك، في السنوات الأخرى لتزور اخوتها، منذ ذلك الوقت ارتبطت بهذا المجال «السجن»، وبعد ذلك تحملت مسؤولية عظمى باسم حقوق الانسان، وبالتالي أصبحت تدافع عن السجناء بالأساس. والآن ارتبط اسمها عند الجميع «ماما أسية» التي ارتبطت حياتها بهذا الجانب الاساسي للدفاع عن السجناء، وبالتالي الدفاع عن منفذ لحقوق الانسان. نحن من خلالها وشخصيا نودع مناضلة أساسية لحقوق الانسان ومناضلة ارتبط عائلتها بالاتحاد، ومن خلالها نشاهد أمها ثريا سقاط وأباها محمد الوديع الأسفي، ونفكر في كل هذا المسار التاريخي الذي بدأ قبل الاستقلال وبعد الاستقلال، وأسية تمثل جزءا ومرحلة زساسية من هذا المسار . رحمة الله عليها . محمد اليازغي خسارة كبرى للبلد ولسجناء بالخصوص إن وفاة أسية الوديع خسارة كبرى للبلد ولسجناء بالخصوص، لأنها مارست القضاء والمحاماة، لكنها في الواقع خصصت حياتها، مع الألاسف القصيرة، للدفاع عن أحداث السجناء ، وقامت بصورة مثالية وبكيفية أظهرت عمق انتمائها الشعبي والحقوقي والقانوني وعمق انتمائها السياسي التقدمي، فأعطت بذلك المثال للمرأة المغربية التي يمكن أن تحضر في هذا القرن الجديد لمساعدة كل المظلومين والمستضعفين . مصطفى الباكوري ستظل حاضرة بيننا للأسف نشاهد سقوط، مع فصل الخريف ورقة من أوراق النضال، وأظن أنها ستترك جذورا متجذرة في آذان وقلوب جميع من عرفوها، وفي الجيل الصاعد، من أجل مواصلة النضال وتحقيق مغرب سائر في طريق الديمقراطية والرفاهية لجميع المغاربة . نتمنى لعائلتها الصبر والسلوان وندعو الله أن يتغمدها برحمته الواسعة . محمد بنسعيد أيت يدر كانت تمارس قناعاتها المرحومة أسية الوديع، اعتبرها شبه ثريا السقاط، والدتها التي على كل حال كانت تلعب دورا اجتماعيا في المرتبة الأولى، في قضايا المصالح الاجتماعية. كانت والدتها في فترة الرصاص دائما تدخل السجن والاتصال بالمعتقلين، وكذلك ابنتها اسية دخلت في هذا الاطار، ومارست المحاماة وفي عدة قضايا، وكانت رائدة في الدفاع عن المحرومين، وفي القضية الاخيرة للسجون والطفولة، وكان دورها مهما حتى مع الدولة، وكانت من الاطر التي لم تتأثر بمخزنية الحكم، بل بالعكس كانت تمارس قناعاتها هي التي تدفعها لكي تقوم بدورها الاجتماعي وفي علاج مشكل المسجون وخلق تقاليد داخل السجون، وهو السجن يجب ان يكون تربية، وكانت رحمها الله لها رابطة لذاكرة بلادها. صلاح الوديع يجب أن نعيش كلنا بكرامة، هذه رسالة آسية آسية ، وداعها يجعلنا نحس بغصة وحزن، وشعور بالألم عميق. ولكن في نفس الوقت، نشعر بمسؤولية كبيرة جدا في اتمام رسالتها التي بدأتها، بأن توصل للأجيال الصاعدة، بأن الأرقام مهمة، المؤسسات مهمة، المسؤوليات مهمة، ولكن أهم من كل هذا هو القلب، هو الحب، هو الصدر الذي يحمل القيم النبيلة، ويستطيع من مستواه، وبتدرج حتى إلى أعلى المستويات، يستطع أنه يثبت، بأن هناك جدوى من حمل هذه القيم، وهناك جدوى من خدمة الوطن، وهناك جدوى من خدمة الضعفاء، وهناك جدوى من خدمة المواطنين، وهناك جدوى من خدمة البلاد. هذا كله عنوانه الكرامة، الكرامة، ويجب أن نعيش كلنا بكرامة، هذه رسالة آسية. ادريس اليازمي وفاء لروحها.. يجب متابعة نضالاتها أتذكر، أول اجتماع عقدناها مع الفقيدة، مرت عليه قرابة عشرة أشهر، لمحاولة اطلاق مسلسل التحضير للتقرير عن السجون الذي خرج مؤخرا. حيث شاركت في بلورة التصور وتكوين أعضاء المجلس الوطني على المستوى الوطني والجهوي، والقيام بالزيارات، وبلورة الاستثمارات، كتابة التقرير، وبلورة توصيات. ولم تمض إلا عشرة أيام، على اتصال معها، حول التدقيق في التوصيات. إذن، وفاء لروحها، يجب متابعة نضالاتها التي بدأتها على عدة مستويات، المساواة بين الرجال والنساء، تجسيد روح المواطنة التي تجسدها بتلك القوة التي كانت تتمتع بها، كذلك الدفاع على كل الفئات الهشة في هذا الوطن، خصوصا الأطفال، لقد كانت حاملة لهذا الهم. فاطمة بلمودن كانت في صمتٍ وصبرٍ متفائلة المرحومة آسية الوديع، اسم مهم في تاريخ الحركة النضالية المغربية على جميع الأصعدة. فمن نضالها السياسي، إلى نضالها النسائي والحقوقي، ونضالها ضد الظلم والقهرة، سواء لما كان مساندة ومحركة لمبادرة أسر معتقلي سنوات الرصاص، أو حين كانت محامية لكل مظلوم ومهمش في هذا الوطن، وحين كانت عنصرا فاعلا في الحركة النسائية من أجل النهوض بأوضاع النساء المغربيات بجانب والدتها المرحومة ثريا السقاط. وهي كذلك توجت نضالها الحقوقي، بمساندة السجناء القاصرين الذين كانت لهم أُمِّا حنونة، ومكنتهم من الحياة داخل ظروف السجن بصورة أفضل، كما مكنتهم من الاندماج داخل المجتمع. فقدنا في الأخت آسية، كل هذه الصفات، والروح التي لا تكل ولا تمل، رغم أنها كانت تحمل مرضها منذ القديم، ولكنها كانت في صمتٍ وصبرٍ متفائلة. رحمة الله عليها، وعلى ثريا السقاط. زهور العلوي خسارة آسية.. أكبر من أن توصف خسارة آسية، أكبر من أن توصف، خاصة وأنا أريد أن أختزلها فقط في كونها رمز من الرموز النسائية، التي دافعت عن العدالة في شموليتها وبالطبع، قضية المرأة، هي قضية عدالة أيضا بامتياز، وقضية انصاف ومناصفة وشيء من هذا القبيل. وخسارتنا، في هذه المناضلة سليلة المناضلين والمناضلات، كنت دائما أقول مع نفسي ما هذا التوجه نحو إصلاحية عكاشة، ونحو الجانحين، ولكن عندما أرجع إلى ماضي آسية أجدها قد عرفت جرح السجن قبل أن تبدأ في المجتمع المدني لتناضل من أجله. صراحة، لم أستسغ فقدانها، رغم أن معاناتها قديمة، لكن في آخر زيارة لها في عمادها الأصيل، كإبنة ثريا، وابنة الوديع، كأخت لعزيز وصلاح.. وكلهم نسيج الوحدة.. ، عزاؤنا فيها، .. وأن مثل هذه الرموز تبقى حاضرة بيننا. أحمد حرزني أتمنى فقط أن يكون الخلف متوفرًا فقدان آسية الوديع، يعتبر خسارة كبيرة جدا، لأنها امرأة تعتبر من رائدات النضال الحقوقي في المغرب، تميزت بالخصوص بتخصصها. شأنا أن نقول، وهو نادر والمتثمل في الاهتمام بأوضاع الأحداث التي هي في وضع الاعتقال، ومعروف عنها تفانيها في هذه المهمة، والصدق الذي اشتغلت فيه بهذا المجال. وأعتقد، أن أكبر دليل على ذلك، هو الاسم الذي عرفت به خلال السنوات الأخيرة من حياتها، الذي هو «ماما آسية» الذي منحه لها هؤلاء الأحداث . رحيلها يعد خسارة كبرى، وأتمنى فقط أن يكون الخلف متوفرًا. خالد الناصري خبرت فيه المناضلة المتلزمة بالقضايا المبدئية المرحومة آسية الوديع، كانت جزءا من المشوار المشترك، الذي قضيناه جميعا، حيث تعرفت عليها عندما كنا طالبين بكلية الحقوق بالدار البيضاء، بنفس السنوات وخبرت فيه المناضلة المتلزمة بالقضايا المبدئية ولم تتغير طيلة حياتها، وبالتالي أنظر إلى فقدانها أنه خسارة ليس فقط للعائلة النضالية والحقوقية التي وظفت من أجل مبادئها كل قواها، بل هي خسارة للبلاد كلها. ادريس جطو وهبت حياتها للآخرين السيدة آسية الوديع، كرست ووهبت حياتها للآخرين، خصوصا وأن هؤلاء الآخرين هم المستضعفون، السجناء، الأطفال، هم الذين يضيع حقهم، هم الذين يحتاجون إلى أحد ليستمع إليهم ويواسيهم وينصحهم، هذه هي حياة آسية إجمالاً. رحمها الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون. محمد درويش واحدة من أعمدة الدفاع عن حقوق الانسان رحم الله المناضلة الحقوقية أسية الوديع، عرفناها تدافع عن الانسان عن السجين والطفولة وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا، وبرحيلها يكون المغرب قد فقد واحدة من أعمدة الدفاع عن حقوق الانسان وقد ساهمت بشكل واضح في تطوير حياة السجناء وفي تطوير المنظومة الحقوقية بالمغرب ، وعرفت في حياتها بطيبوبتها، وبإنسانيتها وبتواصلها مع كل شرائح المجتمع ، حتى ان المغاربة اطلقوا عليها اسم «ماما اسية » فرحمة الله عليها. محمد الفلاحي مسار مناضلة عرفت المرحومة أسية الوديع منذ الصغر في النضال في بداية السبعينات، كانت رئيسة مرصد السجون، ولم يكن سهلا الاشتغال في هذا المجال، كيفية الاعتقال ووضعيته وسنهم.، الله يرحمها عملت واجبها في الدنيا ضمن أسرتها الصغيرة والكبيرة ، وهي عائلة مناضلة اتحادية . متأثر كثيرا لفقدان المناضلة كبيرة اسية الوديع . نحن جيل من المناضلين ذاهبون، هذا الجيل الذي عاش عصر الظلمات. وتربيت تربية محمد الوديع الاسفي رحمه الله ، هو الذي بدأ معنا من الاول كمؤطر لأننا من نفس المدينة أسفي. مصطفى مريزق سيرورة تاريخية تستحق عليها الشكر المرحومة أسية الوديع أدت في سيرورة التاريخية عملا تستحق عليه الشكر، وكانت تناضل في مركز السجون التي أدت فيه خدمات جليلة ومهمة، تركت إشعاعا مهما على الصعيد الدولي والوطني. فراقها ترك حزنا عميقا في نفوسنا، وترك فراغا في السيرورة التي كانت تشتغل فيها المرحومة أسية. كانت تعتبر من النساء الشهيمات في المجال الحقوقي والإنساني.