أشعلت التدابير الضريبية الجديدة التي جاء بها مشروع القانون المالي 2013، غضب الرؤوس الكبيرة في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث أطلقت مجموعة من القيادات الوازنة في الاتحاد، انتقادات لاذعة لمضمون القانون المالي القبل، معلنة بذلك انتهاء شهر العسل بين اتحاد الباطرونا وحكومة عبد الإله بن كيران. فقد عبر صلاح الدين القدميري نائب رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب عن استيائه العميق من الطريقة التي اعتمدتها الحكومة في فرض الضريبة على الأجور التي اعتبرتها «عليا» ، مؤكدا أنها طريقة غير منهجية وغير مهيكلة. وقال القدميري في تصريح أدلى به ل «الاتحاد الاشتراكي» أمس ، إن الحكومة حين عمدت إلى فرض تدابير ضريبية جديدة لتمويل صندوق دعم التماسك الاجتماعي، إنما اختارت الطريق الأقصر والحل الأسهل الذي لم يراع مدى خطورة مثل هذه القرارات على تنافسية النسيج المقاولاتي ببلادنا. وأضاف الرجل الثاني في اتحاد الباطرونا، أنه بدل أن تجتهد الحكومة في توسيع الوعاء الضريبي ليشمل القطاعات غير المهيكلة وتدخل في جعبته المتملصين والمستفيدين من الامتيازات ومن الإعفاءات الضريبية، لم تجد أمامها إلا الملزمين الذين يؤدون أصلا ضرائبهم لتزيدهم حملا آخر، دون أن تأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي تواجهها المقاولات في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة. واستطرد القدميري قائلا «نحن لسنا ضد مبدأ التضامن ولكن ليس بهذا الشكل من القرارات الأحادية الجانب»، مبديا استغرابه من كون الحكومة التي تدعو الجميع إلى التشاور والتفكير المشترك في معالجة مدونة الضرائب، بما يضمن العدالة والنجاعة الضريبية، تستبق موعد المناظرة الوطنية حول الموضوع لتفرض حلولا سهلة، وسيكون من الصعب تعديلها لاحقا. ووعد القدميري بأن الموقف الرسمي للاتحاد العام لمقاولات المغرب من هذا الموضوع سيكون صارما وواضحا ليزيل كل لبس لدى الرأي العام. من جانبه اعتبر جمال بلحرش، رئيس لجنة الشغل والعلاقات الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، في حوارٍ له مع الزميلة «أوجوردوي لوماروك»، أن إرهاق كاهل المقاولات بالضرائب يفضي ببعض المقاولات إلى التوجه نحو ما هو غير مهيكل، مردفاً أن الحكومة تريدُ ربحَ المالَ دون أي انسجام، فهيَ ماضيةٌ في خلق مناصب في القطاع العمومي، لا يتكبدُ دفع ثمنها في نهاية المطاف سوى القطاع الخاص، مؤكدا أن قانون المالية للسنة المقبلة يفتقر إلى حس المسؤولية.. غير أن مصادر مقربة من الحكومة اعتبرت في تصريح لجريدتنا أن مقترحات الباطرونا كانت تصب في اتجاه الرفع من مستوى الضريبة على القيمة المضافة لتمويل الصندوق المذكور، أو فرض الضريبة على القيمة المضافة الخاصة ببعض المواد المعفية، وهو المقترح الذي تقول مصادرنا إنه كان سيضر بالقدرة الشرائية لشرائح واسعة خصوصا من الطبقة الوسطى. ويَقترح مشروع قانون المالية في ظل محدودية إمكانيات الميزانية العامة، إيجاد موارد قارة لصندوق دعم التماسك الاجتماعي، والتي فرض بشأنها تدابير اعتبرها تضامنية من طرف الفئات الميسورة لفائدة الفئات المعوزة، تتمثل في إحداث مساهمتين: الأولى برسم الأرباح والدخول الخاضعة للضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل. وقالت مصادر حكومية إن تأثير هذه الاجراءات يبقى محدودا على الشركات (فقط 500 شركة معنية أو حوالي 0,05% من النسيج المقاولاتي) وذوي الدخل الصافي الذي يفوق 25.000 ألف درهم (0,03% من الساكنة النشيطة المشتغلة ومن ضمنهم فقط 3.480 منتميا للوظيفة العمومية). أما في القطاع الخاص فإن هذه التدابير تخص بالضبط 32520 ملزما ضريبيا . يضاف إليها الموارد المتأتية من رفع نسبة الضريبة على الدخل المطبقة على الأرباح العقارية الناتجة عن التفويت الأول للعقارات التي يتم إدراجها لأول مرة في المدار الحضري من 20% على 30%. ويرمي هذا الإجراء - حسب الحكومة - إلى محاربة الريع والمضاربة العقارية، ويأتي ضمن مجموعة من التدابير التي ستبلورها الحكومة لمحاربة اقتصاد الريع وتتعلق خاصة بإصلاح منظومة النقل باعتماد نظام طلب العروض ودفتر تحملات جديد، وبتحويل تراخيص استغلال مقالع الرمال إلى دفاتر التحملات للحد من الاستثناءات.