للاشك أن كل متتبع لما يجري بكل من عين حرودة والشلالات، سيلاحظ التناقض الحاصل، من جهة، بين المخططات والبرامج الاجتماعية للدولة الهادفة إلى النهوض العمراني بهذه الناحية، ومن أهمها القضاء على السكن غير اللائق. ومن جهة أخرى، بين النهب الممارس في المجال ذاته، على أرض الواقع، والذي يفرغ هذه العملية من مضمونها الاجتماعي والإنساني. والملفت أن كفة من يعملون على عرقلة أي مشروع اجتماعي طموح، هي المرجحة هنا، في غالب الأحوال، إلى حد أنك قد تجد صدى لها، داخل مصالح وإدارات عمومية معينة، تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه، وذلك بتنامي كل أشكال الفساد، واستنزاف المزيد من العقارات والأراضي المترامية هنا وهناك، ولأطول مدة ممكنة حتى إذا ما تقرر إنجاز شيء لصالح الفئات الاجتماعية المعدومة في مجال السكن، تجد تلك العقارات وقد ابتلعت من طرف لوبي العقار المعشش داخل مختلف أجهزة الدولة. وحتى لا نبقى في العموميات، نشير هنا إلى ما يحدث الآن بتراب جماعة عين حرودة، بكل من دوار حربيلي، دوار لحجر، دوار الين، دوار الجديد، ودواوير أخرى كثيرة، والتي تعرف عملية البناء العشوائي فيها وتيرة متسارعة، من قبل بعض »ذوي الحصانات...« فبقلب البلدية (مركز 17) ثمة عدد هائل من الدكاكين الفوضوية نبتت مثل الفطر، وهي تمتد من وسط الشارع الرئيسي، خلف بناية الدرك الملكي حتى سوق الجوطية، أصحابها معروفون، وهم أول من ينتهك قانون التعمير، ويتحصنون وراء سلطة الجماعة، يستمدون منها بعض نفوذهم بدون أن يطالهم سيف العدالة، رغم الملفات الدسمة والتي تورط فيها بعضهم... وإلا فما الذي يمنع السلطات والجهات القضائية، المفروض أنها الساهرة على احترام القانون وتنفيذه، من القيام بواجبها وحماية الأملاك العامة والخاصة بدلا من اتخاذ موقف المتفرج، وهي ترى بورصة البناء العشوائي ترتفع يوما بعد يوم وبصورة جنونية... مما يطرح تساؤلات حول مصير المدينةالجديدة زناتة، وكيف يمكن تصديق أن ثمة مشروع اجتماعي رائد تبنته الدولة، وعلى أعلى مستوى، يقال إنه سيشيد في المستقل المنظور، في الوقت الذي نجد البناء العشوائي يزحف للقضاء على ما قررته الدولة في هذا المجال. أما بالشلالات، فالوضع بترابها، ليس أقل بؤسا وفوضى من مركز 17، والبناء السري بها ضرب جميع نواحيها، وخاصة بدواوير الشعيبية، المكذورية، الربيعات، دوار معزة، كسكاد، دار كابي، دوار الأكراد، دوار القشاش، وكذلك ما بين الطريق السيار والطريق رقم 1، قرب دوار معزة الحجر، يقف وراءها أعضاء وأشخاص مقربون من بعض مسؤولي الجماعة، وهم الذين ما فتئت الصحافة الوطنية تكتب عنهم وتكشف عن مخالفاتهم المتوالية والمتجلية في بنائهم لشعرات الدور السكنية والدكاكين والمستودعات الضخمة والمعامل، وإعادة بيعها، ليس على أراضي الخواص فحسب، بل حتى على أراضي الدولة، كما هو الحال بطريق الرباط رقم 1، في الجهة المقابلة لدوار معزة الحجر، حيث اكترى أحد الأعضاء أرضا من الدولة وبنى عليها معملا عشوائيا للنباتات، إضافة إلى عدد من الدكاكين والمحلات توجد بعين المكان، لم تكن موجودة من قبل، وهي محاذية لمعمل الرخام وصيدلية وتوجد هناك، تم بناؤها من طرف مستشارين بالجماعة أو من المقربين منهم، بدون ترخيص، ولم يحدث قط أن اتخذت في حق أصحابها المخالفين إجراءات بالهدم، أو حتى مجرد كتابة محاضر بالمخالفات المرتكبة. ولعل قضية بناء ما يفوق 1600 مسكن سري بدوارالشعيبية والمذكورية، وقبله تشييد عدة دور وقصور فخمة على طول شريط كسكاد - طريق واركو، طيبة، واد حصار، بدون متابعة أصحابها، لأكبر دليل على الكيل بمكيالين، تجاه الجشعين وبعض المتاجرين في العقار.