من خلال متابعتنا لجلسات كل من المحكمة الابتدائية قرب عمالة الحي المحمدي عين السبع ومحكمة الاستئناف، بشارع الجيش الملكي، حيث تدرج الملفات الجنحية العادية والتلبسية، أصبح يثير انتباهنا تزايد الملفات المتعلقة بجنحتي الضرب والجرح وتبادلهما والعنف وجنايتي الإيذاء العمدي والضرب والجرح العمديين المفضي إلى عاهة مستديمة أو إلى القتل دون نية إحداثه، وهي جنح وجنايات أقل عقوبتها شهر حبساً نافذاً و أقصاها عشرون سنة، أما إذا ارتبط الضرب والجرح بالعمد والنية الإجرامية ونتج عنه قتل الضحية، فإن العقوبة هي السجن المؤبد طبقاً لمقتضيات الفصول 400 إلى 404 من القانون الجنائي. في هذا السياق، يمكن القول إن ممارسة المرأة للعنف تحول إلى ظاهرة، ليس فقط على جاراتها وعلى غيرهن بالحمام والأماكن العمومية كالسوق والشارع العام، ولكن كذلك على أقرب الناس إليها متمثلين في أخواتها أو أمها أو أبنائها، بل وحتى زوجها. إن تكاثر ملفات متابعة المرأة بمثل هذه الجنح والجنايات يؤثر سلبياً على الأسرة من عدة جوانب، سواء أكان اعتقالها ومحاكمتها وحبسها أو سجنها راجعا لممارستها العنف ضد أحد أفراد أسرتها أو ضد أجنبي عنها، لأن إبعادها عن زوجها وأولادها تكون له عواقب وخيمة على تربية الأبناء وعلى نفسيتهم. لقد عاينا مراراً بقاعات الجلسات الجنحية والجنائية، أمهات توبعن وصدرت في حقهن أحكام بالحبس أو بالسجن وكان أولادهن ذكورا وإناثا أقل من 10 سنوات يصرخون بالقاعة لدرجة أزعجت الرئيس ليأمر بإخراجهم من القاعة، فيما توجه رئيس آخر للأم يوبخها على ما تسببت فيه لفلذات كبدها. نعم، إن العنف أصبح ظاهرة، لكن أن تكون المرأة فاعلة فيه، فذلك ما يطرح علامات استفهام خطيرة حول مستقبل مجتمعنا، ويجعل مهمة المسؤولين في إيجاد حلول لذلك من الأولويات.