لقد أفلح وزير الصحة السيد الحسين الوردي في صرف اهتمام الرأي العام والشغيلة الصحية عن ملفات الفساد الكبرى التي عرفتها وزارته على عهد سابقته. أفلح السيد الوزير من حيث يدري او لا يدري، في ان يحول النقاش حول أولويات الوزارة الى نقاش وصراع مفتعل حول إدماج الممرضين خريجي المعاهد الخاصة بتفعيله للمرسوم المتنازع حوله، وانتقل الحديث من حديث عن ملفات فساد ورثتها وزارته يستوجب إحالتها على القضاء لفتح تحقيق جنائي فيها ، الى نقاش عام وفارغ من كل مستوى إرضاء ومحاباة للبعض. عندما اكتشف السيد الوزير تلك الملفات وتم تسريبها بطريقة او بأخرى الى الصحافة، لم تكن مناسبة تمر دون ان يؤكد حرصه على محاسبة كل من تورط في هذه الملفات من قريب أو بعيد، لكنه فجأة امتنع عن الخوض في هذه الملفات وعندما أحرجوه بشأنها، قال كلمته الشهيرة «اللي بغا يصفي حسابو مع الوزيرة السابقة يصفيه بعيد مني.. » ! إذن فالسيد الوزير يطلب من الشعب برمته الابتعاد عنه، فالشعب هو من يريد معرفة حقيقة الأمور بوزارة تتكفل بصحته ، الشعب يريد أن يعرف حقيقة صفقات أدوية ومصاريف أشغال مولت من ماليته العامة. الشعب يريد أن يعرف فقط إن كان ماتم نشره من غسيل وزارة صحته، والذي يبدو أنه متسخ إلى درجة السواد، صحيحا أم مجرد مزايدات تستوجب النفي؟ فإما أن ينفي رسميا مانشر وإما أن يتم عرض خلاصات التحقيقات والمعطيات والتي تؤكد مصادرنا بأنه يتوفر على عناصر بشأنها. فهل خاف السيد الوزير «أن تنتحر الوزيرة السابقة» بعد تناسل فضائح الوزارة على عهدها؟ فهو لم يُكَذٌِبْ ما نُشر حول هذا الموضوع في الصحافة الوطنية خلال شهر غشت الماضي عندما أفادت الأخبار الصحفية بأن مسؤولا كبيرا في الدولة عاتب وزير الصحة على الانتقادات الشديدة التي وجهها إلى ياسمينة بادو، وزيرة الصحة السابقة، حيث قال مخاطبا الوردي «واش بغيتي تدفعها للانتحار..!» فاتقى السيد الوزير المعروف بطيبوبته الله فيها وامتثل لسياسة «عفا الله عما سلف» التي أطلقها رئيس الحكومة؟ أم أن السيد الوزير وصل الى خط أحمر لا يمكنه ان يتجاوزه؟ إذا كان الأمر غير ذلك، فلماذا أقدم وزير الصحة على توقيف عملية التفتيش بمديرية الموارد البشرية ؟ والشعب يريد معرفة لماذا أحجم وزير العدل عن فتح تحقيق قضائي في موضوع كل هذه التلاعبات التي عرفتها ميزانية وزارة الصحة رغم تقارير المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات وما نشر في الصحف الوطنية حول موضوع الفساد المالي بوزارة الصحة، وبخاصة فضيحة اللقاحين اللذين كلفا الدولة ملايير الدراهم كان من الأحرى تخصيصها لنظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود؟ الشعب يريد معرفة حقيقة ماجرى في الوقت الميت من عمر الوزارة، وهو يريد معرفة حقيقة ماتم التداول بشأنه بخصوص ما اعتبر عملية تزوير لمحاضر ووثائق تتعلق بالتوظيف والترقي المهني للأطباء والممرضين والتقنيين ونسبة هامة تم توظيفها خارج القانون. الشعب يريد معرفة حقيقة ماتسرب عن تزوير محاضر الامتحانات والمباريات و التلاعب الذي عرفها الغلاف المالي للتكوين المستمر، فضلا عن فضيحة «البرنامج المعلوماتي المقرصن» الذي كلف خزينة الدولة ملايين الدراهم. فالشعب يقول بأن القضاء النزيه هو الذي يملك حق منح صك تبرئة كل من تحوم حوله الشبهات أكانت وزيرة الصحة السابقة أو كاتبها العام أو غيرهما وليس السيد الوزير الحالي ومن يدور في فلكه أو من يحرك المشهد من وراء ستار؟ فهل أفلح السيد الوزير في تحويل الأنظار عما يريد الشعب معرفته؟