تستعد وزارة الاتصال لإصدار مسودة مشروع قانون تنظيمي للصحافة الإلكترونية، ويروم هذا المشروع الذي سيرى النور في غضون الشهر القادم، تقنين القطاع، ومعالجة الجوانب المتعلقة بأخلاقيات المهنة وبالملكية الفكرية. وكشف مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في تصريح ل«العربية.نت»، عن وجود 480 موقعا إخباريا إلكترونيا بالمغرب، عدد يزيد وينقص، لكنه يبقى الآن حسبه مستقرا في 400 موقع، مشيرا في نفس الآن إلى وجود 4 ملايين و700 صفحة اجتماعية على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي. وسجل مصطفى الخلفي أن النسبة الكبيرة من المنخرطين في هذه الصفحات والمواقع تتشكل قاعدتها من الشباب، وأن 40 بالمائة منهم تقل أعمارهم عن 24 سنة، مبرزا أن هذه المؤشرات تعبر في مستواها الكمّي عن تطور جديد في مجال الإعلام والتواصل الافتراضي بالمغرب، والذي وصفه بالجد متقدم، لكن المعطيات المرتبطة بالمضمون الرقمي تظل دون المستوى المطلوب. وأشار إلى أن موضوع الصحافة الإلكترونية كان مثار مشاورات وجلسات تواصلية مكثفة، قابلت خلالها الوزارة جميع الفعاليات والأطر والكفاءات والمؤسسات ذات الصلة، وتوّجت بيوم بحث تطرق لأهم القضايا المتعلقة بوضع إطار قانوني يلائم خصوصيات القطاع إلى جانب التحديات المطروحة على مستوى تعزيز أخلاقيات المهنة وحقوق الملكية، إضافة إلى القضايا التكنولوجية والتقنية، ثم الآفاق السياسية والاقتصادية المهنية لهذا القطاع وغيرها من التحديات التي تواجهه. وقال وزير الاتصال إنه وعلى ضوء هذا اليوم البحثي، ومن أجل وضع مقاربة قانونية، تم تشكيل لجنة تتكون من خبراء إعلاميين وممثلين عن الهيئات الفاعلة في الحقل الإعلامي، مشيرا إلى أن مشروع مسودة القانون المنظم للقطاع ستكون جاهزا في غضون شهر أكتوبر. وأبرز أن هذه الجنة التي يرأسها عبدالوهاب الرامي، الأستاذ في المعهد العالي لعلوم الإعلام والاتصال، تعمل حاليا على إعداد كتاب أبيض يتضمن استراتيجية للنهوض بهذا القطاع المهم والواعد في نظره، لكي تكون الصحافة الإلكترونية حسبه عنصراً داعما لحرية الصحافة ولتعزيز الرقابة على الفاعلين في الشأن العام. ومن جهته، اعتبر عادل أقليعي، رئيس الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية عضو لجنة الكتاب الأبيض، أن تنظيم القطاع الذي ظل منذ زمن طويل مطلبا قائما بالنسبة للعاملين في الحقل، يراهن على سد الثغرات في هذا المجال ويؤطره، وكذا لتوفير الدعم المادي والمعنوي للصحف الإلكترونية المغربية للرقي من صحافة الأفراد إلى الصحافة المهنية. وأوضح أن الرابطة سبق وأن أصدرت مؤخرا في كتاب نتائج دراسة ميدانية، وذلك بدعم من المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، أبرزت أن 96 بالمائة من الصحافيين العاملين بالصحافة الإلكترونية في المغرب يؤيدون صدور قانون منظم للقطاع، مع أن هناك مَنْ يتخوف من أن يفرض هذا القانون قيودا تحدّ من حرية ممارسة الصحافة. وقال أقليعي إنه ومهما كانت هذه المخاوف مشروعة فإن مسألة تنظيم القطاع تعد بالنسبة إليه مسألة حيوية، مشيرا في هذا السياق إلى أن الفراغ القانوني والتنظيمي يجعل محتوى العديد من الصحف الإلكترونية لا تتمتع بالحرية الفكرية، وهو ما يعتقد به تبعا له حوالي 74 بالمائة من الصحافيين الذين شملتهم الدراسة. وأضاف أن أغلبية الممارسين لهذه الصحافة من الهواة (46بالمائة) منهم لم يتلقوا دورات متخصصة في الصحافة، مقابل أكثر من 31 بالمائة يمارسونها رغبة في التعبير عن آراء شخصية، في حين أن أغلبهم يكتب ويعمل في الصحف الإلكترونية دون مقابل مادي (83بالمائة) بفعل عدم مأسسة هذه الصحف على شكل مقاولات إعلامية، وهي مؤشرات تستدعي في نظره هيكلة وتنظيم القطاع. ومن جهته يرى علي أنوزلا، مدير نشر موقع «لكم» الإخباري، أن الصحافة الإلكترونية في المغرب صحافة فتية، وأنها ظهرت في البداية كصحافة هاوية يشتغل بها هواة، والآن بدأ بعض المهنيين يلتحقون بركبها، لكن الإمكانات تظل تنقصهم، ما يجعل عملهم تبعا له، يبدو في مستوى عمل الهواة. فالصحافة مهنة ولكنها في نفس الوقت صناعة تحتاج إلى إمكانات مادية من أجل تطويرها. ويعزو أنوزلا عدم توافر هذه الإمكانات إلى اليوم، لكون أصحاب رؤوس الأموال مازالوا لا يثقون بجدوى الاستثمار في هذا النوع من الصحافة؛ ولأن سوق الإعلان في المغرب، خاصة الإعلانات الموجهة إلى الانترنت، مازالت هي الأخرى في بدايتها، ويشير المتحدث، الذي أضاف إلى ذلك الإكراهات السياسية التي قد يطرحها خط التحرير عندما يكون مستقلا. ويقول أنوزلا إنه لا ينتظر الكثير من قانون الصحافة الإلكترونية، بل يخشى أن يكون فقط محاولة لضبط المجال من أجل تقييده، مشددا على أنه مع تنظيم القطاع، لكن لا يجب أن يكون الهدف من وراء عملية التنظيم هو الضبط والتقييد. ويشير إلى أن ما تمتاز به الصحافة الإلكترونية، رغم الفوضى التي يعيشها القطاع اليوم، هو هامش الحرية الذي يتيحه النشر على الإنترنت والاستقلالية المالية، على اعتبار أن كلفة النشر منخفضة، بشكل كبير مقارنة بالنشر في وسائل الاتصال التقليدية.