لقد استجاب الدستور في مادته 170التي نصت على: "يعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المحدث بموجب الفصل 33 من هذا الدستور، هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية. وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي ، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسؤولة." أكثر المطالب التي ألح عليها الشباب و تنظيماته الشبابية، و كان محور نقاش بين الفعاليات الشبابية التي استقبلتها اللجنة الاستشارية حول تعديل الدستور، حيث ألحت مختلف التدخلات من قبل الشباب الذي قام بعرض و تقديم وجهة نظره في الدستور أثناء مرحلة إعداده، على ضرورة ايجاد آلية وطنية يتم من خلالها الاستماع للشباب و تشكل مناسبة للتحاور بين مختلف اطياف الشباب المغربي و حركاته الشبابية و الشبيبة ، بهدف إشراكه في صنع السياسة العمومية التي تستهدفه و كذا يعمل من خلالها على تشكيل جهاز وسطي بين الشباب المغربي و مؤسسات الدولة الرسمية، خصوصا و أنه منذ تجربة مجلس الشباب و المستقبل و الذي تم اخراجها ضمن الاختناق الاجتماعي الذي عرفه المغرب و الذي انفجر مع اضرابات دجنبر 1990، لم يعرف المغرب أي تواجد للشباب, سواء ضمن مؤسسات الدولة، أو ضمن سياستها العمومية، بل أصبح مقصيا و مهمشا مما جعله عرضة للتهميش و الإقصاء السياسي و الاجتماعي و الثقافي....و توجه بحراك ثقافي و صراع قوي خاضه الشباب منذ بداية سنة 2000 و هذه المرة من البوابة الفنية و الثقافية، من خلال الموجة الموسيقية التي اجتاحت المغرب و شكلت إيذانا عن اعلان ثورة ثقافية قادمة سيكون الشباب في مقدمتها و قائدا لها، و هو ما تطور مع تراكم كرة ثلج الإقصاء ليصل الى حراك 20 فبراير الشبابي.... اليوم، و بعد أن أصبح المجلس الاستشاري للشباب و العمل و الجمعوي مؤسسة قائمة الذات و ذات قوة مؤسساتية من خلال المواقع الدستورية الذي أصبحت عليه، و التي أعطاها قوة ، عليه يمكن القول ان هذا المجلس مطروح أمامه العديد من التحديات: التحدي الاول: مطروح اولا على المجلس ان يعمل على القيام ببحث ميداني و سوسيولوجي لتحديد مفهوم الشباب حتى يتم معرفة الفئة المقصودة بهذا المجلس، و المستهدفة من خلاله، حيث انه بالنظر لصعوبة الاعتماد على التحديد الاجتماعي أو " الطبقي" على اعتبار ان الشباب لم يشكل يوما وحدة و كتلة اجتماعية متجانسة بل تداخلته عدة تناقضات اجتماعية و طبقية احيانا تكون واسعة، بالنظر لتنوع انحداره الاجتماعي و انتمائه الأسري، يجب على المجلس بداية ان يعمل على تحديد الفئة المراد استهدافها و التي تعتبر معنية بعمله ، و البحث عن آليات لتحديد أية فئة من الشباب سيستهدف؟ التحدي الثاني، يبقى أهم التحديات التي على المجلس أن يجيب عنها تلك المتعلقة بالإجابة عن الهوية الثقافية للشباب المغربي، من خلال محاولة ابرازها كمعطى ثقافي حاضر و معترف به يتجلى في نوع الموسيقى التي يستمع إليها، اللباس، و كذا اشكال تعبيراته الاحتجاجية التي تم ابداعها من طرفه، و هنا يمكن التذكير بالمحاكمات التي طالت شباب الهيب هوب في بدايتهم الاولى، حيث لم يتقبل جزء من المجتمع و كذا الدولة خروج الشباب للتعبير عن نفسه بالشكل الذي عايشناه جميعا، لذلك يبقى مهمة هذا المجلس فتح نفاش واسع مع مختلف الفئات الشبابية من أجل فهمه و فهم تعبيراته السلوكية، و كذا من أجل دفعه للتعبير عن نفسه بشكل حر. التحدي الثالث، تحدي متعلق بتركيبته، و الكيفية التي سيعمل بها، و كيفية تنظيمه و طريقة عمله، ان انشاء هذا المجلس يجب ان يكون من ورائه هدف رئيسي هو تمرين الشباب على ممارسة الديموقراطية، من خلال خلق مجلس متنوع، بمشارب متعددة، يجتمع فيه الشباب للنقاش و للتربية على الاختلاف و قبول الآخر، و الأهم هو التعود على تدبير الاختلاف بشكل ديموقراطي. التحدي الرابع، هو بالضرورة يجب ان يجعل من هذا المجلس شريك في وضع السياسة العمومية التي يكون الشباب موضوعا لها، اذ ان اغلب مشاكل الشباب التي تواجهه هي عدم إشراكه و إدماجه في التخطيط و تحديد توجهات الدولة "سواء من خلال رئيس الحكومة، و كذا من خلال وزير الشباب " في البرامج الحكومية التي يجب ان تستجيب لمطالبه المتنوعة، و يكون شريكا فيها و في تنفيذها. التحدي الخامس، هو تحدي يجعل من هذا المجلس، قادرا على اعداد الابحاث و الدراسات التي تعنى بقضايا الشباب، و التي تكون من إعداد الشباب نفسه، و ذلك قصد إعداد تقارير دورية موضوعاتية تهم قضايا و مشاكل الشباب و ايجاد حلول و بدائل لمشاكلهم المتنوعة، و تقديم اقتراحات في الموضوع للجهات التنفيذية المعنية التحدي السادس، هو تحدي يتعلق بضرورة ان ينصب هدف المجلس على : التكوين و التأطير، على قيم السلوك المدني، و على المواطنة الحقة الكاملة المبنية على تحقيق المساواة، و على مبادئ الحداثة، و الديموقراطية، و حقوق الانسان، و تنمية القدرات و المهارات التواصلية لديه، و على تدريسه تاريخ المغرب السياسي و الاجتماعي و الثقافي. ان هذه بعض التحديات التي ستواجه عمل المجلس الاستشاري التي تعتبر في نفس الآن خطوطا عريضة و تصورات حول كيفية عمله بعد إنشائه، و هي التحديات الى جانب تحديات اخرى ، التي من شانها أن تقوي عمل هذا المجلس و تحقق من خلاله الأهداف المرجوة منه و هي تحصين الشباب المغربي و تمنيعه ضد دعاوي التطرف و الانحراف وجعله مندمجا و قوة دفع ايجابية عن التحول الديموقراطي ببلادنا. وكيف ما كان الحال. فإن الشروط لازالت متوفرة لتحقيق هذا الهدف إذا ما عمل السيد رئيس الحكومة على ترجمة ما أكد عليه أثناء الاجتماعات التشاورية التي تمت مع كل نقابة على حدة خلال الفترة من 10 إلى 19 شتنبر 2012 ومع الاتحاد العام لمقاولات المغرب .حيث تعهد ببذل كافة الجهود لإيجاد الحلول للقضايا المطروحة ، وكذالك إذا ما أوفى الاتحاد العام لمقاولات المغرب بتعهداته هو الآخر والتي أكد عليها في العديد من المناسبات بأن تتحمل المقاولة المغربية مسؤوليتها الاجتماعية . وبالنسبة للنقابات, فإن هذه الإرادة متوفرة باستمرار وان كانت التصريحات التي أدلت بها خلال المراحل السابقة أو البيانات التي تصدر عنها أو الإضرابات القطاعية التي لازالت مستمرة في بعض القطاعات تظهر ان هناك نوعا من التذمر الإجتماعي يعود بالأساس إلى عدم تنفيذ الالتزامات وعدم تلبية المطالب القطاعية والى التضييق على الحريات النقابية وعدم احترام القانون والى الاختلال الحاصل بين الأجور والأسعار. هذه الأوضاع التي ظلت مستمرة دون أن تتغير مما جعل الجميع يظل مهتما بنزاعات الشغل القائمة بالقطاع العام والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والقطاع الخاص, الشئ الذي جعل المجلس الاقتصادي والاجتماعي يصدر تقريرا حول " الوقاية من نزاعات الشغل وإيجاد الحلول السلمية لها " ولهذه الغاية يتطلب الانطلاق مما تحقق من تراكمات ومنها ما جاءت به الاتفاقات الأربع ومدونة الشغل ومدونة التغطية الصحية وما تحقق في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي . وفي ما يلي ملخص لأهم القضايا المستعجلة : احترام الحريات النقابية بوضع حد لكل الانتهاكات التي تقع في هذا المجال مما يؤدي إلى نشوء العديد من النزاعات وعلى الخصوص بعد تأسيس المكاتب النقابية مع إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والمصادقة على الإتفاقية رقم 87 . وضع برنامج يتم من خلاله فتح حوار على مستوى كل قطاع على حدة بالقطاعات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية قصد إيجاد الحلول المتوافق عليها لكل القضايا المطروحة. تحسين الدخل بوضع برنامج يؤدي إلى تدارك الخلل الحاصل بين الأجور والاسعار مع احترام الحد الأدنى للأجر وتحسينه . إيجاد الحلول للقضايا الخاصة بالفئات على مستوى القطاع العام والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية . مراجعة القانون الأساسي للوظيفة العمومية. إصلاح أنظمة التقاعد. إصلاح النظام التعاضدي بإشراك النقابات والمعنيين بالأمر. اعتماد الحوار على مستوى الجهات والأقاليم. تعميم الاتفاقيات الجماعية وفق ما جاء في الفصل الثامن من الدستور. تطبيق قانون الشغل وذلك ب : - دعم جهاز تفتيش الشغل لكي يتمكن من القيام بمهامه على الوجه المطلوب - تفعيل المحاضر التي تصدر عن جهاز تفتيش الشغل مع إعطائها الصفة الضبطية - إحداث قضاء مختص بالمجال الاجتماعي. - إحداث صندوق خاص بتنفيذ الأحكام التي تصدر لصالح العمال - تفعيل آليات التشاور والحوار المنصوص عليها في مدونة الشغل. -تطبيق القانون فيما يتعلق بمقاولات التشغيل المؤقت في حالة التشغيل المستمر. - إعادة النظر في برنامج الإدماج الذي تقوم به الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات الذي يساهم في توسيع الهشاشة - تفعيل اللجن الإقليمية للبحث والمصالحة مع احترام القانون في تركيبتها تطبيق قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وذلك ب : تعميم التصريحات وسلامتها من العيوب لكي تتم تعميم الاستفادة من الخدمات الاجتماعية والتغطية الصحية ، مع تنفيذ التزام الحكومة بتعميم التغطية الصحية والاجتماعية على المهنيين والعاملين بقطاع النقل. تطبيق ما تبقى من اتفاق 26 ابريل 2011 . إحياء لجنة المتابعة المتكونة من رئيس الحكومة والكتاب العامون للنقابات لمتابعة كل قضايا الملف الاجتماعي بشكل دائم ومستمر بهدف إيجاد الحلول في أسرع الأوقات . وبالنظر إلى كل ما تمت الإشارة إليه, يتبين أن هذه القضايا جلها لا تتطلب اعتمادات مالية, بل تتطلب فقط الإرادة والعزيمة ، في حين ان معالجة الملف الاجتماعي للطبقة العاملة سيؤدي إلى مناخ اجتماعي سليم وتطوير العلاقات المهنية . وللإشارة, فإن مراحل الحوار يجب أن تنتهي قبل الشروع في مناقشة القانون المالي بالبرلمان.