حفيظة حسين ولجت عالم الرواية ممتطية صهوة فرس الشعر، هذة الشابة القادمة من تضاريس بني ملال تقتحم مملكة الرواية من خلال روايتها «ستائر الأنوثة» التي صدرت طبعة ثانية لها بالديار المصرية، حيث لقي عملها هناك تغطية ومتابعة واسعتين سواء من طرف النقاد أو الإعلام المصري... كيف ولجت حفيظة حسين عالم الكتابة؟ الشعور الخالص لدي هو رغبة قوية في الكتابة، ولم أفكر مسبقا في اختيار أي جنس أدبي، ولكن وجدت نفسي أكتب الشعر أولا، ثم الرواية. المهم أن نكتب ونعطي، ومازلت أحس في بداية البداية، أشعر فقط أني كل مرة أرغب في تجديد كتاباتي وأفكاري وأبحث عن قصيدة تتفجر في داخلي أو جمرة لمجموعة معاني تخرج للوجود لتحدث تغييرا ما، ولم يخطر ببالي أني أخطط لمشروع أديبة، هذا يأتي وحده مع مرور الوقت من الشعر إلى الرواية، حيث أصدرت عملا يحمل اسم «ستائر الأنوثة»، ما هي دلالات هذا العنوان ؟ «ستائر الأنوثة» عنوان يوحي لكل ما هو خفي أو مقنع وراء تلون الرغبات والأهواء التي تغير المسار الحقيقي باتباع الوهم بشكل خاص. كل ما يتعلق بالمرأة، وما هو خفي في شخصيتها أنثى وإنسان، فكثيرات وكثيرون غاصوا في تلون المفاهيم التي أفرغت المرأة ومحيطها من كل ما هو مجدي، وحالت دون الوصول لمناطق الظلال في فهم قوتها وتحديها، كما هي بطلة الرواية زلفى التي استرجعت ثراتها المسلوب وجذورها وتاريخها من الأعداء والتي ضربت عرض الحائط كل أشكال الإحباط أؤ الانتظار.. فاختارت خوض غمار المعركة بكل شجاعة وثقة لتعيش بإنسانيتها، ولو مرة، بدل أن تعيش في زيف الموضة الملونة، كموضة الجسد واللباس والموضة في تغيير الجذور والانتماء . أنت أسيرة الفكرة أم أسيرة الأسلوب؟ كلاهما يتكاملان بداخلي، إذ أجد نفسي أكثر توازنا حين أتوفق في خلق انسجام وتناغم بين ما أريد إخراجه بلغة أكثر وصفا وتصويرا للمعنى المراد، ليكون التجسيد حقيقي الإحساس.. ما يراد به التغيير وتوصيل رسالة للآخر، و أكثر الأحيان تتمنى أن تشفي غليلك وتفرغ كوامنك بشكل مريح، ولا يتأتى كل هذا إلا بنسج وتطريز الفكرة بأسلوب لائق بها ولائق.. وأحيانا أجد القلم يسيل بما يتدفق به نهر الإحساس الجارف أو طائع بشكل يمشي مع ما أرغب فيه . وحين لا أجد لغة قادرة على التزاوج بين الفكرة أهجر القلم والورقة معا إلى حين يتم التصالح . وهذا كلام آخر له علاقة بالمزاج والظروف التي يمر بها الكاتب كمبدع وكإنسان. كيف ترين الوطن من نظرات شاعرة وروائية تعشق الأرض والتاريخ؟ لكل كائن وجودي انتماء وجذور لاتذبل ولاتضمحل .. والوطن ملاذي وحضني المتعدد الأوصاف، باردا كان أو جارحا، ولكن سنلبسه كالعري الذي صار فينا، كرعدة الشتاءات وكاحتضار أم في خريف بلا سقف. الوطن هو إحساسي بالكفاح وتحدي كل ما هو مقيت ومنتقص، لعلي أكتشف وجود كياني عند صرخة ما، وعند أول خطوة تحرك الرماد. والوطن أيضا مسعاي للتجدد والتخيل وإبراز كل طاقة مخزنة، لأن الإنتماء يجعلني أحس بالآخرين وبأحزانهم، وأعتبر الكل إخوة، وما يضرهم يضرني، لأن أي إحساس وطني يجعلك تحس بأنك حي وبأنك كائن، لاتنتهي مهما كانت المنغصات، ومهما اعترضت طريقك أشواك الزمن. ماهيه الرسالة التى تتبنينها..؟ أن يكون لوجودي على رقعة الأرض معنى يميل بكل بساطة وجمال لنشر الخير، لأن تواجدنا لم يكن عبثا، وإنما لكل دور خلق له وحين أحس بأني سأسأل عن كل ما أكتب خاصة أشعر بمسؤولية قلمي . وحتى إن لم نقدر نضع بداية للخطو، فعلى الأقل نعبر عن آلام وعري وبكاء جل الأمهات والأطفال والشيوخ، وقد انتقلت من كون الكتابة جمالا ومتعة إلى كونها رسالة وسلاحا يقتلع جذور الغزاة - وماذا تريدين بها..أي ماهى الرسالة التى تريدين توصيلها عبر روايتك..؟ -- رسالة الحب الحقيقي غير المرتبط بأهداف رخيصة ومنتهية، حب في تطوير الذات الإنسانية لتكون قادرة على الوقوف أمام كل العواصف بنشر قدوة المرأة العربية الحرة غير الجالسة على عرش هش وأنوثة لا تتوقف عند الإغراء الجسدي بتفاصيله العارية . ولن أنسى معاني الرجولة التي يحتاجها التكتل والتعاون لاسترجاع كل ما سرق وطمس وغير. لأن عند أي تخاذل منا يكبر المتطفلون والمغتصبون و غير المستحقين.. حضارتنا رسالة الوقوف الجدير بتاريخنا وأرضنا وعروبتنا وصحرائنا وسجادتنا بكل الإستمرار دون عبودية لأي شهوة زائفة حجبت التفكير السليم والمشي الصحيح جهة الصلاح والتفوق، لأننا نعيش عصر شهوة وسقوط شهي . أنت شاعرة كذلك، فأين أنت من الأحداث التي تمور بها الحياة، باعتبار أن الشاعر ابن أحداث بيئته؟ في جهة ما يغمرها الجرح والحزن بكل معاني السخط والرفض للظلم والإستعمار ونبذ هذا المقذوف في أرضنا وقلوبنا وأحلام أطفالنا والذي يسكن قصائد طافحة بمقته من جهة والفخر بالصامدين بإيمانهم وعزتهم وبدم الأرض. لا تغتر بأبطالك ما أصلب فراشك فلا تناديني إن ذهبتُ إلى ليلي، ولا تسميني.. مرت الأرض والأحلام هجعت في الغروب.. قلوبنا تجنح إلى مهاوي الانزلاق.. نوافذنا تخترقها القنابل .. وأشلاء عروس، الأمس أسرار انتحاري.. قد أكون أنا وأكون أنت. يا أنت المقذوف إلى أرضي.. لا تسكت طويلا أنت لا تعرف صحرائي ولا شمسي ولا سجادتي.. ولا حجر، هنا، يرشدك إلى بيتي.