لا يرقى أكثر من أربعين قتيلا إلى درجة الحداد الوطني. يلزمنا عدد أكبر، وتلزمنا طرق أكثر وجبال أخرى حتى نطعم الحداد بما يلذ له من جثث. وحتى نحقق النصاب الكافي للشروع في المناحة الوطنية. لا بأس من أن يكون لنا مسؤول يهون من حادة الطرق، ويلوم السائرين على أقدامهم. اتهامات لا تسري الحياة الوطنية بدون تهم توزع بالتساوي على كل الفاعلين. لابد من أن يكون هناك متهم جاهز للمشنقة، وآخر مستعد لكي يصعد إلى المقصلة، ولابد من متهمين لقتل الضجر. في السياسة المغربية، الكل متهم ولا أحد يصل إلى القفص. القليلون فقط يجب أن يكونوا من طينة قابلة للاشتعال والنسيان. هناك تهم تطارد أصحابها تدخل معهم إلى مجلس الوزراء، وتهم لا تفارق أصحابها وهم في محراب الفكر، وهناك تهم تساعد أصحابها على دخول ... الجنة! يكفي أن يكون الضحية مغربي يحب البلاد إذا استطاع إليها سبيلا! ثقافة لا أحد أصبح يؤمن بسذاجة المثقفين، لا أحد أصبح يؤمن بأن المثقف، والمثقفة، أيضا، لا يحبون الكذب. أو لا يجددون أنانيتهم مع مطلع كل مؤتمر، فتلك عادة الديك في أن يقنع الشمس بأن تصبح صديقته كل يوم. لكن، لا أحد يستسيغ أن يلجأ المثقف إلى حيل باعة اللوحات المحتالين، لكي يكون له موقف من العالم اليوم، أو غدا أو حتى في التقسيط الزمني الذي وضعته المايا. بعضهم جد أصيل، لا يحب الأقنعة، لهذا تجده في الغالب يستعمل وجهه المالوف. ليس هناك من سبيل للتخفي والتواري أكبر من التقدم بالممتلكات والإعلان عنها. دخول كل يوم نثبت بأننا خارج الإيقاع السياسي المطلوب، وأننا نخرج وندخل في الكلام، كما لو كان حماما مرسوما على جدار، من قبله العذاب. وكل يوم، نشعر بالبرد خارج الدفء المطلوب في التطوع الإنساني للسياسة، ومع ذلك هناك تضخم كبير يخص الدخول السياسي. كثيرون غادروا دائرة الفعل، لكنهم يصرون مع ذلك على الدخول. الدخول إلى منطقة..أين؟