لقيت سيدة خمسينية حتفها بعد أن أصيبت بنوبة اختناق حادة وذلك بسبب دخان ألسنة اللهب التي اندلعت في الساعات الأولى من صباح أول أمس الخميس بمخزن للخشب يصطلح عليه ب «الفندق» الكائن بزنقة «موحى وسعيد» المتواجد على مستوى شارع الجيش الملكي بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، وقد نقلت الضحية «مليكة بحري» وهي من مواليد سنة 1961 وأم لستة أبناء، حوالي الساعة السابعة صباحا صوب مستعجلات مستشفى ابن رشد إلا أنها أسلمت روحها إلى بارئها، بعدما ظلت تعاني من حدة الاختناق سيما أنها كانت تعاني من المرض وتنتظر الخضوع لعملية جراحية، وقد ووري جثمانها الثرى بمقبرة الرحمة بعد صلاة العصر خلال نفس اليوم، في حين خلفت وفاتها استياء وحزنا عارما في أوساط سكان المدينة القديمة وتحديدا بزنقة الانجليز حيث كانت تقطن رفقة أسرتها الصغيرة بغرفتين ومطبخ مكتراة بالزنقة 6 الرقم 192. الاستياء والغضب سمة وحدت بين المتضررين من تداعيات حريق «الفندق» الذين باتوا في العراء وقضوا ليلتهم في الشارع العام، والذين عبروا عن سخطهم واحتجاجهم صباح الخميس، هذا في الوقت الذي كانوا سيتوجهون فيه صوب مقر ولاية الدارالبيضاء للاحتجاج ليلا، ثم عادوا للتظاهر بالشارع العام صباح الجمعة، بينما عملت مصالح السلطة المحلية والأمنية على تطويق احتجاجاتهم ومنعهم من تحويلها إلى أي مكان آخر، هذا في الوقت الذي غاب فيها مسؤولو مجلس مدينة الدارالبيضاء عن مكان الحادث ولم يقدم المكتب المسير على أية خطوة من أجل إسكان أسر أربعة منازل متضررة بدرب «الرماد» التي تفحمت إذ بلغ عدد المنازل المتضررة حوالي 12 منزلا وخمسة تداعت أجزائها، سواء من خلال تأجير غرف بفنادق بالمدينة على اعتبار توفر المدينة على الموارد المالية لهذا الغرض، سيما أن المدراس التي استقبلت الأسر المتضررة من تداعي منازل المدينة القديمة هي ممتلئة عن آخرها. تأخر إخماد الحريق وتعثر هذه العملية اعتبرت مصادر من مقاطعة سيدي بليوط أن مرده هو ضيق الأزقة التي ظلت تاريخيا تحتضن أنشطة مثل تجارة الخشب والحديد والجلد وهو ما تفاقم بشكل كبير، في حين لم تقم لاجماعة الدارالبيضاء ولاالجماعات التي تعاقبت على المنطقة باصدارا قرارات تنظيمية لمنع مزاولة بعض الأنشطة بل شجعت على تناميها من خلال تمكين الراغبين من وصولات تسليم كفيلة بالسماح لهم بمزاولة النشاط الذي يرغبون فيه، فضلا عن عدم احترام شركة «ليديك» التزاماتها بإحداث فوهات الحريق التي تمكن من جلب المياه بالمنطقة رغم عقدتها مع مجلس المدينة في هذا الإطار، مشيرة إلى أن المتضررين سيتم إحصائهم في إطار برنامج إعادة السكن والأمر يستوجب البحث عن حل آني لمشكلتهم حتى لايبقوا في العراء. من جهة أخرى تعيش عائلة الراحلة بحري مليكة مأساة ومعاناة نفسية متعددة الأبعاد سيما أن وفاة الأم مليكة جاءت بعد وفاة ابنتها فاطمة الزهراء عن سن يناهز 21 سنة، وذلك عقب الفيضانات الأخيرة التي كانت سببا في تدهور وضعيتها النفسية وهي التي عبرت قيد حياتها عن إحساس بالمهانة والحكرة لظروف العيش، والتي دفعتها إلى الانتحار عن طريق شرب الماء الحارق، الامر اذي زاد من اتساع دائرة الألم في صفوف الأسرة.