استضافت إحدى الإذاعات المستقلة السيد "عبد الباري الزمزمي"، صاحب الفتاوى الغريبة، للإجابة عن أسئلة المستمعين؛ وقد تركزت هذه الأسئلة (على الأقل في الجزء الذي استمعت إليه) حول الرخص المتعلقة ببعض الشعائر الدينية، وخاصة تلك المرتبطة بمبررات الإفطار في رمضان، لأننا كنا على أبواب الشهر الفضيل؛ وفي نهاية البرنامج، وهذا ما يهمنا، وجه له منشط الحلقة سؤالين: الأول يتعلق بظروف حصوله على رخصة النقل والثاني عن "المهدي بنبركة". جوابا عن السؤال الأول، قال "الزمزمي" بأنه، بعد خروجه من البرلمان، تقدم بطلب الاستفادة من رخصة للنقل("لكريمة") للحصول على مورد بديل يضمن له العيش الكريم، معتبرا ذلك تعويضا عن مقعده البرلماني الذي فقده في الانتخابات التشريعية الأخيرة. والسؤال، بل والأسئلة التي تتبادر إلى الذهن، أمام هذه النازلة، هي: كيف كان يعيش "الزمزمي" قبل دخوله إلى البرلمان؟ فهل دخله من خطبة الجمعة، في مدينة مثل الدارالبيضاء، كان كافيا ليضمن له العيش الكريم، في حين أن السبعة آلاف (7000) درهم التي يتقضاها من تقاعده من البرلمان ما كان لها أن تضمن له ذلك؟ وإذا افترضنا أن أجره على خطبة الجمعة كان يفي بالغرض، فكيف كان يعيش من سنة 2001 حيث تم منعه من خطبة الجمعة إلى سنة 2007 التي دخل فيها إلى البرلمان؟... إن "الزمزمي" يريد أن يقنع الناس بأن حصوله على المأذونية طنجة/خنيفرة، هو أبسط حق بالنسبة له، كما يردد في أجوبته المتهافتة والمضطربة، كلما تم استفساره عن هذه النازلة، بعد أن افتضح أمره واشتهرت إكراميته إثر نشر وزارة التجهيز والنقل للائحة المستفيدين من المأذونيات. فالعالم الذي دخل إلى غمار السياسة وخاض حملته البرلمانية وهو يردد، من بين ما ردده، على مسامع سكان دائرته الانتخابية بالدارالبيضاء، بأنه ليس في حاجة إلى شيء، ("ربي منعم عليا") وأنه لا يبتغي إلا وجه الله و خدمة البلد و أبناء البلد، لم يتردد، بعد افتضاح وجود اسمه في اللائحة المعلومة وما أثاره ذلك من تساؤلات والقيل والقال، في إيجاد مسوغات لأحقيته في المأذونية (الريع) في ما قدّمه للوطن من جليل الخدمات، من خلال عمله في الوعظ والإرشاد لمدة تناهز أربعين سنة. فهكذا، يكون العمل لوجه الله وإلا فلا!!! ولعل وجود اسمه إلى جانب قتلة "المهدي بنبركة" ( "ميلود التونزي"، "محمد العشعاشي"، "عبد القادر صاكا")، الذين عمل، سابقا، على تبييض صحيفتهم وصحيفة من كان وراء عملهم الإجرامي، بعد أن أفتى بنزع الشهادة عن "المهدي بنبركة"، في مقاله الشهير عن الشهيد، بل، لفرط حقده على عريس الشهداء، أفتى بوجوب قتله ثلاث مرات، أقول: لعل ذلك هو ما جعل جواب "الزمزمي" عن السؤال الثاني، أغرب من الأول: فقد قال، بالحرف، بأنه لا يعرف الرجل، وبالتالي، فليس له ما يقوله عن رجل لا يعرفه. فأين نضع هذا الجواب الذي أنكر فيه معرفته بمن سبق له أن قال في حقه بأنه يستحق القتل ثلاث مرات؟ فإما أن "الزمزمي" صادق في قوله، أي أنه لا يعرف، حقا، الزعيم الوطني الكبير "المهدي بن بركة"؛ وفي هذه الحالة، فإن التفسير الوحيد الذي نراه، هو أن الشيخ أصدر فتواه تحت الطلب، الهدف منها هو ما أشرنا إليه في الفقرة السابقة، مقابل أشياء لا يعلمها إلا الله. وإما أنه كاذب في قوله، أي أنه يعرف حق المعرفة من هو "المهدي بن بركة" وما ذا يمثله بالنسبة للضمير الوطني؛ وفي هذه الحالة، نجد في جوابه الإنكاري ما يتنافي وأخلاق العلم والعلماء (التي منها الصدق والتواضع والاعتراف بالخطأ، الخ)، لكونه يتعمد إخفاء الحقيقة. وتلك أعظم من أختها!!!