واجه حوالي 2000 مواطن مقيم بالخارج متاعب لا تطاق ابتداء من زوال يوم الجمعة لمجرد أنهم أرادوا أن يستفيدوا من حقهم في العبور من ميناء طنجة المتوسطي إلى ميناء الجزيرة الخضراء بإسبانيا. فالإبحار لمدة ساعتين من أجل قطع حوالي 15 كيلومترا كلفهم انتظار أزيد من 24 ساعة في مواقف خالية من أبسط التجهيزات الحيوية. المعاناة همت بشكل أساسي ركاب حافلات النقل العمومي وبشكل أقل أصحاب السيارات، وبينما تعلل السلطات المينائية ما حصل ببيع عدد من التذاكر يفوق الطاقة الاستيعابية للبواخر، يرى المهنيون أن عمق المشكل يكمن في عدم استجابة السلطات المينائية لمطلب اللجنة المركزية لمجهزي البواخر، القاضي بإقرار نظام تبادل تذاكر السفر بين شركات النقل البحري ليتأتى لكل مسافر أن يركب أول باخرة على غرار ما تقوم به السلطات المينائية بالجزيرة الخضراء كل سنة. أما عن العدد الزائد من التذاكر المباعة فتم تعليله بصعوبة تحديد يوم عودة المسافرين الحاصلين على تذاكر ذهاب وإياب مفتوحة، أي صالحة في كل وقت، وعندما يحضرون في فترات الذروة فإن نظام تبادل التذاكر بين شركات النقل يكون هو الحل الأمثل لكل الأطراف، إذ فضلا عن كون المسافرين يعبرون بدون انتظار، فإن كل البواخر تعود ممتلئة بالركاب وبالسيارات. لكن على عكس ما تم اعتماده في سنوات سابقة فإن المسؤولين لم يولوا هذا الموسم أي اعتبار للأهمية القصوى التي يوليها جلالة الملك للجالية المغربية المقيمة بالخارج، إذ لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء عقد الاجتماع التنسيقي التقليدي بين مختلف المتدخلين للإعداد لموسم العبور، بل إن من كبار المسؤولين في المصالح التابعة لوزارة التجهيز والنقل من ذهب في عطلة دون أن يوفر لمن ينوب عنه إمكانية التصرف عندما يتعلق الأمر بالتعامل بمرونة مع النصوص القانونية في الحالات التي يمكن أن يكون للتشدد في تطبيقها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني، وعلى مختلف مكونات القطاع. بالنسبة للمهنيين فإن الأمر لا يتعلق بالتعاطف مع الجالية المغربية أو بالتضامن معها، وإنما يتعلق أساسا بالانضباط لقواعد التدبير الأمثل لقطاع تجاري مربح لأن ما يدفعه المهاجر مقابل العبور يفوق الكلفة الحقيقية للخدمة التي يتلقاها. وتماشيا مع هذا الطرح، أكد لنا مسافر على متن الباخرة الإسبانية التي أقلعت حوالي الساعة العاشرة من مساء يوم السبت أن كلفة سفر ثلاثة أشخاص على متن سيارة عرضت عليه في إحدى وكالات الأسفار بالدار البيضاء بقيمة 1700 درهم ولكنه حصل عليها عند اقترابه من طنجة بقيمة 1100 درهم. وإذا كان قد سجل باستياء عميق معاناته على طول المسافة الفاصلة بين القصر الصغير والميناء، فإنه سجل ارتفاع أسعار المشروبات حيث اضطر المسافرون إلى شراء قنينات المشروبات الغازية الصغيرة ب18 درهما وقنينات الماء الصغيرة ب12 درهما والقهوة ب12 درهما، وفضلا عن ذلك استند على مطبوع حصل عليه ليؤكد أن أسعار التنقل مع سيارة من طنجة على برشلونة سترتفع يومه الاثنين 3 شتنبر إلى 1400 أورو، علما بأن تذكرة السفر بين طنجة وسيت الفرنسية عبر برشلونة كانت محددة يوم أول أمس السبت في 1030 أورو، وإذا ما قورنت هذه الأسعار ب3000 درهم التي كانت تؤدى في الموسم السابق مقابل تنقل فرد مصحوب بسيارة على متن سرير وبدون وجبات أكل بين طنجة وسيت ،فإن الفوارق المسجلة لا يمكن تبريرها بارتفاع أسعار البترول وإنما بهيمنة الاحتكار الناتج عن الصيغة التي اعتمدتها الوزارة في تحرير القطاع. بالنسبة لمعاناة راكبي حافلات النقل تبين من تصريحات متطابقة أن جل البواخر الأجنبية تتحاشى نقل الحافلات لأن ركابها غالبا ما يكونون مصحوبين بسلع كثيرة ويتطلبون وقتا طويلا للخضوع لعمليات المراقبة والتفتيش من طرف المصالح المنية والجمركية، كما أن شحن أمتعتهم في الباخرة وإفراغها منها غالبا ما يتطلب مساعدة الغير، الأمر الذي يمدد فترة رسو الباخرة بالميناء. وبخصوص عدد الرحلات المنجزة كل يوم بين طنجة والجزيرة الخضراء، تبين أنها تتراوح بين 35 و 40 انطلاقة في كل اتجاه. كما تبين أن حصة الأسطول المغربي من هذا المجموع محصورة في حوالي 7 انطلاقات في اليوم. وإذا كان تراجع حصة الأسطول المغربي يجد تبريره في توقف بواخر شركتي كوماريت وكومناف عن الإبحار، فإن الترخيص لشركة «انترشيبينك» بتغطية خطوط بحرية في البوغاز لم يساهم في حل مشاكل العبور بقدر ما أثار التساؤل عن المصادر الحقيقية للاستثمار في هذه الشركة، وعن خلفيات الترخيص لغير المجهزين بفتح عدة خطوط في فترة زمنية قصيرة. ومما زاد من غموض الوضع أن الشركة الجديدة تعمل بالتذاكر اليدوية دون أي تدخل من السلطات الوصية علما بأن الشركات العالمية تعمل بالتذاكر الآلية. د.محمد بوزلافة رئيسا د.المختار بكور. عضوا د.محمد ناصر متيوي. عضوا د.احمد كويسي. عضوا د.عبدالعزيز العتيقي. عضوا وبعد ست ساعات من المناقشة تم قبول الاطروحة ومنحت اللجنة للطالب ميزة مشرف جدا.