بمجرد عودته من الأراضي المقدسة، حيث أدى مناسك العمرة، وجد رئيس المجلس البلدي لمريرت نفسه أمام «أزمة بيئية حقيقية» في انتظاره، إذ دخلت ساكنة آيت بوعريف وآيت سيدي العربي في اعتصام مفتوح، احتجاجا على استخفاف المسؤولين بمشكل مطرح النفايات، قبل أن يرفعوا من سقف معركتهم إلى نحو منع شاحنات بلدية مريرت من تفريغ حمولتها بالمطرح، الأمر الذي أرخى بظلاله السوداء على مريرت في جعل أزقتها وشوارعها تتكدس بأكوام الأزبال بصورة مثيرة، ما كان طبيعيا أن يشكل تهديدا لبيئة المدينة وصحة الساكنة، ويصيب الفضاء العام بتلوث كارثي وروائح كريهة تحت موجة الحر المرتفعة، وفي ذلك ما ينبئ أكثر بتفشي الأمراض والأوبئة المعدية والمزمنة، بالأحرى الإشارة لفضيحة محطة معالجة المياه العادمة، الموجودة بالمدخل الغربي للمدينة، وما تنشره من روائح نتنة ومستفزة لأنوف السكان والزوار ومستعملي الطريق. وليس غريبا، بحسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، أن يتسبب هذا وضع الأزبال في خلافات ومشاجرات بين سكان مريرت، إضافة إلى ما ساهم في انتشار الحشرات والكلاب الضالة، وجعل فئات كثيرة من السكان تحمل أزبالها إلى أماكن بعيدة لرميها هناك، ومن المرجح أن ترتفع بشاعة الوضع في حال تنفيذ السكان لقرار نقل أزبال بيوتهم ووضعها بباب البلدية، حسبما هو متداول وسط الشارع المحلي. ولم يفت أحد الفاعلين الإشارة إلى قيام مجموعة من الكائنات الانتخابوية بالدخول على الخط لاستغلال الأزمة على حساب محنة الساكنة، كما لم يفته الحديث عن عمال النظافة الذين لا يتوفرون بدورهم على اللوازم الضرورية ومعدات السلامة التي قد تكفيهم شر الظروف القاسية. سكان آيت بوعريف وآيت سيدي العربي صمدوا هذه المرة في معركتهم، ووقفوا في وجه شاحنات بلدية مريرت ومنعها بالقوة من تفريغ حمولاتها بمطرح النفايات الذي تجددت الاحتجاجات ضد وجوده بالمنطقة، والذي يفتقر لأدنى الشروط البيئية والإنسانية والصحية، حيث واصل المحتجون اعتصامهم منذ عدة أيام، بعد يأسهم من مسلسل الوعود الكاذبة التي ما فتئ المسؤولون يتعاملون بها حيال نداءاتهم التي لم تتوقف منذ ما قبل 18 سنة، تاريخ وضع المطرح بهذا الموقع، وكم من معركة عبروا فيها عن سخطهم الشديد إزاء تجاهل المجلس البلدي لمريرت، وتقاعس جماعة الحمام، والسلطات المحلية والإقليمية، لهذا المشكل الذي ما فتئت أضراره تتفشى يوما بعد يوم، ولم يكن مفاجئا أن يجدد المعتصمون تشديدهم على ضرورة نقل المطرح إلى مكان آخر احتراما لحقهم في البيئة السليمة، والحد مما يهدد صحتهم وسلامتهم جراء هذه الكارثة البيئية. وصلة بالموضوع، أصدر المعتصمون بيانا مفتوحا للرأي العام المحلي والوطني، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، عبروا فيه عن موقفهم الاحتجاجي إزاء ما وصفوه ب»مسلسل التجاهل الممنهج، منذ 18 سنة، من طرف الجهات المسؤولة للمطلب العادل والمشروع الذي رفعته ساكنة آيت بوعريف وآيت سيدي العربي بخصوص مطرح النفايات التابع لبلدية مريرت، والذي تم إحداثه تحديدا ب»تبورحوت»، حيث يعتصم السكان في سبيل إثارة انتباه الجهات المسؤولة لمدى خطورة ما يعانونه من أضرار بيئية وصحية واجتماعية»، ول»تلكؤ المسؤولين في نقل هذا المطرح بشتى أساليب التسويف والمماطلة»، وفي هذا الصدد استنكر المحتجون «العواقب السلبية الناتجة عن تخريب النظام البيئي»، ول»عدم تنزيل مقتضيات المواثيق الدولية المصادق عليها من طرف بلادنا، وتجاهل مقتضيات الدستور الجديد بخصوص حق الإنسان في البيئة السليمة»، ودعا المحتجون إلى «فتح تحقيق شامل في خلفيات تأخر المعنيين بالأمر عن التدخل لإنقاذ البيئة بالمنطقة»، وعن إنقاذ حياة الساكنة من التلوث والروائح المزكمة للأنوف، وتضرر الفرشة المائية والجوفية. المحتجون عبروا بالتالي، ضمن بيانهم، عن عزمهم على خوض جميع الأشكال النضالية التصعيدية، مع تحميلهم الجهات المسؤولة كامل المسؤولية في ما ستؤول إليه الأمور في حال حدوث انتهاك لحقهم الانساني في التظاهر السلمي والحضاري، ودعوا مختلف الهيئات السياسية والجمعوية والنقابية والحقوقية إلى دعمهم ومساندتهم، والالتفاف حول مطالبهم المشروعة التي ظلت تصطدم بمواقف الاستخفاف والاستهجان، حتى أن الكثيرين منهم اختاروا الهجرة القروية بسبب الوضع الملوث. والمؤكد، حسب مصادرنا، أن ملاكي الأراضي التي أقيم عليها المطرح البلدي دخلوا على خط الاحتجاج لعدم توصلهم إلى أية تسوية حقيقية في ما يتعلق بحقوقهم.