كشفت الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج، أن عدد أبناء الجالية الذين وافتهم المنية خارج أرض الوطن دون أن تتمكن أسرهم من نقل جثامينهم إلى مقابر المغرب وتكلفت الوزارة بنقلهم، وصل خلال بحر السنة الجارية الى ما يقارب 167 جثمانا عبر مجموع المعمور. غير أن عدد الموتى المغاربة في المهجر، حسب وثائق عممتها الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج على موقعها وتهم الفترة الممتدة ما بين الفاتح من يناير من السنة الجارية ومنتصف شهر يوليوز الماضي، يتجاوز هذا الرقم بحوالي سبعة جثامين، أي 174 جثمانا عوض 167 كما يشير مجموع اللوائح. وهكذا، يأتي في مقدمة الموتى المغاربة في المهجر، أولئك الذين كانوا يعيشون في الديار الاسبانية ب 47 جثمانا متبوعين بفرنسا ب 40 جثمانا، ايطاليا ب 35، ثم بلجيكا، هولنداوألمانيا ب 23 جثمانا عوض 12 كما هو مبين في المجموع أي بلجيكا (12 جثمانا)، ألمانيا (07 جثامين) وهولندا (04 جثامين) والباقي توزع على مهاجرين مغاربة معوزين بدول عربية وإفريقية ب 20 جثمانا، ثم باقي الدول الاوربية ب 09 جثامين. وبذلك يكون ثلث الموتى المغاربة في الخارج كان يقيم بإسبانيا بنسبة 27 في المائة، تليها فرنسا (22 بالمائة) وإيطاليا (20 بالمائة) وبلجيكا، هولنداوألمانيا (13 بالمائة) والباقي توزع على مهاجرين مغاربة معوزين بدول إفريقية وعربية (11 بالمائة). ثم باقي الدول الأوربية (05 بالمائة). وتبين هذه الإحصائيات أن إسبانيا تمكنت لسوء حظ المغاربة المقيمين فيها، منذ تفعيل القرار الحكومي المتعلق بتحمل مصاريف نقل جثامين مواطني المهجر المعوزين إلى أرض الوطن والذين تتوفر فيهم شروط الهشاشة وعدم التوفر على التأمين على الحياة سنة 1999، من الحفاظ على الصدارة في «مأساة موت المغاربة بالخارج» متبوعة بفرنسا، فإيطاليا في قارة أوروبية تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة ترحيل هذه الجثامين بأكثر من 90 في المائة. وتحملت الوزارة نفقات ترحيل 1000 جثمان مغربي معوز إلى أرض الوطن في الفترة الممتدة ما بين الفاتح من يوليوز 2009 إلى غاية 30 يوليوز 2011 بغلاف مالي سنوي قار قيمته 10.000.000 درهم، وكشفت حينها المعطيات أن سنة 2010 وحدها عرفت ترحيل 366 جثمانا لمواطنين مغاربة معوزين من مختلف دول العالم إلى المغرب، في حين أعلن عبد اللطيف معزوز الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج أن كلفة نقل جثامين المغاربة المقيمين في بلدان المهجر وصلت العام الماضي الى 24 مليون درهم. وإن كانت عملية ترحيل جثامين مواطني المهجر المعوزين إلى أرض الوطن تندرج في إطار تفعيل البرنامج الاجتماعي، الذي تم وضعه لتقوية الحماية الاجتماعية وتوفير الدعم والعون اللازمين للمغاربة المعوزين والموجودين في وضعية اجتماعية هشة، فهذا لا يمنع من إبداع تصورات لتدبير معضلة «وفاة المغربي بالخارج» من قبيل إحداث صندوق خاص يروم اقتناء العقارات اللازمة، وتخصيصها للمقابر وإقناع السلطات بالدول الغربية المضيفة لتمكين المغاربة من العقارات اللازمة لبلوغ ذلك. ويحز في القلب أن نسمع من مسؤول قيم على شؤون المهاجرين، عوض أن يبدع صيغا مالية ومؤسساتية أكثر فعالية تحفظ كرامة المغربي بالمهجر، ينصح «الأموات المغاربة» في الدول الاسلامية بأن يقترحوا دفن أنفسهم في مقابر بلدان الضيافة دون عناء الترحيل إلى الوطن الأم، ويقول إنه من الأفضل لمن يعيش من المغاربة من أبناء الجالية في تونس على سبيل المثال إذا ما وافته المنية أن يدفن في مقابرها هناك. كما لم يتوان ذات الوزير في وقت سابق عن الدعوة إلى ضرورة انخراط المهاجرين في التأمين ببلدان الاستقبال لتفادي مشكل نقل الجثمان عند الوفاة، كما سبق وأن أكد أن من يطلب من المهاجرين شهادة الاحتياج من المغرب يكذب عليهم، على غير اطلاع منه أن هذه الوثيقة تطلب من المقاطعة التي كان يقطن المتوفى على ترابها في بلد المهجر أو من طرف السلطات المختصة المغربية إذا كانت العائلة مقيمة بأرض الوطن كما هو مبين على مطبوع الوثائق المطلوب إرفاقها مع المراسلات الموجهة من طرف المركز الدبلوماسي أو القنصلي بشأن طلب تحمل مصاريف ترحيل جثمانين مواطني المهجر المعوزين الموضوع على موقع الوزارة. فمن المؤسف أن يموت مغربي بالخارج ممن يعيش الهشاشة ولا يتوفر على التأمين على الحياة دون أن تتمكن أسرته من دفنه في بلده الأم، ودون أن نتوفق في تمتيعه بحقه في أن يدفن حسب اختياره، سواء في المغرب أو بالبلد الذي استضافه، ومن العيب وغير الاخلاقي أن تنشر أسماء موتى مغاربة في الخارج معوزين ضمن لوائح المستفيدين باسم الوضوح دون التفكير في تغليب كفة حفظ كرامتهم بعد مماتهم على كفة الشفافية التي يمكن بلوغها بالإعلان عن العدد الاجمالي للجثامين المرحلة والمصاريف الاجمالية للعملية والجهات المتدخلة في ذلك.