أصدرت محكمة الاستئناف في تونس العاصمة، أمراً بالقبض على سامي الفهري مدير قناة «التونسية» الخاصة وإيداعه السجن، وذلك بعد أيام قليلة على إبلاغه بأن الحكومة منزعجة من برنامج «اللوجيك السياسي» الساخر الذي تبثه القناة وفيه انتقادات لاذعة لأدائها. ويرتكز البرنامج على دمى متحركة تلعب أدوار سياسيين، منتقدة أداء الحكومة في البلاد، بطريقة مضحكة. وفي تصريح ل«العربية. نت» قال الصحافي سفيان بن فرحات، الذي يعمل في القناة، إن الحكومة لم يتسع صدرها للنقد الساخر الذي ورد ضمن برنامج «اللوجيك السياسي»، وأنها رأت في بعض الحلقات تطاولاً على رموز في الحركة، ولذلك قررت إيقافه. من جهته، قال سامي الفهري في تصريح إذاعي، إن لطفي زيتون الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة، هاتفه شخصياً وضغط عليه لإيقاف برنامج «اللوجيك السياسي». وأضاف أن «القناة التي يشرف عليها مستهدفة، وأنه يدفع ضريبة النجاح الذي حققته هذه القناة وحرفية الأعمال التي قدمتها». وقال «لقد غلطوني بالحديث عن وجود حرية تعبير». كما كشف أن القاضي الذي أمر بإيقافه أمس تم جلبه على الساعة 10 ليلاً من منزله لإصدار بطاقة إيداع في سابقة تاريخية لم تحدث حتى في العهد السابق. وتتزامن تلك القضية مع توتر يسود العلاقة بين الحكومة وخاصة مكونها الحزبي الرئيسي حركة النهضة ووسائل الإعلام، خلال الفترة الأخيرة، وصل حد تبادل الاتهامات، بل وصل الصراع إلى حالة شبهها البعض بوضعية «الحرب الباردة». وبرز ذلك من خلال تنامي «أزمة الثقة»، التي كرستها مواقف الطرفين، وتم التعبير عنها من خلال رفض لقطاع واسع من الإعلاميين ونقابة الصحفيين لما أسموه «إرادة السلطة في الهيمنة على الإعلام لاسيما العمومي، وبالتالي تدجينه لخدمة مصالح حزبية وانتخابية في المقام الأول». من جهتها، تنظر الحكومة بعين «الريبة» لأداء بعض وسائل الإعلام، إلى حد وصفها البعض «بإعلام العار». وعادت هذه العلاقة «الصدامية» لتطفو على السطح بعد التعيينات الأخيرة في مؤسسات إعلامية عمومية، حيث تواصل الحكومة تعيين المشرفين عليها، في ظل تواصل غياب هيئة تشرف على القطاع وخاصة السمعي البصري، وهذا ما يرفضه بعض الصحفيين والهياكل النقابية الممثلة لهم.