«سيدنا السيد» هو رجل الشرطة المصري في الواقع، سواء أكان ضابطاً أو أمين شرطة أو مندوبا أو حتى خفير درك، وهو صاحب سطوة وسلطة تعطيه الحق بأن «يسحل» من يشاء ويعفو عمن يشاء، وعلى الرغم من ذلك كانت الدراما والسينما تقدمه على أنه حامي حمى الوطنية والراعي الأمين لأمن المواطن حسب ما قاله عدد ممن استطلعت «إيلاف» آراءهم حول صورة «الداخلية المصرية» في المسلسلات الرمضانية، مشيرين إلى أن المشهد تغيّر تماما في دراما ما بعد 25 يناير، فقدم كتاب الأعمال الفنية الضباط بشكل قاس ما دفع بالمشاهدين للتعاطف مع المجرمين على حسابهم. فيما رأى عدد من النقاد أن الدراما ليس من شأنها معالجة موقف رجال الشرطة السيئ وإنما نقل الصورة كما هي، مشيرين إلى أن الواقع هو الذي يقوي العلاقة بين الناس في الشارع وبين رجال الأمن، فلا يمكن أن يقدم كاتب الدراما عملا يشيد فيه بضابط المباحث في حين أنه في الحياة العادية يعامل الناس بغطرسة واستعلاء، معتبرين أن انحياز المشاهد للخارج على القانون ضد رجل الشرطة في الأعمال الدرامية، أمر طبيعي لما رأوه من سوء معاملة في عهد النظام السابق. يؤكد الناقد طارق الشناوي أن يد أمن الدولة كانت ممتدة لتعبث بأي نص وسيناريو قبل الثورة، فلم يكن المجال مفتوحاً لتقديم الصورة على حقيقتها، مستدلاً على ذلك بالفيلم السينمائي «أسد وأربع قطط»، والذي كان يحمل اسم «ضابط وأربع قطط»، لكن الأمن، حسب الشناوي، أمر بتغيير الاسم. وتابع: «كذلك حصل مع مسلسل «حضرة الضابط أخي» الذي صور الحياة وردية مع رجال الشرطة، وعرض الجزء الأول منه قبل ثورة 25 يناير، ولكن الجزء الثاني الذي يسير على نفس الخط تعثر عرضه حتى الآن». وقال: «إذا كان مسلسلا «خطوط حمراء» و«شمس الأنصاري» قدما الخارج على القانون ضحية، واستعطفا الناس في شخصيتي «دياب» و«شمس» ضد ضابطين متهورين هما «حسام الهلالي» و«سامح الشتيوي»، فإن «طرف ثالث» و«الهروب» قدما صورة متوازنة للتنوع بين العناصر الصالحة والفاسدة من رجال الشرطة. من جانبه أوضح الناقد عصام زكريا أن صناع الدراما وجدوا أنفسهم بعد الثورة في طريق متعدد الاتجاهات في تقديم فئات المجتمع المختلفة منها فئة رجال الشرطة التي كانت تقدم قبل ذلك بصورة نمطية، مضيفا: «لا أظن أن صناع الدراما ثوريون لدرجة أنهم يريدون تشويه صورة الشرطة، ولكن بعضهم وجدوا أن لديهم حرية كبيرة لتناول الشخصيات بالأشكال التي يرونهم بها». وأكد أن المصداقية الآن تتطلب من الكتاب أن يقدموا الشرطة بشكل موضوعي، موضحا أن هذه الموضوعية هي التي تترك التأثير على المشاهد، حيث إنه يتعامل مع الشرطة على أرض الواقع، فيقارن بين الدراما والواقع. ويرى علاء أحمد أن تقديم مساوئ الشرطة في الدراما والسينما مع بداية كل عهد جديد من الحكم أمر طبيعي، مضيفا: «ففي أوائل الثمانينات رأينا الصورة السيئة لرجل الشرطة المصري، وأبرز مثال على ذلك فيلم «الهروب» الذي قام ببطولته الفنان الراحل أحمد زكي وظهر فيه محمد وفيق صاحب الرتبة الكبيرة في الداخلية.