هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟ سمعنا وقرأنا وشاهدنا أن لجنة الاستطلاع البرلمانية تزور قنوات القطب العمومي. نعم، لجنة برلمانية منبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والإعلام بمجلس النواب تحط الرحال في القنوات لتستطلع أحوال الطقس وحرارة البرودة وطريقة لباس العباد وتقصي مأكولات أولاد الدار... حين تزور لجنة ما منطقة أنهكتها الحروب، أو فضاءات تعرضت للتخريب بعد فوضى الزلزال، أو غابات ألهبتها النيران أو... أو.. فلأن اللجنة ستقف بعد الوقفة الأولى على إحصاء الخسائر، وتقوم، بالتالي، بتقييمها، وحساباتها وطرق إصلاحها من بعد.. واللجنة ستنكب على تدقيق المبالغ المالية التي من المفروض رصدها لإعادة البناء ... أما والحالة هاته في زيارة اللجنة المعلومة للقطب العمومي، فماذا كانت تنتظر من هاته الرحلة؟ الوقوف على مكامن الأعطاب والخلل والأخطاء في دقائق محدودة؟ هذا، لعمري، من باب العبث والضحك على الطريقة الفكاهية الرمضانية؟ وإذا علمنا بأن المسؤولة على مديرية الاخبار كانت في «عطلة»، وان اللجنة المحترمة لم تقم بزيارة قسم الانتاج المثير للتساولات!!. فهذا والله عبث وضياع للوقت والجهد. الكل يعلم، ولا أحد يجهل فوق جهل الجاهلين، بأن القناتين الأولى والثانية وصلتا حد الانحطاط والمستوى الهزيل، ولا أحد يتجاهل، ولو كان جاحدا عنيدا، أننا في الصف الأخير ترتيبا عربيا من حيث الإعلام المرئي.. ولا أحد يجادل في كون الأولوية هي التغيير وليس الإصلاح.. فما جدوى وجود هذه اللجنة؟ وأفرادها، إن كانوا يتابعون تلفزة البلاد مع العباد، فهو يعلمون علم اليقين ويدركون تمام الإدراك المستوى المنحط والهزيل الذي آلت إليه القناتان معا في السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص! لا يسعني هنا، مرة أخرى، أن أخوض في موضوع أسباب النزول.. فالواضحات من المفضحات.. ماذا فعلت اللجنة داخل الدار باستثناء التحيات المبالغ فيها من هذا القسم إلى الآخر.. وماهي نوعية الأسئلة والتساؤلات التي طرحها أفراد اللجنة البرلمانية، مشكورة على تعب الرحلة في شهر الصيام؟ اسمحوا لي أن أعتبر هذه الرحلة بدون محل في الإعراب، بل هي تخدم أساسا مسؤولين عن ما وصلت إليه الدار من دمار.... هاته الرحلة التفقدية تمنح لهؤلاء المسؤولين، الذين فشلوا في التسيير، طمأنينة وراحة البال، اعترافا منهم بأن اللجنة غادرت المكان ولم تفهم عمق المشاكل وأسرار الإشكاليات، وما أكثرها! بل هي أكبر بكثير من أن تناقش وسط الضجيج، وفي دقائق معدودة وأمام الكاميرات التي تفرض الابتسامات المصطنعة.. ما هكذا ستتغير الأشياء يا سعادة البرلمانيين.. فلستم في حاجة إلى زيارة مصورة لأخذ القرارات الحاسمة من أجل تغيير فعلي خدمة لإعلامنا العمومي؟ فلقد انتهى زمن ذر الرماد على العيون.. الشفافية من فضلكم!