يعتبر الأستاذ محمد الصبار, الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان, أن المجلس ليس جهة تنفيذ فيما يتعلق بإدماج وجبر الضرر الفردي والجماعي, بل هو جهة لمتابعة التنفيذ، لأن المسؤولية في هذا الباب تتحملها الحكومة . وأكد أن التقريرين المتعلقين بالسجون وبالمستشفيات العقلية سيريان النور قريبا, وأنهما مرفقان بتوصيات من أجل تجاوز الأعطاب والقضاء على الإختلالات. وشدد الصبار على أن الحق في الحياة مقدس ومطلق ولايخضع لأي تقدير، وبالتالي يجب مراجعة القانون الجنائي والقانون العسكري، إضافة لبعض القوانين الخاصة لإلغاء العقوبة الماسة بالحق في الحياة ,الذي ضمنه الدستور الجديد وأقرته المواثيق الدولية . وفي سياق رده على بعض الانتقادات الموجهة للمجلس، قال الصبار إن الحديث عن استقلالية غير مكتملة، هو حكم قيمة مردود عليه, استنادا إلى الاعتماد التفضيلي الممنوح للمجلس الوطني من طرف الهيئة الدولية ، وهي الهيئة الوحيدة التي تمنح هذا التصنيف. الإدماج مسؤولية الحكومة وقطاعاتها { الأستاذ الصبار، الداخل إلى بناية المجلس الوطني لحقوق الإنسان يلاحظ تواجد بعض الحالات الفردية من ضحايا الانتهاكات السابقة، معتصمين منذ مدة أمام المجلس احتجاجا على عدم إدماجهم وتسوية أوضاعهم . ماذا قام به المجلس في مجال جبر الأضرار الفردية؟ توصلت وبصفتي أمينا عاما للمجلس الوطني، وفي الأيام الأولى من بداية اعتصام مجموعة من الضحايا ببيان موقع بالنيابة ولائحة المعتصمين، وتبين لي أن كل المعتصمين و غير المعتصمين المذكورة أسمائهم في اللائحة انه تم إدماجهم جميعا باستثناء حالة واحدة سنعمل على تسويتها. وهناك أيضا ضحايا الاحتجاجات الاجتماعية, بعضهم يتوفر على توصية بالإدماج والبعض الآخر لا يتوفر على أي مقرر بهذا الشأن، وعلى أي, فإن هناك لقاءات دورية بين المجلس والقطاعات الحكومية المعنية من أجل استكمال ما تبقى من ملفات الإدماج الاجتماعي وداخل آجال مقبولة. وبالمناسبة لابد من التذكير مرة أخرى بأن المجلس الوطني ليس جهة تنفيذ, بل هي جهة لمتابعة التنفيذ، لأن المسؤولية في هذا الباب تتحملها الحكومة بقطاعاتها والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها والجماعات الترابية. لقد بلغ عدد المستفيدين من التوصيات المتعلقة بالإدماج الاجتماعي 1254 حالة، من بينها 140 حالة تعد في عداد الميسورين أو المتوفين أو المتواجدين خارج الوطن. لقد تم إدماج 587 حالة من بينها 262 حالة تم إدماجها من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و325 حالة تم إدماجها بفضل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أما الحالات المتعلقة بتسوية الأوضاع الإدارية والمالية فقد تمت تسوية 335 حالة ، والملفات الباقية هي في طور التسوية أو قيد الدراسة ، أما فيما يتعلق بالتغطية الصحية فقد استفاد منها ولحد الآن 6273 ضحية مباشر أو غير مباشر. صحيح أن هناك بطئا في التنفيذ, نظرا لتعقد المساطر وشح المناصب المالية، غير أننا نراهن على أن نقوم بطي ملف الإدماج الاجتماعي وتسوية الأوضاع القانونية والإدارية والمالية في بداية السنة القادمة. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المستفيدين الذين استخلصوا تعويضاتهم وصل إلى 17.791 مستفيد بتكلفة إجمالية قدرها 787.900.581,00 درهم. { يرتقب الرأي العام، وخاصة الحقوقي منه, تقرير المجلس حول السجون والتقرير الخاص بالمستشفيات العقلية . متى سيتم الكشف عنهما؟ سيران النور قريبا وسيتم تعميمهما، وأملنا أن يلتف الجميع حول مضامين التقريرين وكذا التوصيات المرفقة بهما من اجل تجاوز الأعطاب والقضاء على الإختلالات. { ماذا عن التقارير المنجزة من طرف المجلس ، فالعديد من المواقع الالكترونية تتحدث عن المجلس كمقبرة لتقاريره والتي يتم وصفها من طرف بعض الأوساط بالسرية ؟ تابع المجلس وعن قرب عددا من الأحداث والحركات الاجتماعية ، وأحدث بشأن بعضها لجانا للتقصي كما هو الشأن في أحداث خريبكة وآسفي وتازة وأجلموس بخنيفرة وأحداث دوار الشليحات والسحيسحات والأحداث الاجتماعية بجرادة وأحداث بني بوعياش... نحن لسنا بمجتمع مدني، ولا نعتمد في آلياتنا قاموس البيانات وإعلان المواقف، لكننا في المقابل ملزمون بتعميم الفائدة، وتقديم المقترحات والبدائل والوصفات والتوصيات، لمعالجة أي اختلال يطال الأداء الحقوقي العام للدولة أو أي معيق أو قيد قانوني يعوق التمتع بالحقوق أو الحريات وإن التقارير المنجزة خاصة الجوانب العميقة فيها, سيتم تصريفها خلال لقاء علمي سينظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الدخول الاجتماعي القادم حول ثقافة الاحتجاج من منظور الحق والواجب. { خلال العقد الأخير، تطور السجال حول عقوبة الإعدام، وانقسمت الآراء ما بين مناهض لهذه العقوبة وما بين مناصر لها. وبالرغم من أن التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة تضمن توصية خاصة بإلغاء عقوبة الإعدام، فإن هناك أصواتا تتشبث بالإبقاء عليها بما في ذلك الوزير المكلف بالإشراف على ورش إصلاح منظومة العدالة. ما هو تقييمكم لهذا السجال، وماذا يعتزم مجلسكم القيام به من أجل إعمال توصية هيئة الإنصاف والمصالحة في هذا الموضوع ؟ فعلا إلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الجنائية الوطنية, شكل محور توصية خاصة لهيئة الإنصاف والمصالحة، وهي توصية مؤسسة وغير اعتباطية ، تم استنباطها من خلال تحليل مجريات انتهاكات الماضي، وتوقف الهيئة عند حالات فردية أو جماعية متعددة تم تنفيذ الإعدام في حقها إثر صدور قرار قضائي ، وفي إطار محاكمات سياسية انتفت فيها إجراءات المحاكمة العادلة، إضافة إلى حالات أخرى تم إعدامها خارج نطاق القضاء. إن هذا السبب الواقعي والتاريخي، إضافة إلى مسوغات أخرى، وفي مقدمتها المرجعية الدولية لحقوق الإنسان والاتجاهات المعاصرة في مجال التنفيذ العقابي هو ما حذا بهيئة الإنصاف والمصالحة إلى برمجة هذه العقوبة المشينة ضمن توصياتها الرامية إلى القطع مع الماضي وتفادي تكرار ما جرى. الإبقاء على هذه العقوبة يصطدم مع التزامات الدولة المغربية في مجال حقوق الإنسان ومع المرجعية الدولية، خاصة البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومع الإعلان العالمي ( المادة الثالثة ) ومع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( المادة السادسة )...فضلا عن ذلك، فإن الشرائع السماوية وضمنها الشريعة الإسلامية أقرت الحق في العفو واقتضاء الدية كطريق لخلاص الجاني من تنفيذ الإعدام في حقه. للأسف إن هذا السجال حول هذه العقوبة البدائية لم يتم الحسم فيه بالرغم مما ورد في الفصل 20 من الدستور الجديد الذي ينص على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان ويحمي القانون هذا الحق. فمن حيث التوصيف, فالإعدام يتدرج ضمن أصناف التعذيب المحدث للآلام والمفضي إلى الموت، وهي عقوبة مشينة من حيث طرق وأشكال التنفيذ : الرجم، الخنق بالغاز، قطع الرأس... وهي انتقام صريح وليس بعقاب بالمفهوم الفلسفي والقانوني وهي نوع من القتل باسم الدولة والمقدس والضمير الجمعي. أما من الناحية الإجرائية والعملية، فإنه وفي بعض الأحيان فإن هذه العقوبة تقرر على أسس تمييزية دينية او لغوية او عرقية ، كما أن هذه العقوبة في حالات أخرى تصدر لأسباب سياسية، وتستهدف المعارضين السياسيين. والاهم من كل ذلك، فهي عقوبة غير رادعة، وتفتقد لأي اثر في حماية المجتمع، استنادا لعدد من الدراسات العلمية المجراة في الموضوع، كما أن أحكام الإعدام تصدر عن هيئات قضائية، وهي مكونة من البشر ويحتمل أحيانا وقوع الهيئات القضائية في أخطاء قضائية، وهي أخطاء قاتلة. وتنفيذ حكم الإعدام في مثل هذه الحالات يفقدنا اي فرص للتدارك، ان العقوبات في إطار السياسات العقابية وبالمفهوم القانوني تستهدف أساسا الردع والإصلاح والإدماج، فالعقوبة تتوخى إيذاء الجاني من خلال سلب حريته أو مصادرة ممتلكاته أو المساس بذمته المالية أو النيل من سمعته، كما أن الهدف من إيداع الجاني المؤسسة السجنية هو من اجل إصلاحه والسعي إلى إدماجه الاجتماعي . وتنفيذ الإعدام هو إلغاء مادي للجاني وبالتالي فالتساؤل الفلسفي الذي يطرح نفسه في هذا الإطار : هل النظام العقابي يطبق على الأحياء أم الأموات. وبدون استعراض الحيثيات المذكورة، فإن هذه العقوبة لا تنفذ. وآخر إعدام نفذ ببلادنا يعود إلى 1993، فالمغرب من البلدان التي ألغت هذه العقوبة واقعا . ولا بد أن نستحضر هذا المعطى لتكييف النظام العقابي ببلادنا استنادا لهذا المعطى، وذلك بمراجعة القانون الجنائي والقانون العسكري، إضافة لبعض القوانين الخاصة من هذه العقوبة الماسة بالحق في الحياة، علما أن هذا الحق مقدس ومطلق، ولا يخضع لأي تقدير.