اعتبر الأستاذ مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض خلال الدورة التواصلية الأولى بين هذه المحكمة والصحافة تحت عنوان «القضاء والإعلام شريكان في خدمة المواطن»، المنعقدة يومي الخميس والجمعة 28 و29 يونيو 2012 ، أن التعاون بين السلطة القضائية وسلطة الإعلام هو السبيل الوحيد للنهوض بالمغرب، فهما الشريكان في الدفاع عن قيم الديمقراطية والعدالة وتحقيق الإصلاح المنشود في جميع الميادين، مؤكدا أن القضاء القوي المستقل هو حامي الحقوق والحريات وضامن الاستقرار، كما أن الإعلام الجاد النزيه هو من يوجه إلى الإصلاح ويرصد التجاوزات والمخالفات. وأشار الأستاذ مصطفى فارس إلى أن هذه الدورة التواصلية الأولى بين الصحافة ومحكمة النقض، تهدف بالأساس إلى تعزيز الثقافة القانونية لدى الإعلاميين بهدف الرفع من مستوى الأداء الإعلامي في المجال القضائي، كما تسعى إلى تعزيز التعاون القائم بين محكمة النقض وبين جميع المنابر الإعلامية بمختلف اتجاهاتها، كاشفا عن كون هذه المحكمة كانت سباقة إلى تعيين قاض مكلف بالإعلام، في شخص الأستاذ محمد الخضراوي. خلال هذا اللقاء المثمر، قدم الأستاذ الخضراوي المستشار بمحكمة النقض البرنامج التكويني المعد من طرف نخبة من القضاة المتخصصين في المادة الإعلامية والقوانين ذات الصلة، قصد إعطاء الصحفيين المستفيدين من هذه الدورة الأولى فرصة للتكوين العلمي التطبيقي والاستماع إلى قضاة من ذوي التجربة والكفاءة الذين تابعوا ويتابعون ملفات الصحافة أمام القضاء، بالاضافة إلى اطلاعهم الواسع على كل ما يصدر بالصحافة من كتابات ومواضيع قانونية أو تغطيات محاكماتية، وهو ما خولهم ممارسة الدور الوقائي عن طريق تأطير المجتمع عبر الإعلام وتحسيسه بحقوقه وواجباته المتوافق عليها عالميا ودستوريا. من بين المداخلات التي عرضت ضمن هذه الدورة قدم الأستاذ مصطفى البرتاوي، وكيل الملك لدى ابتدائية آسفي، تجربة الغرفة المتخصصة في جرائم الصحافة، مركزا على التجربة الفرنسية بهذا الخصوص ،التي تتوفر على غرف خاصة عكس ماهو معمول به في المغرب، مشيرا إلى نقطة ذات أهمية لكونها تتعلق بمقتضيات القانون رقم 94 - 12 بشأن النظام الأساسي للصحفيين المهنيين الذي أعطى تعريفا للصحفي المهني في مادته الأولى معتبرا أنه :(«يراد بالصحفي المهني الشخص الذي يزاول مهنته بصورة رئيسية ومنتظمة ومؤدى عنها في واحدة أو أكثر من النشرات أو الجرائد اليومية والدورية الصادرة بالمغرب أو في واحدة أو أكثر من وكالات الأنباء أو في واحدة أو أكثر من هيئات الاذاعة والتلفزة الموجود مقرها الرئيسي بالمغرب. ويطلق على هذه الهيئات اسم «منشآت الصحافة»). ويضيف الأستاذ البرتاوي مستدركا، لكنه بالرجوع إلى المادة 5 من قانون الصحافة والتي تحدد الوثائق الضرورية قبل نشر كل جريدة أو مطبوع دوري المقدمة إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمكان الذي يوجد فيه المقر الرئيسي للجريدة ضمنها تصريح في 3 نظائر و مجموعة من الوثائق الإدارية. ملاحظة وكيل الملك مهمة وسبق وأن أثرناها مرات عدة قبل كل تغيير أو تتميم لقانون الصحافة، وتتعلق بكون أن المشرع لم يشترط أن يكون مدير النشر أو الصحفيون العاملون معه، صحفيين مهنيين بمفهوم المادة الأولى من النظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام كل من هب ودب ليكون «مديرا لجريدة» أو «صحفيا». وختم وكيل الملك عرضه بالإشارة إلى أن بعض الحالات عرضت على القضاء تمت فيها متابعة أشخاص يدعون أنهم «صحفيون» بعدما تمكنوا من إصدار جرائد واستعمال صفة الصحفي للنصب، وهو ما يستدعي ضرورة تعديل مقتضيات الفصل 5 المذكور. وبخصوص ملفات الصحافة المعروضة على القضاء من أجل السب والقذف العلني والتشهير، أوضح الأستاذ هشام الملاطي (القاضي الملحق بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بالوزارة) أن الدعاوى ضد الصحافة في تزايد مستمر منذ 2008 حتى 2011 ، مسجلا أن 516 دعوى قدمت من طرف أشخاص يعتبرون أنفسهم متضررين وأن النيابة العامة بعد الدراسة ، حركت منها 44 متابعة فقط. وعلل ذلك بكثرة نسبة الشكايات التي تتخذ بشأنها النيابة العامة الحفظ لأسباب تتعلق بالدعوى العمومية، نظرا إما للتقادم أو التنازل أو الصلح أو انعدام الإثبات، أو في إطار تفعيل سلطة النيابة العامة المتعلقة بالملاءمة أو بسبب ممارسة حق الرد والاستدراك - بيان حقيقة - طبقا لما يقتضيه قانون الصحافة نفسه.