قرر فريق شاب من الفوج الأخير للمعهد العالي للصحافة التقاط بعض المشاهد العامة للمدينة العتيقة فاس في أفق تعزيز تحقيق صحفي مصور سيكون موضوع بحث التخرج لنهاية سنة 2012 ، وبعد بحث طويل استقر رأي الطاقم الشاب الذي كان يتكون من معدة التحقيق «د م «والكاميرامان «أ ع «ومساعد المخرج «ي ع» على منتزه المرينيين المتاخم لمتحف الأسلحة باعتباره الفضاء الأكثر ملاءمة لإنجاز مثل هذا العمل الصحفي . مكان ملائم كذلك بوصفه الموقع السياحي الاستراتيجي لفاس والذي تقصده جميع وكالات الأسفار، حيث يتمكن السياح الأجانب من التقاط صورة بانورامية عن مدينة فاس بكامل تاريخها العريق والحديث ، غير أن هؤلاء الشباب الذين اختاروا مهنة الصحافة سيكتشفون أنها مهنة متاعب بامتياز ، ليس لأن فضاء فاس العريق والمحدث استعصى وتمنع أمام عدسة الكاميرا ، بل لأنهم لم يجدوا مكانا نظيفا يثبتون فوقه أقدام الكاميرا من غير أن يعلق بها براز الكلاب والحمير و البشر . لقد كان المشهد مفجعا حقا وعلى حجم كبير من الإحباط لدرجة يسأل المواطن فيها نفسه مثل حيوان أإلى هذا الحد يتم الضحك على الذقون أثناء الاستحقاقات الانتخابية في ما يتعلق بالمجال البيئي دون إمكانية القيام من طرف المنتخبين بأي شيء يؤكد صدق أقوالهم على أرض الواقع ؟ كان المكان على مستوى عال من القذارة ، شوه كليا أو جزئيا الصورة التي كان الثلاثي الفتي القادم من البيضاء يحملها عن العاصمة العلمية للمملكة . مشاهد صادمة لا تحتاج إلى تعليق . فكل من ساقته الأقدار إلى هذا المكان سيكون شاهدا حقيقيا على غياب شبه تام للأوصياء على شؤون التاريخ والتراث ، وكذلك على ما ترسمه فصيلة آدمية من ممارسات دنيئة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها لا تمت إلى السلوك المدني بصلة . لقد ظل هؤلاء الشباب يبحثون عن مكان مناسب آمن ونظيف يكون بعيدا عن هؤلاء وعن أعين المتطفلين ، خاصة الصغار الذين ما إن ترمق أبصارهم البريئة الكاميرا حتى يتحلقون ويشرعون في رسم عوالم ضاجة لا تساعد مطلقا على توفير شروط الإنجاز التقنية المواتية ، لكنهم بأمل كبير ظلوا كذلك ، إلى أن نباهة أحد المرشدين السياحيين عبدت الطريق أمامهم وقادهم إلى مكان عال عبارة عن أحد الأسوار المرممة حديثا والمطلة على فاس بأكملها، .سور سميك كان الزحف فوقه بمعدات التصوير خطرا حقيقيا بعد أن تقدموا نحوه وسط غابة موحشة بخطوات محسوبة كمن يسير فوق حقل ألغام. متحف الأسلحة الذي يتفاوت علوه ما بين 8 و17 مترا، و يتكون من طابقين، بالإضافة إلى القبو والسطح، ويتشكل من نواة مربعة تضم ثلاث قاعات وسطى كبيرة و12 جانبية تستعمل كلها كمخازن للأسلحة، وتمتد على مستوى الزوايا الأربع على شكل أجنحة مصممة بشكل كانت توفر به للجنود مرامي لتصويب طلقاتهم النارية تغطي كل المساحات الممكنة للبرج يعرف إقبالا مكثفا خاصة يوم الجمعة حيث يسمح فيه بالدخول بالمجان . وحسب تصريح لمدير المتحف فإنه «لم يجر إدماج المتحف ضمن المسار السياحي» حيث يلاحظ أن أغلب الزوار السياح يأتون بصفة فردية ، ويضيف «نطالب العاملين بالقطاع السياحي، خاصة وكالات الأسفار، بضرورة إدماج المتحف، ضمن النسيج السياحي». هذا الوضع يطرح أكثر من سؤال حول آلية تدبير مثل هذه المواقع التاريخية ذات النفع العام ، فانطلاقا من الوعي الرسمي بأهمية المباني والمواقع التاريخية تقوم الدولة عبر جهاز مسؤول تكلفه بحماية التراث الوطني الثقافي والطبيعي كما تصدر لهذا الغرض قوانين وإجراءات تهدف إلى المحافظة عليه وصيانته ومنع كل تحوير أو تشويه أو مسخ يطال فضاءه ويمسخ محيطه ويبهدل مكونات جماله ورونقه ، لكن ما نقف عليه اليوم خارج نطاق التدبير المعقلن ، بل خارج مسطرة التمدن على الإطلاق. حينما تطأ أقدام الزائرين ، مغاربة أو أجانب، محيط البرج الشمالي بمنطقة المرينيين، هذه المعلمة التراثية الوطنية بامتياز، حتما سيصابون بالدوار ، ليس بسبب ارتفاع المكان على مستوى سطح الأرض، بل بسبب ما يتعرض له محيط - برج النور أو متحف الأسلحة - اليوم من حالات تقصير وإهمال تخريب وانهيارات في بعض أجزائه ، إما بسبب الغش في الترميم وانعدام حس المراقبة والمتابعة أثناء الإنجاز ترجيحا ، أو بسبب غياب خطة عمل أو انعدام رؤية استراتيجية ليس على الورق لحماية التراث كإرث حضاري بشري . فالموقع الأثري العالمي يعرف اليوم طريقه نحو الانقراض على نحو ممنهج إذا ظل الوضع على هذا المستوى من التقصير والإهمال . فالتغاضي عن سرقة أجزاء من السياج الحديدي للمنتزه وإتلاف باقي الإطارات الحديدية ، إضافة إلى كسر الأصص الضخمة التي كانت قبل شهور تزين الفضاء ، والسماح بتحويل المساحات التي كانت خضراء المطلة على فندق المرينيين إلى مراحيض للعموم ومطارح للنفايات الصلبة وملفوظات البناء العشوائي تتشكل أمام أعين السائحين الأجانب يجعلنا كمواطنين ورجال إعلام نضع أيدينا على قلوبنا خوفا على مستقبل هذا الصرح السياحي والتراثي العظيم . فمن خلال المعاينة المباشرة لمحيط وفضاء ومكونات بناء هذا البرج الشمالي الذي تروي المصادر التاريخية أنه بني بمساهمة أسرى برتغاليين، و صمم ليصمد أمام طلقات المدفعية ولكي يؤوي أسلحة نارية ثقيلة، يتضح حجم التقصير والإهمال الفاضح اللذين طاله كما يكشف جسامة الخسارة وخطورة ما يقترفه الموكل إليهم أمر الحماية وصيانة وتدبير كل ما هو وطني تاريخي مشترك ، خاصة البرج الشمالي الذي سمي ببرج النار، لأنه كان يضم جند النار، و«هي أول فرقة مدفعية في تاريخ المغرب، واستعمل كذلك لإطلاق طلقات المدفعية، إعلانا عن مواعيد الإفطار والصوم، في شهر رمضان، منذ الفترة السعدية». فسواء تعلق الأمر بالجانب الذي تدبره مصالح الجيش أو الفضاء الذي تكلفت به الجماعة الحضرية، فإن الإفلاس عنوان واحد، فطبيعة وحجم الإهمال بارز للعيان ، ومنتزه المرينيين الذي صرفت من أجله أموال باهظة من المال العام قصد تأهيله ، فإن محيط البرج باتت معالمه تتآكل شيئا فشيئا ، فالمدافع التي صمدت لقرون بدل عرضها في مكان يحفظها كتحف تاريخية تم غرسها بلا ذوق في تربة المكان فيما يشبه التزيين لكن بصورة شائنة ، وتم التغاضي عما يتعرض إليه من سرقات مست سياجاته الحديدية وأصبح الجانب المطل على فاس في أحسن أحواله مرحاضا عموميا ، وفي الجانب الآخر مطرحا للنفايات تزكم روائحه أنوف الزائرين الذين بمجرد ما تقف الحافلة ذات اللوحات المعدنية المرقمة بالخارج حتى يسترعي انتباههم ذلك فيقومون بتوثيق مشاهد البؤس البشري والتقصير الخطير للمسؤولين عن البيئة والنظافة بفاس بالصورة والصوت . عوامل التخريب والتقصير بشرية بالأساس ، فالنظر إلى حجم النفايات والملفوظات الصلبة والسائلة التي تحيط بالبناية يعطي الانطباع بمغرب القرون الغابرة . فالقاذورات من كل الأحجام والأشكال تجد مكانا طبيعيا لها في ما يمكن تسميته مجازا بالمساحات الخضراء ، بدءا من مستشفى لسان الدين بن الخطيب الى غاية مدخل المتحف عند شارع المرينيين ، الذي تم إحراق نافورته وتحطيم جماليتها والاستيلاء على بعض تجهيزاتها من غير أن تحرك السلطات ساكنا ، مرورا بالمنتزه المطل على المحطة الطرقية بساحة بوجلود التي بات النظر إليها عبر هذه الزاوية يدمي القلب ويوجع تفاصيل الذاكرة. قضبان الحديد التي كانت سياجا ذات يوم لم تعد كذلك وترك فراغها خطورة خاصة بالنسبة للعائلات التي تصحب صغارها والسائح الأجنبي يغلق أنفه قبل أن تطأ قدماه أرضية المنتزه الذي مسخه بضعة باعة على عربات مهترئة مخلفين وراءهم نفايات وبقايا من غير أن يشكل ذلك أي عقدة أوتأثر نفسي أو وازع وطني . قضبان الحديد تم قصها وبيعها إلى جانب أغطية قنوات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب لمافيات تنشط في هذا المجال قبل أن تستحوذ هذه المافيات بشكل كامل على ملايين جراء بيعها أطنان من الحديد المذاب . الأسوار التي لم يمض على ترميمها بضع سنوات تأكلت بفعل «الغش» الملحوظ في وسائل البناء ، كما أن جزءا كبيرا من هذه الأسوار شرعت هي الأخرى في الانهيار بعد أن فقدت جزءا من أساسها. يقتضي الواجب الوطني ،الآن، وضع استراتيجية شاملة لصيانة المباني التاريخية والمواقع الاثرية واستغلال هذا النوع من التراث استغلالا عقلانيا يساهم في تنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا دون المس بالهوية المعمارية والقيمة التاريخية ، فالسماح لبضع الشباب بممارسة «الشمكرة» ، وغض الطرف عن آخرين يتناولون الخمر ويتعاطون للمخدرات في الاماكن التي يفترض على السائح الوقوف بها والتقاط المشاهد الجميلة للمدينة ، تحت مبررات مختلفة، يثير الأسئلة ، علما بأن منع بضع عربات تنشر نفايات بدون وازع لن يضر قطعا بأرزاق الناس ، فهؤلاء يسيئون اكثر ما يستنفع غيرهم . إن اليوم العالمي للمباني التاريخية والمواقع الاثرية الذي يحتفل به العالم يوم 18 ابريل من كل سنة يشكل مناسبة حقيقية للمسؤولين بفاس من أجل حماية وإنقاذ هذا الإرث الحضاري الذي خلفه لنا الاجداد ، ومن الواجب علينا انطلاقا من تفعيل ترسانة القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال، أن نحافظ عليه ونصونه ونوصله بأمانة إلى الأجيال القادمة حيا سليما وعلى درجة كبيرة من الوعي والمسؤولية التاريخية والحضارية . أليست حياة الامم منذورة لتاريخها وحضارتها ؟ وهل ثمة مستقبل لشعب لا يكترث مسؤولوه بحضارة أجدادهم ولا يغترفون منها الدروس والعبر ؟ أول ترميم لبرج النار كان سنة 1963 حيث تحول إلى متحف متخصص في مجال الأسلحة، وكانت تحفه كلها مخزونة في متحف البطحاء، وفي سنة 2003 تسلمت اللجنة المغربية للتاريخ العسكري مسؤولية تدبير هذه المعلمة، ليعرف البرج بعد ذلك أشغال ترميم وتجهيز واسعة، شملت ترميم البناية، حسب المعايير الفنية والقوانين المعمول بها، وتجهيز البناية بمختلف التجهيزات الأساسية والمتخصصة لإعادة توظيف المعلمة في أحسن الظروف، وتجهيز وإعادة تهيئة المتحف وفق توزيع سينوغرافي حديث، وتهيئة المحيط الخارجي للبرج وترميم التحف. إن ما يحز في النفس اليوم هو أن تقوم أكبر المنظمات الدولية المعنية بالتراث بتسجيل مجموعة من المآثر التاريخية والمدن العتيقة المغربية ضمن لائحة التراث العالمي الانساني، ومن بينها البرج الشمالي الذي لقي اعترافا عالميا بأهميته وتميزه الأثري . ثم يأتي مسؤولون مغاربة يناط بهم تدبير شأن هذه المآثر ولا يعيرونها الاهتمام اللازم على الأقل من حيث النظافة وجمال المحيط ، مما يعد جريمة حقيقية تستوجب الحساب والعقاب. لقد مرت هذه المعلمة ، كما تورد المراجع التاريخية، بمراحل وحقب عدت بالقرون فترات زمنية طويلة، صنع أجدادنا الأمجاد وأسلافنا البطولات وخلدوا تاريخهم وأوصلوه ألينا بأمانة ، لكننا ننكث العهد بتهاوننا الفظيع في بضع سنوات بتسليمنا هذا الإرث الى العبث من باب الإهمال والنسيان، ومن شبه المؤكد أن المراحل التي مر بها المغرب جعلت تراثه يشهد تطورا ونهضة عمرانية حضارية راقية مازالت تشهد عليها العديد من الآثار بالمغرب العربي والأندلس ومنها على سبيل المثال المساجد والمدارس والقلاع والقصبات والقصور والمتاحف . فكيف نستسيغ اليوم الوضع المخزي لتاريخ الاجداد ؟ فهل يصدق أن تطأ أقدام السائح المغربي أو الأجنبي على حد سواء براز البشر بمدخل المتحف أو بفضاء محيطه ، من غير أن يستنفر المسؤولون كامل وحدات النظافة ويحدثون خلية أزمة ، ويتم فتح تحقيق يفصل بموجبه أو يقيل ثم يرسم خريطة عمل أكثر واقعية من أجل أن لا تتكرر الوضاعة التي ليست حتما قدر المغاربة وإنما سلوك نشاز ينبغي عدم التساهل معه والقطع معه بلا رجعة. لنتصور ما سيقع لو أن سائحا أجنبيا صادف عقب سيجارة أو كيسا أسود ملقى على فضاء مدخل قصر الحمراء بإسبانيا أو عثر بالصدفة على مطرح نفايات وأن سمع عن حارس تغاضى عن اقتلاع قضيب حديدي ؟ إنها «القيامة» حيث ستتحرك السلطات على كل المستويات للمتابعة والحماية بكل ما يضمنه القانون والقيم الانسانية المشتركة؟ الآن هذا الإرث التاريخي الغني والمتنوع يفقد قيمته الحقيقية لدى فئة من سكان مدينة فاس حيث يتبولون عليه اليوم أمام أعين المسؤولين من غير أن يستنفروا صلاحياتهم الواسعة وإعطاء أوامرهم من أجل رد الاعتبار للمادة التاريخية المشتركة . ممارسات وغيرها كثير تؤخر حلم المغاربة بقرون حتى يتبوؤوا المكانة المتميزة التي يطمحون إليها في الأوساط الدولية في مجال حماية التراث الإنساني ، ويستبخسون الفخر الذي تركه لنا القدامى وعبر عنه المحدثون من مفكرين وفلاسفة بأفكار ومقاربات عقلانية منيرة وكونية . فضاء برج السلاح أيها الوالي، يا عمدة فاس ورئيس جماعتها الحضرية ، صرح حضاري تندثر معالمه وهو مسؤولية جسيمة على رقابكم ، وجب العناية به اليوم والاهتمام بتفاصيله كهوية وطنية تاريخية حضارية إنسانية . يتعين اليوم عليكم بحكم مسؤوليتكم عن تدبير الشأن المحلي للعاصمة العلمية، الاهتمام به والتعامل معه كالماء القليل في صحراء بلا ضفاف . إنها مسؤوليتكم وستحاسبون عليها حسابا عسيرا في المستقبل . دار السلاح» أو متحف الأسلحة، أو «برج النار»، أو النور ، أسماء متعددة لرمز تاريخي وطني واحد متحف وطني متخصص في الأسلحة، بات ملحقا للجنة المغربية للتاريخ العسكري، التابع بدوره للقوات المسلحة العسكرية، برج يزخر بعدد كبير من التحف، منها 3000 قطعة صالحة للعرض، والباقي يوجد قيد الترميم. وتورد التقارير أن عدد السياح الوافدين على «دار السلاح» لا يفوق 3000 زائر في السنة، فيما يقدر عدد الزوار المغاربة ب 30 ألف زائر في السنة، علما بأن ثمن الزيارة يبقى رمزيا (10 دراهم للكبار، و3 دراهم للصغار، ودرهمان للمجموعات المدرسية المرخص لها)، حسب مصدر من المتحف . ومن حي التاريخ ،يوجد المتحف بالبرج الشمالي، الذي شُيد سنة 1582، وهو أهم الأبراج التي بنيت في الفترة نفسها، لتشكل طوقا دفاعيا حول مدينة فاس، بغية حمايتها من التهديدات الأجنبية، خاصة منها العثمانية، ويؤكد الطابع الأوروبي لتصميم هذه المعلمة العسكرية إشارات المصادر بمساهمة أسرى برتغاليين في عملية البناء. وتضيف بعض المصادر التاريخية أن عدد الحصون بفاس يبلغ 11 حصنا، أهمها البرج الشمالي والبرج الجنوبي، وهما يشرفان على فاس البالي، أما فاس الجديد فكان حزامه الدفاعي يتكون من عدة أبراج صغيرة، أهمها برج سيدي احمد الشيخ، برج بونافع، وبرج بوطويل. وقبل خمس سنوات من الآن، أشرفت اللجنة المغربية للتاريخ العسكري على ترميم الطابق العلوي للبرج، الذي يتكون من 18 خلية صغيرة كانت تستعمل لتخزين الذخيرة، والقبو الذي يتكون من قاعتين في الجهة الشمالية من البرج، وصهريج يتكون من ثلاث قاعات كانت تستعمل لتجميع وتخزين الماء. واستفاد المتحف من بعض الهبات من بعثات أجنبية قدرت بما يقارب 10 تحف، ومن بينها هبة أهداها أحد حاكمي (جاكرتا) والمسمى (وي يوغوأتموداري مونت)، وهي عبارة عن سيف يسمى «كريس»، فيما تكلفت إدارة المتحف بشراء بعض التحف المتينة من أسلحة، وسيوف وغيرها من مالكين استغنوا عنها أو لن يستثمروها في شيء. وتروي ذات المصادر التاريخية أن أغلب التحف المحفوظة ب «دار السلاح» جرى جلبها من مصنع السلاح «الماكينة» بفاس، الذي كان يضم متحفا صغيرا، كما سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن أهدى المتحف عدة أسلحة قديمة كانت في ملك الحرس الملكي، هذا إلى جانب التحف التي اقتناها المتحف، التي تسلمها كهدايا ومنح. وتمثل تحف «دار السلاح» 35 دولة بالإضافة إلى المغرب وهي ميزة ينفرد بها متحف الأسلحة بفاس. تختزل أركان المتحف ضمن أسوارها تاريخ الأسلحة في المغرب خاصة، وفي العالم عموما بمختلف أشكالها من أسلحة بيضاء وأسلحة نارية وبمختلف وظائفها من أسلحة دفاعية وهجومية وأسلحة قنص وأسلحة للزينة. كما أن تاريخ استعمال الإنسان المغربي لأسلحة معدنية، يعود حسب ما ورد في المصادر التاريخية، إلى ما يناهز5000 سنة، إذ جرى اكتشاف فأس بضواحي الرباط وسيف بنواحي العرائش يعودان إلى هذه الحقبة، تعرض الأولى بمتحف الآثار بالرباط والثانية بالمتحف الأثري ببرلين، ودراكة، وهي عبارة عن درع جلدي سميك يحمل رسومات بسيطة وملونة. وتدل على ذلك بعض النقوش الصخرية، التي تعود إلى حوالي5000 سنة، السلاح الدفاعي الأهم بالنسبة إلى المغرب والسلاح المغربي بامتياز، واستعمل المغاربة «الدراكة» منذ العصر البرونزي إلى نهاية القرن 19، وكانت هي سلاحهم الدفاعي الوحيد لقرون عديدة. داخل المتحف يمكن للزائر ان يشاهد عن كثب «أسلحة خفيفة تتوالى جنبات المتحف وقاعاته الرحبة ومن بين ما تبرزه مدى المكانة المهمة التي أخذها المسدس في الميادين الحربية، حيث أصبح لتداول هذا السلاح الخفيف يفسر مدير المتحف، دور أساسي في تغيير هيكلة الجيوش الأوروبية، وكذا في التقنيات والخطط الهجومية، ومنها حلت البندقية بالنسبة إلى المشاة محل النبال، وحل المسدس بالنسبة إلى خيالة محل السيف والسهام. يقوم بالترميم حرفي متخصص في مجال البنادق المغربية بفاس تحت إشراف إدارة المتحف. وتمكن المتحف لحد الآن من ترميم 400 بندقية مغربية تعود إلى القرن 18 و19، إضافة إلى أكثر من 100 حربة فرنسية. ولهذه العملية الطويلة المدى بعد ثقافي و تراثي يتمثل في الحفاظ على تحف، معرضة للضياع، ذات قيمة تاريخية وإتنوغرافية بالغة الأهمية، وفي إحياء حرف وصناعات يدوية آيلة للنسيان، إلى جانب بعد اجتماعي وإنساني يتجلى في إنعاش الصناعة التقليدية.