كشف شبكة تجسس تابعة للاستخبارات الجزائرية في فرنسا    إدارة السجون تعمم منصة "زيارة" على جميع المؤسسات السجنية    مدير إقليمي يرد على وزير التعليم بعد إعفائه: قراركم مليء بالمغالطات ولم تزرنا أي لجنة للتفتيش    بتعليمات ملكية سامية.. الحرس الملكي يواصل مبادرته الإنسانية بتوزيع وجبات الإفطار على الأسر المعوزة    ارتفاع المداخيل الجمركية إلى 14.7 مليار درهم    جلالة الملك يحل بمدينة الدارالبيضاء قادما إليها من عاصمة مُلكه الرباط    رئيس مجلس النواب يجري مباحثات مع رئيس لجنة الدولة للعمل مع الجالية الأذربيجانية    نشرة انذارية : أمطار قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة    أديس أبابا: انتخاب المغرب لرئاسة الدورة ال57 للجنة الاقتصادية لإفريقيا يعكس ثقة البلدان الإفريقية في دور المملكة بالقارة    إفريقيا تجدد ثقتها في فوزي لقجع : انتصار جديد للمغرب داخل مجلس الفيفا    دوري أبطال أوروبا.. مبابي ضمن قائمة ريال مدريد لمواجهة أتلتيكو الحاسمة    وهبي: المال العام "ماشي سايب" .. والمزايدات تسيء إلى الديمقراطية    حزب "الأحرار" بأكادير يناقش الغلاء    انهيار سقف منزل في القصر الكبير    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    انطلاق دوري الشطرنج ضمن رمضانيات طنجة الكبرى بمشاركة واسعة وأجواء تنافسية    حزب الأصالة والمعاصرة : تفاقم البطالة معضلة حقيقية    "بصمة التراث".. أول سلسلة رسوم متحركة تعنى بإحياء التراث المغربي    علماء روس يطورون أول دواء مزدوج لعلاج سرطان البروستات    رئيس الاتحاد المصري: "أنا فخور باستضافة المغرب لمونديال 2030"    سعد المجرد يجري عملية جراحية على مستوى الأذنين    حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    نظام الجزائر يرفض استقبال "الحراكة"    القاهرة .. فوزي لقجع يكتسح انتخابات ممثلي الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بمجلس الفيفا    العامل المرزوقي يقود بنجاح اجتماعًا موسعًا لإيجاد حلول لأزمة الاكتظاظ في ميناء طنجة المتوسط    في مؤتمر صحفي بالفجيرة.. إعلان رسمي عن أكبر دورات مهرجان المونودراما    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات تعلن عن تنظيم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    إعادة انتخاب فوزي لقجع لولاية ثانية في المجلس التنفيذي ل"الفيفا"    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يعيد انتخاب موتسيبي رئيسا بالتزكية    13 مليون مشاهد خلال الإفطار.. تفاعل قوي للمغاربة مع برامج رمضان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    مصطفى بنرامل ل"رسالة 24″ : نسبة ملء السدود بلغت 34 ,30 بالمائة بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    إحباط عملية تهريب 26 كيلوغراما من "الشيرا" بميناء الناظور    الشرقاوي: وكالة بيت مال القدس نفذت أزيد من 200 مشروع كبير لفائدة المقدسيين    لقجع يفوز بعضوية المكتب التنفيذي ل"فيفا" للمرة الثانية على التوالي    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المعارضة تكتسح انتخابات غرينلاند    رياض مزور يوقع اتفاقية شراكة مع "التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    روسيا تقصف سفينة "قمح جزائري"    القضاة يحاصرون نتنياهو والأخير يخرج عن طوره أثناء المحاكمة    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    الذهب يستقر في هذا المستوى    استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وموسكو لا تستبعد التواصل مع واشنطن بشأن اقتراح الهدنة    الأسلحة والمعادن ‬وإنهاء ‬نفقات ‬المينورسو‮!‬ (‬(3    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    الصين: ارتفاع في إنتاج ومبيعات السيارات في فبراير 2025    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



همزة وصل .. ... ولكم واسع النظر!


سيدي رئيس المحكمة الموقَّران:
سأبسط أمام أنظار محكمتكم الموقرة كل حكايتي، قبل أن يبت واسع نظركم في كل هذه التهمة الثقيلة التي أتابع بها، والتي هي في حقيقة الأمر من نَسْجِ سوءِ الفهم.
نعم، إن تهمة غسل الأموال تهمة ثقيلة بكل تأكيد.. لكن لنبدأ الحكاية من البداية.
سيدي رئيس المحكمة الموقران:
أنا عبد الله، الفقير إلى الله، مجرد مواطن يمتهن بيع النعناع، أتجول وعربتي اليدوية في الأحياء شبه الميتة، صائحاً «النعناع.. النعناع» لا أرى الفقر عيباً، وأحمد الله كثيراً على رزقي الحلال، وأحمده أكثر على وفرة النعناع هذه الأيام، الذي يظل موجوداً طوال السنة، وإثنى عشر شهراً على إثنى عشر شهراً، عكس زمان والدي، رحمه الله، إذ كان النعناع لا يتوفر سوى في الأصياف، أما في مواسم الشتاء، فكانت الشيبة هي ما يُؤنس أباريق الشاي، لذلك فرزقي دائم، ولا ينقطع، بفضل الله، وبفضل وفرة النعناع.
لي سروال واحد، وقميص واحد في كل الفصول، ولي زوجة وسبعة أبناء، إثنان منهم مجازان عاطلان، مازلت أنفق عليهما كباقي إخوتهما، ولا أخشى، بعد الله، لا برداً ولا صهداً، وأحب عملي لدرجة أتمنى معها ألا تغرب الشمس أبداً، وأسعى جاهداً أن أشبه المواطنين، وأن يشبه أبنائي المواطنين، وأن نسرق حقنا من الضحك ومن الفرح كأيها الناس. لا أعرف الحقد، ولا أكره سوى الكراهية، لذلك تُسعدني خدمة الآخرين، ويُسعدني أكثر حين أحظى باحترام المحترمين، أؤدي واجبات الكراء بالسنتيم، قبل انصرام الشهر، وواجبات الماء والكهرباء في اليوم الأول لوصول الفواتير، ويُجافي النوم عيوني إذا ظل في رقبتي ديْنٌ.
سيدي رئيس المحكمة الموقران:
رغم أني حفيد الشهيد، فإني ما طلبت يوماً امتيازاً.. ولن أطلب يوماً امتيازاً، ذلك أن جدِّي حمُّو دْ بن داوود، رحمه الله استُشهد في قشلة الشُيَّاب في حرب الريف، وغنَّت عن وفاته الشيخات قرب المحيط مقطعاً في إحدى عيطاتهن: «حمُّو دْ بَنْ دَاوُودْ. مَاتْ يْجَاهَدْ»، رغم عدم وجود هاتف نقال ولا إيميل آنذاك، وترك والدي رحمهما الله معاً يتيماً لم يكمل سنته الثالثة بعد، وقد جاهد وناضل هو الآخر، حتى صار فقيهاً لامعاً، قبل أن يصير مهاجراً في فرنسا، وفي باريس بالضبط، لمدة 18 سنة، خاط فيها العباءات والسراويل قندريسية للمغاربة وللجزائريين، وعلّم أبناؤهم القرآن، وتلاه في جنائزهم وأفراحهم، ولم يشتغل مع فرنسا التي اغتالت والده، سوى حوالي 3 سنوات متفرقة، وفق متطلبات «الشوماج» كي يظل محافظاً على تعويضاته. وقد تعرض والدي للسرقة مراراً وتكرارا، من فرط طيبوبته وتسامحه، وعلمني جملة لازمة لا تفارق لسانه رحمه الله: «اللِّي مْشَاتْ هيَّ دْيالي» مومناً موقناً أنه سيجدها عند الله.
سيدي رئيس المحكمة الموقران:
أعلم أن الكشف عن انتمائي إلى الريف، سيصعب من مرافعتي أمام محكمتكم الموقرة، وقد يربطني مباشرة بغسل الأموال، لكن يجب أن تقرأ ما بين ثنايا ما حكيته لمحكمتكم الموقرة، وتدرك أني ابن أبي وجدي، قد تُسرق روحي ولا أسرِقُ، ولا ولن أكون من اللصوص، أو مثل أولئك الذين قرأت عنهم في جرائد الأسبوع الماضي.
سيدي الموقر. أنا لا أشتري الجرائد إلاّ بالكيلو، وبعد تقادم أعدادها، كي أكمس فيها قبضات النعناع، لكن فضولي يدفعني إلى قراءة بعض الفضائح فيها، لذلك قرأت البارحة، في إحدى جرائد الأسبوع الفائت، عن شخصية كبيرة ووازنة جداً، أنفقت من المال العام 77 مليون سنتيم على أثاث منزله، في الوقت الذي لا يجد أمثالي ثلث المبلغ طوال حياتهم وكدهم، لاقتناء قبر الحياة!
سيدي الموقر: هل أزيدك؟!
لقد قرأت أيضاً ما هو أروع من تلك التي حكيت لك.. هل تتخيل سيدي أن أحدهم اشترى 7 أقلام (إياك أن تقرأها أفلام) ب 57 ألف درهم.. من المال العام طبعا! آ العاجاب هذا!! ثم هل تعلم سيدي كم في هذه الأقلام السبعة من ربطات النعناع.. قد لا تصدق الرقم!!
سيدي، ولكي أعود بك إلى صلب الموضوع، أقول لك ما علمني والدي، رحمة الله عليه إياه، فأنا حينما أقرأ مثل هذه الأخبار، لا ينتابني حقد، وأقول في نفسي: «اللِّي مشات هي ديالي» لذلك، فحينما أقف أمام محكمتكم الموقرة اليوم بتهمة غسل الأموال، فإن في الأمر بعض الحقيقة، والكثير من سوء الفهم. نعم، لقد أخبرتك سيدي أني أملك قميصاً واحداً لكل الفصول، ويحدث أن أغسله ليلاً، كي يصبح ناشفاً، وحدث أن تركت في جيبه ورقة نقدية من فئة 20 درهماً، وغسلتهما معاً، سهواً ونسياناً، وهي الورقة التي فركتها حتى انمحت كل معالمها. ولما علمت زوجتي بهذه الحكاية حكتها لجارتنا، التي حكتها لجارتها حتى وصل الخبر إلى علم زوجة المقدم التي حكتها لزوجة الشيخ، الذي حكاها للقائد، قبل أن أجد نفسي معتقلاً وأجد نفسي أمامك بنفس القميص.
سيدي رئيس المحكمة الموقران:
أنا لا أوقر محكمتكم الموقرة لأنها موقرة، ولكني أوقرها لأني أوقر حتى الأطفال الصغار، لذلك ليس لدي ما أخفيه.. فليست لدي مقاهٍ، ولا نوادٍ ليلية ولا وكالات أسفار، ولا وكالات كراء السيارات.. ولكم واسع النظر.
ملحوظ:
الموقران تعني توقير الرئيس و المحكمة معا، والعبارة مستعارة من جملة للفنان بزيز يتحدث فيها عن «مسرح محمد الخامس رحمهما الله»، أي المسرح ومحمد الخامس معا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.