في احدى الاجتماعات الصباحية لهيأة تحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي في أولى سنوات التسعينات من القرن الماضي، دخل مدير الجريدة وقتذاك الاستاذ والصديق محمد البريني الى الاجتماع وفي يديه رزنامة من الفاكسات. وينظر الي بعينين «حمرين» ومليئتين بالترقب. مطالبا بالجواب عن سؤال حول المقالات التي كتبتها عن المغرب التطواني، ولماذا اشكك في تاريخ ووطنية اهل تطوان. وما علاقة الرياضة والكتابة التاريخية. بالفعل، تفاجأت من دواعي هذا السؤال الصباحي. قلت وقتها وبالحرف، انه ليست لدي اية علاقة بالموضوع ولم اكتب سطرا واحدا عن تاريخ مدينة تطوان. منحني الاستاذ محمد البريني تلك الفكسات جميعها. واذا بي اصاب بالذهول بالنظر الى حجم وعدد الاشخاص الذين يحتجون على كاتب هذه السطور. زاعمين انني اهنت ساكنة تطوان وتاريخ تطوان ورجالات تطوان. وقتها فهمت الرسالة والرد على ما كتبته، بخصوص الفريق. وقتها، كان يرأس الفريق شخص اسمه التمسماني، حوكم في وقت لاحق وسجن بسبب تورطه في عملية تهريب المخدرات. لا يهم فللإنسان الحق في النسيان، كما تقول الروايات والمحكيات القانونية والاخلاقية. كتبت وقتها جملة قصيرة في سياق قراءة لمعطياتا البطولة ومخلفاتها. تقول تلك الجملة. ان الفريق التطواني حقق - مازلت اذكرها جيدا - ثماني انتصارات بملعب سانية الرمل عن طريق ثماني ضربات الجزاء. هنا وقفت الجملة. ولم اتكلم لا عن تاريخ تطوان ولا على المقاومة ولا على الهند والسند. لكن الذي يفهم من خلال القراءة الاخرى، لتلك الجملة التي على البال، ان الانتصارات المحققة لم تكن علي ارضية الملعب ولكن كانت ترسم خارجه . والذين كانوا وقتذاك يتابعن دواخل الكرة يعرفون الامر وهناك حكايات كثيرة ونكت متعددة. لا مجال اليوم في الدخول الي تفاصيلها السيئة. كان السنيور التمسماني، يريدا ن يحي عظام هذا الفريق ذو الجذور التاريخية. وان يجعله من بين الفرق ذات شأن عظيم لكن بطرق ليست مستقيمة، واعتمادا على وسائل غير نظيفة، خاصة وان مسؤولين كبار وقتها كانت تربطهم علاقات على أعلى مستوى، برئيس المغرب التطواني وارتبط باتفاقيات مع فرق كانت هي الاخرى تسبح في عالم السلطة والمال. جئت بهذه الحكاية اليوم، والفريق التطواني حاز على لقب البطولة لأول مرة في تاريخه، بعد ان غير اساليب العمل والاشتغال، وهو عمل دام سنين طويلة وللحقيقة ان الرئيس الحالي، لم يعمد ويعتمد على اساليب الماضي السحيق، وانما اعتمد على اساليب احترافية في تدبير رياضي نموذجي، وهاهي النتيجة نقف عندها اليوم. نقف عند فريق قوي، متماسك، منضبط لعبا وسلوكا. وعندما تجتمع هذه المقومات، لا تضمن فقط الحاضر، بل ترسم افقا جديدا للعطاء وللحضور. العديد من الأندية التي بنيت على الباطل وعلي السلطة والمال، جميعها ذهبت مع رياح الزمن الذي يرحم البناء العشوائي. لذلك فتطوان اليوم،ليست هي تطوان الامس، كما يقولون، ويبقى التحدي الاكبر لهذه المدينة ولفريقها. وبكل مكوناته هي ضمان البقاء على هذا المستوى الذي يشرف الكرة الوطنية من شمالها الى جنوبها العميق. فهنيئا لاهل تطوان ولفريق تطوان.