أول أمس الأحد خرجت الطبقة العاملة بالدار البيضاء في مسيرة وطنية من أجل الكرامة، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والمادية لمختلف فئات المأجورين وعلى عدم مباشرة الحوار الجاد والمسؤول وتنفيذ ما تبقى من التزامات الحكومة بخصوص اتفاق 26 أبريل 2011. لأن الحاجة الاجتماعية غير قابلة للانتظار. فهل ستستفيق الحكومة من سباتها؟ ومتى ستتعاطى بالجد والمسؤولية اللازمة عوض الفرفشات والهزل اللذان لن يجديا السيد رئيس الحكومة في معالجة الوضع الاجتماعي المأزوم؟ لا زال مسلسل الطرد من العمل في العديد من الوحدات الإنتاجية، والخروقات والتعسفات بالجملة في حق العمال والأجراء مستمرا. والأخطر من هذا وذاك، أن يمتد مسلسل الخروقات والمضايقات إلى مقاولة صحفية محسوبة على الجهات الرسمية، حيث عمدت مجموعة "ماروك سوار" الى طرد جماعي لخمسة من صحافييها العاملين بجريدة "الصحراء المغربية" هم: عبد اللطيف فدواش، ومحمد فجري ومحمد السليكي وربيع الوريضي وعثمان الرضواني، لا لشيء سوى أنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة، وبمأسسة العلاقات الداخلية بين الإدارة والصحافيين والعاملين على القاعدة الثلاثية القانون، الحقوق، والواجبات وبدل أن يتراجع مسؤولو مجموعة ماروك سوار عن هذا القرار المجحف واللاقانوني في حق الصحفيين الخمسة، تستمر الإدارة في غيها وتعنتها رافضة الحوار مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية لإيجاد حل لهذه الورطة التي وضعت نفسها فيها. لقد امتد مسلسل التضييق على الصحافيات والصحافيين للقناة الأولى بدار البريهي التي وجهت الدعوة لحضور جلسة الاستماع للصحفية حورية بوطيب والممنوعة حاليا من تقديم نشرة الأخبار باللغة الاسبانية لأنها بكل بساطة تجرأت على فضح ظروف العمل المزرية وما تعرفه القناة الأولى من محسوبية في بعض التعيينات في مناصب المسؤولية خارج معايير الكفاءة، وذلك أثناء لقاء نقابي داخلي. مما ينم عن نهج سياسة تكميم الأفواه داخل القناة الأولى والتي من المفروض فيها نقل الأخبار بكل موضوعية وشفافية وخلق الظروف والشروط الملائمة للعمل حتى يتمكن الصحفيات والصحفيين من نقل الخبر الحر والنزيه بمهنية لكل المواطنات والمواطنين دون تزييف أو تزويق للحقائق. إنه جزء من المعاناة اليومية لما يتعرض إليه الصحافيون والصحافيات من تضييق وشطط في استعمال السلطة لثنيهم عن قول الحق والحقيقة وفضح كل مظاهر الاستبداد والتسلط والفساد. في هذا الوقت بالذات الذي تتعرض فيه الصحافيات والصحافيين للتضييق على ممارسة حقهم في التعبير وانتقاد ظروف العمل المزرية. وبالضبط يوم الخميس 24 مايو 2012 كان الوفد المغربي الرسمي برئاسة وزير العدل والحريات أمام مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، يتعرض ل"التسخسيخ" والانتقاد الحاد لما تعرفه حقوق الإنسان من تردي وتراجع. فلقد قدم تقرير منظمة العفو الدولية ومندوبو العواصم العالمية (واشنطن، لندن، باريس، سويسرا و أمنيستي وغيرهم) صورة قاتمة ومظلمة عن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2011. وذلك من جراء استمرار التعذيب والتضييق على الصحافيات والصحفيين وصل حد إصدار أحكام سالبة للحرية، واستمرار قمع التظاهرات والاستعمال المفرط للعنف ضد الوقفات الاحتجاجية السلمية. لقد سبق لنا في الفريق الفيدرالي إثارة انتباه الحكومة لما تعرفه حقوق الإنسان من تراجع وانعكاس ذلك على صورة المغرب على المستوى الدولي وما يتلقاه من مساعدات ودعم مالي للنهوض بحقوق الإنسان والحكامة الرشيدة والتي خصص لها غلاف مالي يقدر ب87 مليون أورو ضمن الغلاف الإجمال المخصص للمغرب من طرف المفوضية الأوربية في في إطار البرنامج الإرشادي الوطني 2011 - 2013. فالحكومة مدعوة بشكل فوري لوضع حد لمختلف الممارسات والسلوكات الحاطة والماسة بكرامة المواطن المغربي وبحقوق الإنسان عامة ومدعوة لاستعمال القانون في حق من سولت لهم نفسهم العبث بصورة المغرب الحقوقية ومطالبة باحترام مقتضيات الدستور الجديد وخلق كل الشروط للعبور إلى مغرب الحداثة والمساواة وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا بدل سعي الحكومة إلى تمرير قانون تبييض ممارسات وانتهاكات حقوق الإنسان وتمتيع بعضهم بالحصانة خارج أي محاسبة برلمانية.