بعد مضي نحو 39 عاما على رحيل شاعر نوبل التشيلي بابلو نيرودا، صدر كتاب جديد يتطرق إلى الغموض الذي يكتنف وفاته وإذا كان السبب ورائها هو مرض السرطان الذي كان يعاني منه أو أزمة قلبية أو حقنة مميتة. يحمل الكتاب اسم «ظلال حول الجريدة السوداء» وألفه الصحفي الإسباني ماريو أموروس، الذي صرح ل(إفي) بأنه يتساءل في الكتاب حول إمكانية أن يكون نيرودا قد توفي مقتولا ولكنه لم يقدم إجابة عن هذا السؤال. ومن المعروف أن نيرودا رحل في 23 شتنبر عام 1973 بعد 12 يوما من الانقلاب العسكري الذي تزعمه الديكتاتور الراحل أوجوستو بينوشيه ضد الرئيس المنتخب سلفادور ألليندي. وأشار التقرير الرسمي الصادر عن المستشفى إلى أن نيرودا توفي نتيجة إصابته بمرض سرطان البروستاتا الذي كان في مراحله المتأخرة، ولكن زوجته الثالثة ماتيلدي أوريتا أكدت بعدها أنه توفي نتيجة إصابته بأزمة قلبية. وقال أموروس: «من المثير للدهشة أن تتشبث ماتيلدي برأيها حول ان نيرودا توفي نتيجة أزمة قلبية، كما أنها لم تتطرق مطلقا إلى إمكانية أن يكون زوجها قد قتل.» وكان مانويل أرايا السائق الخاص لنيرودا قد أكد في مقابلة أجراها لمجلة (بروسيسو) المكسيكية العام الماضي، أن الشاعر التشيلي الكبير قتل على يد ضباط النظام التابع لبينوشيه. وأشار السائق إلى وفاة الرئيس السابق إدواردو فري مونتالبا في نفس المستشفى «سانتا ماريا» بعدما تزعم جبهة معارضة قوية للنظام، في حين أشار التقرير الرسمي إلى أن وفاته نجمت عن «تعفن الدم»، ولكن منذ عام 2009 تحقق العدالة التشيلية في إمكانية أن يكون قد مات مسموما. وتسبب تنديد سائق نيرودا بقتله في قيام الحزب الشيوعي، الذي كان الشاعر عضوا فيه، بتقديم بلاغ للعدالة التشيلية في مايو/آيار من العام الماضي للتحقيق في هذا الأمر، وتم قبول الدعوى وفتح تحقيق حول الواقعة. ويشير الصحفي الإسباني إلى أن القاضي المسئول عن هذه القضية أكد عدم وجود الملف الخاص بحالة نيرودا في الثلاث مستشفيات التي نقل إليها عام 1973 رغم أن القواعد تحتم ضرورة الاحتفاظ بوثائق المرضى لمدة 40 عاما. ويسرد الكتاب أيضا تفاصيل عن العام الأخير في حياة نيرودا وتحديدا منذ عودته إلى تشيلي قادما من فرنسا التي عمل فيها كسفير لبلاده، وحتى وفاته بالإضافة إلى استعراض جانب من حياة زوجة الشاعر الثالثة ماتيلدي حتى وفاتها عام 1985. ويقول الصحفي الإسباني في كتابه إن نيرودا وزوجته كانا يستعدان قبيل وفاته إلى العيش في المنفى بالمكسيك بعد تلقيه دعوة عبر سفير المكسيك في تشيلي وقتها. وقبل وفاته طالب نيرودا زوجته وسائقه بالسفر إلى «الجزيرة السوداء» وعندما كانا هناك تلقيا مكالمة من الشاعر أخبرهما فيها إنهم قد حقنوه بشيء غريب، وعندما عادا إلى العاصمة التشيلية وجدا نيرودا يعاني من الحمى. ويقول الصحفي الإسباني إن هناك تضاربا في الأقوال بين رواية سائق نيرودا وزوجته حول الأيام الأخيرة، حيث أشارت زوجته إلى أنها سافرت إلى «الجزيرة السوداء» قبل يوم من وفاته وعندما عادت وجدته في حالة سيئة تأثرا بتداعيات الانقلاب العسكري. ويشير الكتاب الجديد إلى أن هناك تساؤلات لا نهاية لها تحيط بوفاة نيرودا فثمة من يعتقد أنه مات مقتولا، أو رحل نتيجة عدم قدرته على تحمل صدمة الانقلاب، ولكن الكتاب لم يقدم في نهاية المطاف إجابة تثلج صدور القراء وعشاق الشاعر الكبير. يشار إلى أن نيرودا ولد في 12 يوليوزعام 1904 وترك نتاجا شعريا كبيرا، فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1971 ، وألف الكثير من الأعمال من بينها: «إسبانيا في القلب» و»أغنية حب جديدة إلى ستالينجرادو» و»فليستيقظ الحطاب».