أخلف رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران أحد أبرز مواعيد إعمال وتفعيل الدستور الجديد، وتعامل مع فصل دستوري بطريقة جعلته دون مستوى الاختصاصات التي خولها له الباب الخامس من القانون الأسمى . جاء بنكيران أمام مجلس النواب الإثنين الماضي طبقا للفصل ال100 من الدستور الذي تنص فقرته الثالثة على أن« تقدم الاجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة،وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر...» .لكنه تحدث كزعيم لحزبه العدالة والتنمية .حيث استعرض أمام النواب والرأي العام أكثرية فريقه العددية فيما يشبه ديكتاتورية الحزب الواحد ،بافتخار أحيانا، وباستدراك أحيانا عند الانتباه لمشاعر الوزراء الذين لايحملون مصباحه،شعاره في الانتخابات التشريعية . بدا السيد عبد الإله بنكيران في التعامل مع أسئلة الاغلبية والمعارضة أمينا عاما، وليس رئيسا للحكومة.. يعبر عن انسجامها ويحترم ميثاق أغلبيتها ويتخذ من برنامجها مرجعا ومن خلاصات مداولات مجلسها ومواقفه إطارا للرد على إحدى آليات مراقبة العمل الحكومي التي يعتمدها البرلمان وهي الاسئلة الشفوية. وعضد تخلي بنكيران عن جبة رئاسة الحكومة وهو يقف أمام النواب ويلبس لونه السياسي ، الصيغة التي تم بها تقديم أسئلة أعضاء فريقه النيابي والتي كانت كمن يضع كرة في نقطة الجزاء ليقذفها في وجه المعارضة. وليعذرني برلمانيو العدالة والتنمية على هذه الملاحظة. وأخلف بنكيران الموعد حينما أسس إحدى أجوبته على منطق المقاربة الأحادية في التعامل مع مشاريع القوانين، حيث الأكثرية العددية تفعل ماتشاء وتنتج ماتريد، ولن تفتح فصول هذه المشاريع أو المواد بالضرورة لتعديلات المعارضة . لقد أسقط بنكيران أحد الأسس التي جاء بها الدستور الجديد والتي تتلخص في « التشاركية التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة (الفصل الاول) والتي وردت في أكثر من فصل مرتبطة بالديمقراطية. إن الدستور ضمن للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا لتمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني والحياة السياسية (الفصل 10) والمساهمة بكيفية فعالة وبناءة. لكن المنطق الذي تحدث به السيد بنكيران سلبها ما أناطه بها الدستور وجعل مجلس النواب مجرد غرفة للتسجيل. وأخلف الموعد، في إعمال سليم للدستور وفي جعل مسؤولية رئيس الحكومة فوق المسؤوليات الحزبية. لقد قاس تعيينات الولاة والعمال بمقياس حزب العدالة والتنمية، وأورد هذه الملاحظة مع كامل التحفظ حتى يوضح السيد بنكيران حقيقة مانشرته وسائل الاعلام خلال اليومين الماضيين . فالتشطيب على عامل من لائحة مسؤولي الإدارة الترابية لأن حزب المصباح لم يحقق نتائج في استحقاقات الجماعات المحلية يتناقض ومفهوم التعيين الذي أقره الدستور ، والمتلخص في الاستحقاق والكفاءة ...هل من الدستوري جعل لائحة التعيينات مطابقة لخريطة النتائج الانتخابية ؟ إن معركة توسيع الاختصاصات الدستورية لرئيس الجهاز التنفيذي كانت طويلة وشاقة، عمرها أكثر من نصف قرن . فليكن رئيس الحكومة في مستوى ما أقره الدستور الجديد لا أقل ولا أكثر.