كان من المحتم أن يفوز مانشستر سيتي بالدوري الانجليزي الممتاز لكرة القدم، بعد أن بدأت أموال الملاك الإماراتيين في التدفق عليه عام 2008، لكنه كان يحتاج مدربا محنكا يقوده خلال الرحلة الصعبة نحو التتويج. وتم تعيين روبرتو مانشيني مدربا عام 2009 بهدف تحقيق الحلم، وهو إقصاء الغريم اللدود مانشستر يونايتد عن عرشه، وأثبت مدرب إنترناسيونالي الإيطالي سابقا كفاءته وأنجز المهمة. ومنذ توليه مسؤولية تدريب الفريق من مارك هيوز، عانى الإيطالي مانشيني من خيبة أمل بعدم التأهل إلى دوري أبطال أوروبا عام 2010، ثم عانى من انتقادات بسبب أسلوب لعب الفريق، ونجح في إبطال مفعول تمرد داخل التشكيلة. لكن المهم هو أنه حتى رغم خروج الفريق من دور المجموعات بشكل مخيب للآمال في ظهوره الأول بدوري أبطال أوروبا، إلا أنه لم يكن هناك أي نوع من الذعر في المستويات القيادية. وأنفق سيتي أكثر من 400 مليون جنيه إسترليني (643.88 مليون دولار) على التعاقد مع لاعبين منذ شراء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان للنادي. لكن من عيوب التعاقد مع لاعبين بهذا البذخ ضرورة إرضاء غرور نجوم يحصلون على أجور عالية، وهو أمر كلف الكثير من المدربين المرموقين مناصبهم في الدوري الانجليزي. وفي باديء الأمر كان المنتقدون يرون أن مانشستر سيتي عبارة عن مجموعة من اللاعبين الأفراد المتميزين، الذين لا يوحدهم أي رابط، وهو السمة المميزة ليونايتد وتشيلسي خلال الأعوام العشرة الماضية. وعندما رفض كارلوس تيفيز إجراء تدريبات الإحماء لينزل كبديل في مباراة بدوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ في سبتمبر الماضي، بدأت أجراس الإنذار تدوي من جديد. وواجه مانشيني اختبارا صعبا آخر عندما احترقت شقة سكنية يقيم فيها ماريو بالوتيلي، مهاجم سيتي بسبب إشعال ألعاب نارية داخلها على ما يبدو، كما واجه المدرب اختبارا جديدا بعد تراجع مستوى الفريق، بعد عطلة عيد الميلاد مما سمح ليونايتد بالضغط عليه. لكن مانشيني كان يركز دائما على الكرة وإن كان نجاحه الأكبر في زرع الترابط والتناغم بين اللاعبين، وفي نفس الوقت تلبية رغبات المشجعين. ورغم البداية الرائعة للموسم، التي كللها الفريق بالفوز على غريمه يونايتد على أرضه 6 - 1، إلا أن سيتي بدا أنه عاد إلى عادته القديمة بإلحاق الأذى بنفسه، بعدما تأخر بثماني نقاط مع تبقي ست مباريات على النهاية بعد الهزيمة أمام أرسنال في الثامن من أبريل الماضي. لكن هذه الخسارة أدت إلى تماسك الفريق بشكل أقوى، وفي نفس الوقت خلصته من الضغوط، ومنذ ذلك الحين انطلق سيتي بقوة. وتعثر يونايتد بينما فاز سيتي بخمس مباريات متتالية، بما في ذلك الفوز على أرضه بهدف دون رد على غريمه اللدود يونايتد ليقترب من إحراز اللقب. ويوم الأحد انتزع مانشستر سيتي أول لقب له في الدوري الإنجليزي منذ 44 عاما، في أجواء مثيرة بفضل هدفين في الوقت بدل الضائع من إدين جيكو وسيرجيو أغويرو، ليتغلب على كوينز بارك رينجرز 3 - 2، ويحرز البطولة بفارق الأهداف عن يونايتد، الذي هزم سندرلاند 1 - 0. ومثل أي مدرب إيطالي يحترم ذاته، اهتم مانشيني في الجزء الأول من مهمته مع سيتي بجعل فريقه يصعب هزيمته، ونجح في ذلك على أرضه، إذ فاز في 18 مباراة على ملعب الاتحاد وتعادل في لقاء واحد. وارتكز ذلك النجاح على مدافعين مثل القائد الصلب فانسان كومباني وزميله غوليون ليسكوت في قلب الدفاع. وعزز الحارس جو هارت مركزه في التشكيلة الأساسية لمنتخب إنجلترا، وأصبح يايا توري حاضرا بقوة في وسط الملعب، مما مكن سيتي من إطلاق قدراته الهجومية ومعظمها تنطلق عبر لاعب الوسط المبدع الإسباني ديفيد سيلفا. وفي الأمام هناك أغويرو، الذي أثبت أنه مهاجم من طراز عالمي مسجلا 23 هدفا في الدوري هذا الموسم، وساعده بالوتيلي رغم سلوكه الغريب أحيانا، وجيكو الذي أحرز أهدافا حاسمة. وقال أليكس فيرغسون، مدرب يونايتد، إن أصعب لقب هو الأول. ومنذ ذلك الحين يكون فيرغسون فرقا قادرة على الفوز عندما تدخل البطولات مراحل صعبة. وهذا ما فعله سيتي هذا الموسم ووصل إلى القمة.