في ممارسة تنتمي للزمن السياسي القديم ولم تحضر في عهد الحكومات الثلاث السابقة وفي ضرب بين للتراكمات التي تحققت في مجال دمقرطة الإعلام العمومي في العشرية الأخيرة، وفي تجاهل وتجاوز للحمولة الدستورية الرامية إلى جعله من دعائم الاختيار الديمقراطي، قامت القنوات التلفزية العمومية الثلاث ووكالة المغرب العربي للأنباء بتغطية فاتح ماي 2012، بشكل يفتح من جديد باب هيمنة السلطة على الفضاء الإعلامي بتعمد الخلط بين صفة رئيس الحكومة وصفة الأمين العام للحزب تحت مبرر تغطية تظاهر النقابة المقربة من الحزب، بشكل فج من البروباكوندا لحزب معين وأمينه العام ليحيل على منطق سياسي أصبح في أرشيف التاريخ. لقد كانت تغطية تظاهرات العيد الأممي للشغيلة المغربية التواقة إلى الديمقراطية والإنصاف، ضربا للتمثيلية النقابية المنبثقة عن انتخابات المأجورين لماي 2009، والتي حددت التراتبية التمثيلية للمركزيات النقابية وفقا لمقتضيات القانون، لكن القنوات التلفزية ومن وراءها اختار مفهوم الدولة عند هيجل ليقلب الأمر رأسا على عقب بإعطاء الأولوية لحزب رئيس الحكومة ووزير دولة وآخرين الحاضرين بصفتهم الحزبية وليس السياسية إلى تظاهرات فاتح ماي. وأمعنت في التغطية متنقلة من الدارالبيضاء إلى الرباط إلى طنجة وأخذ التصريحات وجزء من الخطابات لقادة حزب العدالة والتنمية وقادة النقابة وتمكينهم من حصص زمنية أكثر من غيرهم على الإطلاق، وتعاملت مع باقي المركزيات النقابية بانتقائية بائسة تستشف منها رائحة التعليمات والتزلف إلى أعتاب السلطة والرغبة في العودة إلى الزمن غير المأسوف عليه. إن ما جرى لا يستقيم إطلاقا والشعارات الرنانة لزعماء الأغلبية الجدد حول الديمقراطية ويتعارض كليا مع الإرادات السياسية للمؤسسات الدستورية المعبر عنها لبناء دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية. إنها تعبير عن توجه إيديولوجي ذي إرادة تحكمية للهيمنة على وسائل الإعلام العمومي خدمة لمنطق حكومي يجتره منطق حزبي ضيق يستهدف بالأساس القيم الديمقراطية في تجلياتها الأساسية من الحق في الاختلاف والتعدد إلى القبول بالآخر ومحاولة صناعة المجد السياسي على أنقاض المشترك الإنساني للمغاربة في ارتباطهم بالقيم الكونية. إنها ليست زلة كاميرات، إنها زلة فكر وثقافة ومنطق نكوصي يجسد الرؤية الأحادية لتدبير الإعلام العمومي، من قلب الخضم الجديد للعبة السلطة، وما دفاتر التحملات وما أثارته من انزعاج وقلق إلا التجلي الأكبر لهذا التوجه. لقد تعمدت القنوات العمومية تقزيم تظاهرات الفيدرالية الديمقراطية للشغل، علما أن الضرر مس المركزيات النقابية الأخرى، وذلك لن يمنعنا من ممارسة حقنا المشروع في الدفاع عن الشغيلة المغربية بالمسؤولية اللازمة لأننا ديمقراطيون ومؤمنون بأن البناء الديمقراطي لن توقفه نزعات النرجسية الحزبية ولا تبدل الولاءات أينما ولت السلطة وجهها، لذا فإننا نحمل السيد الوزير الوصي على القطاع والمديرين العامين للقنوات الثلاث ومدير وكالة المغرب العربي للأنباء كامل المسؤولية عن هذا الانحراف السياسي والمؤسساتي الذي يتعارض مع الاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت الأمة. ويتنافى والمقتضى الدستوري في الفصل 165 والذي ينص على احترام التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر، والحق في المعلومة في الميدان السمعي البصري، وذلك في إطار احترام القيم الحضارية الأساسية وقوانين المملكة. تقدم التيس في غرور منحه إياه زقاء الطاووس رمز غرور الحكام ، وقال : لو كان الأمر بيدي لساويت بين الأغلبية والمعارضة ، لساويت بين الثعلب والنمر وبين الفيل والحمار وبين البومة والعندليب الخ . ولكنها الشريعة الجديدة لغابتنا التي تجعل من غابتنا ملعب البغات في زمان يضيع فيه الطهر والتقاء ولم تعد من قيمة للأخلاق السياسية . وأول قرار نستفتح به ولايتنا هو كما تعلمون . محاربة الفساد ، ويتوقف ذلك على خلع أنياب وأضراس جميع الحيوانات المفترسة وإلغاء القوانين الزجرية التي تحول دون حق العبث بخيرات غابتنا الحبيبة ، فالحق في الحياة هو حق الوصول للغذاء بدون موانع أو حواجز وبدون خوف من البطش أقدم اليوم أمامكم كممثلين لأهل الغابة محاور برنامجنا الذي يتوقف تنفيذه على مساعدتكم من جميع مواقعكم لأننا جميعا في خدمة هذا المجتمع الذي اختارنا لبلورة الإصلاحات على أرض الواقع . إلى جانب محاربة الفساد وتقوية مؤسسات الرقابة والمحاسبة . نعيش لحظة فاصلة تحتم الانتقال إلى مرحلة متقدمة لتعزيز الثقة في الغد الأفضل بتوفير شروط التنافس والعمل الجماعي من أجل نهضة غابتنا وإرساء دعائم التلاؤم والتكامل . هذا وستعمل غابتنا على توفير إعلام ديمقراطي ومسؤول يعكس التعددية السياسية في غابتنا والأخذ بعين الاعتبار مبدأ المناصفة وضمان تمثيلية منصفة للأنثى في مناصب المسؤولية ? ولكن أنثى واحدة تكفي في المرحلة الراهنة - إن من نكد هذا الزمن أن يقول قائل : إننا خالفنا الفطرة وأننا نروج لتصديقنا كذبنا على أنفسنا ونصد عن الحق ولا نبغيها إلا عوجا . فبالله عليكم . أي ضير في أن نستعمل كل الوسائل للتأثير عليكم لتصديق نوايانا وتحقيقها كبدائل عن الأهداف الواضحة . ففيم تفيد الأهداف ؟ إذا قدمنا لكم مضغة نار حامية محرقة تجز ببعض الأطراف إلى عتبة اللعنة ونزع الأنياب وفتيل شرارات الاحتجاج . فهذا هو السبيل إلى وضع دعائم نجاح أول حكومة بعد الإصلاحات السياسية والدستورية داخل مجتمع غابتنا ، ونحن من جهتنا سنعمل ما نستطيعه من « المعقول « ونؤخر أي فشل قد نتعرض له بسبب الظروف والإكراهات ، فأنتم تعلمون أننا أول حكومة بالغابة تتجلبب في جلباب الغيبيات والعموميات حتى ونحن ننسلخ عن البرنامج الانتخابي الذي دغدغنا به عواطفكم واستملنا أصواتكم . ونحن من أجلكم سنضحي حتى لو صرنا نعيش واقعنا على فقدان الذاكرة وتقوقعنا في دهاليز العموميات والغيبيات . فما شاء الله فعله . فلا يقولن أحدكم أننا نتآمر على شعب غابتنا . ولا بأس أن تتركوا لنا الوقت الكافي . ولا بأس أيضا إذا كانت لنا معارضة بكماء ، وأنثى لا تتجاوز الثرثرة ، ومثقف لا يعدو أن يكون مشعوذا ، واقتصادا مرتهنا . فهذا في تقديرنا ما يضمن رقي الغابة وتقدم مجتمعها الغابوي ، وهذا أفضل في تقديرنا كفصيل للتيوس والماعز والنعاج ، وكتحالف متنوع تسانده حيوانات لها موقعها في الغابة الواسعة 28 - 1 - 2012