تجري اليوم بالجزائر الانتخابات التشريعية لاختيار 462 عضوا بالمجلس الشعبي الوطني(الغرفة الأولى للبرلمان) .وينظم هذا الاستحقاق بحضور أكثر من 500 مراقب دولى وعربى فى جميع أنحاء ولايات الجزائر البالغ عددها 48 ولاية، فى إطار مراقبة هذه التى ينافس عليها 25 ألفا و800 مرشح موزعين على 44 حزبا، بالإضافة إلى المستقلين، والذين ينافسون على 462 مقعدا. ولأول مرة يشارك فى مراقبة الانتخابات التشريعية الجزائرية وفد أوروبى يضم 120 شخصا ووفدا المنظمتين غير الحكوميتين (كارتر وآن.دى.أى) الأمريكيتين، بالإضافة إلى وفد من الجامعة العربية يضم 130 مراقبا، كما يشارك الاتحاد الأفريقي بأكبر وفد يضم 200 مراقب، وكانت الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى قد شاركتا فى مراقبة الانتخابات البرلمانية عام 2007. وقبل 24 ساعة من فتح أبواب الاقتراع للناخبين البالغ عددهم 21 مليونا فى جميع أنحاء البلاد، وجه الأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان نور الدين بن يسعد انتقادات لاذعة للسلطات فى بلاده لعدم منح وسائل الإعلام المختلفة فضاء للداعين إلى مقاطعة الانتخابات للتعبير عن آرائهم بكل حرية، مشيرا إلى أن الدراسة الميدانية التى أعدتها الرابطة تبين بوضوح استحواذ أحزاب السلطة على حصة الأسد فى التغطية الإعلامية الخاصة بالحملة الانتخابية. أوضح بن يسعد، أن نتائج التقرير الذى أعدته الرابطة حول طرق الدعاية تشير إلى أن الأحزاب المشكلة للحكومة وهى "حزب جبهة التحرير والتجمع الوطنى الديمقراطى وحركة مجتمع السلم" استحوذت على أكثر من 28% من المساحة المخصصة للفاعلين السياسيين فى الصحافة المكتوبة، كما احتلت الصدارة بالمحطات الإذاعية بنسبة 10%، مشيرا إلى أن التقرير أظهر أن وسائل الإعلام لم تقم بغرس الثقافة الانتخابية لدى المواطنين، بالرغم من أنها المهمة الأولى التى من المفروض أن تؤديها. وعلى صعيد آخر، لا يزال الغموض سائداً حول نسبة المشاركة وحول القوى التى ستفرزها هذه الانتخابات، فحملة الترويج التى شارك فيها 44 حزبا، فضلا عن قوائم المستقلين، والتى استمرت منذ يوم 15 إبريل إلى 6 مايو الماضيين لم تعط أى مؤشر لسيطرة عائلة سياسية أو تيار، فضلا عن حزب أو حركة، فلقد كانت الحملة فاترة، وغاب الجمهور عن المهرجانات، ووجد كثير من قادة الأحزاب أنفسهم يخاطبون أتباعهم فقط. من جهة أخرى توقع وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية بألا يحقق أي حزب مهما كانت قوته ومكانته الأغلبية في هذه الانتخابات ، نافيا وجود ضغوطات خارجية على بلاده بخصوص نزاهة الإقتراع الذي وصفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالمصيري في تاريخ البلاد. وقال ولد قابلية في حوار صحفي نشر الثلاثاء الماضي "إن توقعاته بألا يفوز أى حزب بالأغلبية البرلمانية، يعني ذلك نهاية سيطرة حزبي السلطة جبهة التحرير الوطني بقيادة بوتفليقة والتجمع الوطني الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحيى. وأضاف "ان أحزاب السلطة لم تعد أحزاب السلطة، بدليل أن التحالف الذي كان يعرف بتحالف السلطة حل، وهناك من انقلب على السلطة واختار المعارضة (في إشارة إلى حركة متجمع السلم-الإخوان المسلمون) فالمصطلح سقط، وقراءتي جاءت من باب أن تحقيق الأغلبية أصبح صعب مع ارتفاع السقف الذي أصبح 462 مقعدا، وكذا تعداد الأحزاب المشاركة الأمر الذي من شأنه أن يشتت أصوات الناخبين، ورغم ذلك ننظر إلى التنوع بنظرة إيجابية بناءة". وردا على سؤال ما إذا كان الإسلاميون سيحققون الفوز بغالبية مقاعد البرلمان وهو ما سيمثل عودة ما سمي بمشروع الدولة الإسلامية الذي رفضته السلطة بقوة منذ العام 1992 قال ولد قابلية "إن هذه النقطة فصل فيها دستوريا، فالتعديلات التي أدرجت على الدستور في 1996 منعت الأحزاب من استغلال الدين في برامجها الانتخابية، وهو الأمر الذي فرض على أحزاب (إسلامية) تغيير تسمية تشكيلتها السياسية، لكن يبدو أن نغمة الإسلاميين عادت بقوة، وعلى كل حال فالدستور الذي يؤكد أن الإسلام دين الدولة، يؤكد كذلك أن طابع الدولة الجزائرية ديمقراطي جمهوري، وأعتقد أن مشروع الدولة الإسلامية انتهى».