عندما قررت جريدة الاتحاد الاشتراكي العودة لملف الحادثة المميتة لمفتش الشرطة بالحاجب ليلة 9 دجنبر 2011 بمدخل المدينة والتي ذهبت ضحيتها سيدة ظلت الشكوك تحوم حول ظروف وفاتها، وهو الملف الذي مازال معروضا على أنظار القضاء بمكناس وسبق للجريدة أن تطرقت لبعض أطواره الغامضة دون تفاصيل كثيرة تذكر بالعدد 9978 في 3 يناير 2012 (وفاة الضحية وهي مخمورة داخل سيارة من نوع مرسيدس 190 لمفتش الشرطة، شكوك مصالح الوقاية في حياة الضحية انتظار نتائج التشريح الطبي) لم تحكمنا غير قناعة واحدة لا ثاني لها ألا وهي المساهمة وفق ما تسمح به الظروف والتحري الإعلامي في تمكين المواطن من الحق في المعلومة ومعرفة الخبر وإطلاع الرأي العام بكل المستجدات التي حبلت بها دروب التحقيق في هذا الملف، مع نقل المعطيات كما هي دون تعليق أو إضافة، تاركين للمواطن حق التعليق على ما تسرب لهذا الملف الشائك من تعقيدات وغموض. وللقضاء حق إصدار الأحكام في استقلالية كاملة ضمانا لتنزيل سليم للدستور. شهادات في الملف تقدم لأول مرة استمع قاضي التحقيق ما بين 9 و18 يناير 2012 إلى شهود جدد في ملف ما عرف بالحادثة المميتة والتي ذهبت ضحيتها سيدة كانت رفقة مفتش شرطة بالحاجب، وهي الشهادات التي حسمت في انتقال الملف من أقسام المحكمة الابتدائية إلى محكمة الاستئناف عملا بمبدأ عدم الاختصاص، حيث كان أحد الشهود قد أقر بمشاهدته، حوالي الساعة العاشرة والنصف من ليلة الحادثة وهو في طريقه رفقة زميل له من مدينة إموزار على متن سيارة رونو إكسبريس من ليلة 2012/12/09 للمتهم ماسكا الضحية من شعرها ويضربها بواسطة قنينة زجاجية على مستوى ظهرها في حين كانت الضحية تستنجد دون أن يتمكن الشاهد من تخليصها رغم مطالبته للمتهم بالكف عن فعلته ليجيبه بكونه لا شأن له بذلك، بينما أقر الشاهد الثاني بكونه، وهو في طريقه أيضا على متن دراجته الهوائية من داخل إحدى الضيعات في طريق يفرن، سمع، حوالي العاشرة والربع، نداء استغاثة وشاهد المتهم يضرب الضحية ضربة واحدة بواسطة قنينة زجاجية، ثم بعد ذلك بدا يصفعها دون أن يتدخل هو الآخر لإنقاذها، في حين كانت الضحية واقفة قبل وبعد ضربها بواسطة قنينة للخمر، ليعلم في اليوم الموالي أن الضحية توفيت وقدم العزاء لعائلتها. في حين، اعترف الشاهد الثالث بقدوم المتهم والضحية إلى مأوى ليلي ما بين الساعة الحادية عشر والنصف والحادية عشر وأربعين دقيقة، وهما معا في حالة سكر طافح وكان المتهم يضع بين رجليه قنينة خمر من نوع ويسكي وبعد تزودهما بعلبة سجائر واصلا طريقهما نحو الحاجب وأنه لم يسمع بالحادثة إلا في الحادية عشر صباحا من اليوم الموالي. تراجع الشهود يربك التحقيق كانت الشهادات السالفة رغم طعن دفاع المتهم في تصريحاتها بالزور، نتيجة تراجع أصحابها عنها، غير كافية في نظر قاضي التحقيق بابتدائية مكناس للاحتفاظ بالملف والاستجابة لطلب دفاع المتهم بمعاودة الاستماع من جديد للشهادات المراجعة ويقرر إحالة الملف على محكمة الاستئناف بنفس المدينة، مما اضطر الشاهد الذي أقر بزور شهادته إلى تسجيل شكاية في الموضوع، دافعا النيابة العامة بابتدائية مكناس، إلى فتح تحقيق جديد في موضوع الإدلاء بشهادة الزور، المشاركة وعدم التبليغ عنها والاستماع من جديد لأصحاب الشهادات باعتبارهم شهود إثبات، ليفاجأ الجميع بتراجع الشاهد الأول، بل تأكيده بكونه كان ضحية إغراء مالي، شأنه شأن الشاهد الثاني وتوقيعهما معا لالتزامين في الموضوع معلنين استعدادهما للتراجع عن شهادتهما أمام العدالة، وإتهامهما لوسيط جديد بهندسة كل أطوار الشهادة رفقة قريبة للضحية، وتم الاستماع إلى الثلاثة وإجراء مواجهة أسفرت عن ظهور ما يفيد احتراف أحد الشاهدين لشهادة الزور من خلال اعتراف «المتهم بالوساطة» بكونه سبق له أن كان ضحية شهادة زور بطلها نفس الشاهد قضى بموجبها عقوبة حبسية، مما جعل الملف الذي كانت ساكنة الحاجب تترقب بخصوصه تحقيقا معمقا، تمتد له أيادي جديدة سرعان ما أخرجته عن سياقه العام مدشنا أطوارا جديدة ما بين الاتهام والاتهام المضاد. شهود يدعون تعرضهم للتهديد سبق للشاهدين أن أدليا بشهادتيهما لقاضي التحقيق لدى ابتدائية مكناس ما بين 9 و18 يناير 2012 وأنجزا معا تصريحين مصححي الإمضاء يتهمان من خلالهما مفتش الشرطة بضرب الضحية. ونفس الشاهدين يتراجعان في تاريخ لاحق عن شهادتهما ويقران أمام النيابة العامة، وعبر محضر للشرطة وكذا من خلال تصريحين مصححي الإمضاء أيضا، ومن جديد ما بين 17 و20 فبراير 2012 بكونهما لايعرفان المتهم. والغريب أن أحدهما يؤكد من خلال التزامه بكونه لم يدل بأية شهادة كيفما كان نوعها في أي موضوع أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمكناس، وبكونه لم يشاهد أي شخص يعنف أية سيدة بطريق يفرن وبكونه لا يعرف حتى عائلة الضحية، بينما يعترف الثاني بتأنيب ضميره له مخافة من الخالق في شهادة الزور التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق بالمحكمة وأنه لايعرف عائلة الضحية على حد تصريحه، وبكونهما كانا ضحية إغراءات مادية. وعند تقديمهما في مرحلة ثالثة، بعد وضعهما رهن الحراسة النظرية وعرضهما على النيابة العامة، يقران بكون تراجعهما عن هذه الشهادة الأخيرة ناتج عن تعرضهما للتهديد دون تحديد الجهة الممارسة له، مما كان يقتضي فتح تحقيق آني لمعرفة مصدر التهديدات؟ ونوع سلطتها؟ ووضعهما جميعا رهن الاعتقال أو الحراسة بهدف الحماية تجنيبا لهما من كل المخاطر التي قد تهددهما وتحريرهما عن المحيط الذي يؤثر في تصريحاتهما؟ وهل طالبت النيابة العامة بتعميق البحث ووضع اليد على هذه الجهة التي من شأنها التأثير على إرادة الشهود وتخويفهم؟ وهل طالبت الضابطة القضائية باستكمال المسطرة حتى النهاية وتقديمها للقضاء للبث فيها؟ وهل هناك جهات ما خلف القناع تخطط انطلاقا من مواقعها لخلط أوراق هذه القضية؟ وهل هناك جهات ما توجه انطلاقا من نفوذها بعيدا عن أية مراقبة أو مسؤولية؟ كل هذه التساؤلات تبقى مشروعة في نظر كل المتتبعين العاديين لأطوار هذا الملف والبحث عن أجوبة شافية لها، ومغربنا مازال يتطلع لتنزيل سليم للدستور خاصة فيما يتعلق باستقلالية القضاء، بل كل هذه التساؤلات، وهي تبحث لها عن جواب، تفتح المجال للمطالبة بإعادة فتح تحقيق جدي ونزيه وعميق في هذه الحادثة التي دخلت أشواطا هيتشكوكية، حتى وإن تطلب الأمر إعادة عرض هذه القضية على هيئات جديدة غير تلك التي باشرت التحقيق فيها أو عرضت عليها من قبل لتمكين ساكنة الحاجب من الوصول إلى الحقيقة التي امتدت إليها الكثير من الأيادي المتسخة لتمحو آثارها وتحاول أن تضيع على الساكنة فرصة معرفة حقيقة ما جرى بالضبط ليلة 2011/12/09.