يرمز عيد الشغل إلى احتفال الطبقة العاملة العالمية برصيدها النضالي المتميز عبر التاريخ في مواجهة قوى الاستغلال والاستبداد حيث استطاعت تحقيق العديد من المكتسبات الاجتماعية وخاصة في ميدان تشريع الشغل عبر إصدار منظمة العمل الدولية لعشرات الاتفاقيات الدولية والتوصيات التي تضمن الحقوق النقابية والاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وتكوين في منتصف القرن الماضي لجنة المعايير كلجنة دائمة بالمنظمة لمساءلة الحكومات عن مدى ملاءمة الاتفاقيات المصادق عليها مع التشريع الوطني وكذا احترام هذه الاتفاقيات وتفعيلها على أرض الواقع. وستخلد الطبقة العاملة هذا العيد الأممي لسنة 2012 في سياقات سياسية واجتماعية مختلفة عن السابق. ففي الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط خصوصا في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان ونظرا للأجواء السياسية وللانعكاسات القوية للأزمة الاقتصادية على هذه الدول ستتميز احتفالات هذه السنة على إيقاعات الاحتجاج عن ما آلت إليه أوضاع العمال والعاملات من جراء التراجعات الخطيرة التي أقدمت عليها الحكومات المعنية في ميدان تشريع الشغل في إطار المزيد من المرونة والتي أضرت بمصالح العمال والعاملات وكانت محطة إضرابات في هذه الدول. وفي جنوب البحر الأبيض المتوسط وبعد الربيع الديمقراطي العربي والتغييرات الكبرى التي عرفتها بعض الدول كمصر وتونس وليبيا من المنتظر أن تعرف هذه التظاهرات العمالية هذه السنة المشاركة المكثفة نظرا لتحرر النقابات من هيمنة الأنظمة السابقة وإعادة ارتباطها بتطلعات الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية والكرامة. وفي المغرب، وبعد الإصلاحات الدستورية والسياسية التي أعقبت الحراك الاجتماعي لحركة 20 فبراير كامتداد لنضال القوى الديمقراطية لاتزال المسألة الاجتماعية بكل أبعادها مصدر قلق نظرا للخصاصات الكبرى في هذا المجال من شغل لائق وتعليم وصحة وسكن لائق... إضافة إلى التوجه الحكومي نحو مصادرة الحقوق الفردية والجماعية وتغليب المقاربة الإيديولوجية والأمنية في معالجة القضايا التي تستأثر باهتمام المواطنين علما بأن الحوار الاجتماعي لهذه السنة والذي تراهن عليه النقابات من أجل انتزاع المزيد من المكتسبات لازال متعثرا وقد يتساءل المتتبع للشأن الاجتماعي عن ما ستقدمه الحكومة للأجراء في هذا العيد . لقد اختارت الفيدرالية الديمقراطية للشغل في ظل هذه الأجواء الدولية والوطنية أن تخلد فاتح ماي لهذه السنة تحت شعار «حماية الحقوق النقابية دعامة أساسية للخيار الديمقراطي» لما تتعرض له الحقوق النقابية من انتهاكات مستمرة وبملصق يتضمن رقم 87 كتعبير على ضرورة التصديق على الاتفاقية 87 المتعلقة بالحرية النقابية فيما يكسر سهم رمز الفيدرالية الرقم 288 ويرميه أشلاء كتعبير فني لإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المتعلق بعرقلة حرية العمل . وبهذه المناسبة، نتوجه إلى كل الفئات الاجتماعية من معطلين وطلبة وشباب ونساء ومثقفين لمشاركة الطبقة العامة في عيدها الأممي حتى نعيد جميعا لعيد الشغل مدلوله الإنساني والتضامني ونجعله يوما للاحتجاج السلمي على هذه الأوضاع.