قبل الدخول في مناقشة مشروع الميزانية لهذه القطاعات, تجب الإشارة إلى أن الفريق الاشتراكي يسجل بكل أسف التأخير غير المبرر في تقديم مشروع قانون مالية سنة 2012 وما نتج عنه من أضرار اقتصادية واختلالات سلبية على المقاولات المغربية وخاصة الصغرى منها و المتوسطة, فضلا عن أن هذا المشروع لم يأت بجديد، ونسجل كذلك وبأسف كبير عدم قبول طلبنا بتأجيل النقاش إلى حين تمكيننا من مجموعة من الوثائق و البيانات وفق ما تنص عليه المادة 134 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وكان هذا الطلب, خاصة في الاجتماع المخصص لمناقشة ميزانية وزارتي النقل والتجهيز و الطاقة والمعادن ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب نظرا لأهميتهما. كما أننا نثمن الإنجازات التي تم تحقيقها في عهد الحكومات السابقة في القطاعات موضوع مناقشتنا، فنحن ومن منطلق هويتنا كحزب اشتراكي يقوم على التوجه الاجتماعي الديمقراطي، نساند كل مبادرة تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني خدمة للبلاد. كما نحذر من التراجع عن المكتسبات التي تم تحقيقها في السابق. ومن هذا المنطلق فإننا نلفت انتباه الوزارة إلى عدم وجود برنامج واضح المعالم في مشروع قانون مالية 2012 يساهم في التصدي إلى كل أشكال الفساد و الرشوة ومحاربة اقتصاد الريع، من خلال خطة مضبوطة تبين الخطوات الإجرائية التي ستتبعها الحكومة في تحقيق الهدف المنشود، وذلك تبعا لمقتضيات الدستور الجديد الذي أعطى صلاحيات كبرى للحكومة في سبيل تطبيق برامجها الإصلاحية، وتماشيا مع الخرجات الإعلامية للسيد وزير النقل و التجهيز. التجهيز والنقل : أمام ارتفاع عدد السكان و تزايد حركة التمدن وما ينتج عنها من أنشطة اقتصادية، صناعية وتجارية وما يرتبط بذلك من وجوب توفير الظروف الملائمة لتسهيل عملية ربط مختلف مناطق البلاد ببعضها بواسطة وسائل النقل وما تقتضيه من مد للطرق وغيرها، فإننا نسجل الملاحظات التالية بخصوص الميزانية الفرعية لقطاع التجهيز والنقل : - إن الاعتمادات المخصصة لإصلاح الطرق تظل غير كافية بالنظر لحجم الشبكة الطرقية التي تشكو من أضرار كبيرة خاصة في المناطق التي تعرف حركية واكتظاظا سواء بالمدن أو بالعالم القروي. - أن إنجاز برنامج الطرق القروية لسنة 2012 غير مصاحب بخرائط بيانية توضح المناطق التي ستعرف إنجاز طرق جديدة. - أن هناك عدم اهتمام الوزارة بالشكل الكافي بالتشوير الطرقي وتجهيزات السلامة الطرقية , علما بالأهمية التي تكتسيها هذه العملية في الحفاظ على سلامة المواطنين وحماية الممتلكات وبالأخص في العالم القروي. إن الأهمية التي تكتسيها الطرق السيارة و الطرق السريعة في الربط بين المناطق المختلفة و المساهمة في الحركية الاقتصادية وفي التقليص من حوادث السير وما يعقبها من خسائر مختلفة، تقتضي إنجاز هذه الطرق بأساليب تراعى فيها الجودة العالية والقوة اللازمة، والقيام بالدراسات الكافية للمناطق التي ستنجز عليها ، تفاديا للأضرار التي قد تفاجئنا بها من خلال عدم صمودها أمام العوامل الطبيعية المختلفة. النقل : أما فيما يتعلق بالنقل عبر الطرق و السلامة الطرقية، فإنه على الوزارة وضع دفتر تحملات تراعى فيه شروط السلامة, سواء من حيث جودة العربات أو راحة المسافرين ، وأن تكون هناك الشفافية في منح المأذونيات مراعاة لما ورد في مقتضيات الدستور من حقوق و واجبات. وعلاقة بالموضوع نلاحظ كذلك انتشار ظاهرة النقل السري في بعض المناطق القروية إن لم نقل في كل المناطق القروية، مما يتوجب على الحكومة ، في ظل الخصاص الذي تعرفه هذه المناطق في وسائل النقل القانوني، أن تقوم بإدماج أصحاب هذا النوع من النقل و ذلك بتسهيل المساطر أمامهم للحصول على تراخيص تمكنهم من مزاولة مهنهم في إطار قانوني يحترم معايير السلامة و يضمن الكرامة والعيش الكريم و السلامة للجميع. الموانئ : تلعب الموانئ دورا كبيرا في نقل المسافرين و تحريك عجلة الرواج التجاري و الاقتصادي، وفي الصيد البحري بكافة أنواعه، لهذا عرف المغرب في السنوات الأخيرة إنجاز عدة منشآت بحرية وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط الذي يعد إنجازا ذا طابع دولي بكل المقاييس، لهذا ندعو الحكومة للسير قدما في هذا الاتجاه وذلك بإعادة تأهيل بعض الموانئ القديمة وتطوير تجهيزاتها بما يساير التطور المتسارع الذي يعرفه القطاع ، و حتى تلعب كل الموانئ المغربية الدور المنوط بها في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية وخلق مناصب شغل جديدة ، مع المحافظة على البيئة وسلامة الملاحة البحرية. النقل الجوي : أما فيما يخص النقل الجوي, فكلنا نعرف أنه إحدى رافعات الاقتصاد الوطني, سواء من حيث نقل المسافرين أوالبضائع وطنيا ودوليا، وأنه يقدم خدمات كبيرة تساهم في الربط بين الدول والقارات وتنشط الحركة السياحية, سواء الوطنية منها أو الدولية، وهنا نشيد بالدور الذي تلعبه كل من مديرية الملاحة الجوية أو مديرية النقل الجوي في سلامة الطيران المدني و تطوير القدرات التقنية للقطاع وفي التفتيش والمراقبة. إلا أننا نشير كفريق اشتراكي ، وبكل أسف , إلى العجز المالي الذي تشكو منه شركة الخطوط الملكية المغربية ، الشيء الذي دفع بالحكومة إلى تخصيص مبلغ مليار و600 مليون درهم ، دعما للشركة للخروج من هذه الأزمة المالية، ولكننا نعتبر هذا الإجراء مجرد حل ترقيعي قد لا يعطي نتائج إيجابية أمام سياسة فتح الأجواء الوطنية في وجه المنافسة الدولية. النقل السككي : وفي مجال النقل السككي، نشير إلى أن هذا القطاع يعد شريانا حيويا فيما يخص النقل، لما يوفره من سلامة وراحة للمسافرين، فضلا عن مساهمته في الحركة الاقتصادية والتجارية الداخلية. إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي في البرنامج الحكومي من حيث الزيادة في عدد القطارات وتوسيع شبكة السكك الحديدية عبر ربوع المملكة، وخصوصا صوب المناطق الجنوبية منها. وفي هذا الإطار نعيد التساؤل حول نجاعة إعطاء الأولية للقطار الفائق السرعة (TGV) في ظل الحاجة الملحة لتأهيل وتطوير قطاع النقل الحضري والقروي. الطاقة : من المعروف أن قطاع الطاقة والمعادن يعتبر من بين القطاعات الحيوية لما له من أهمية في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني والمساهمة في التنمية على عدة مستويات ، سواء من حيث تشغيل اليد العاملة أومن حيث ارتباطه بقطاعات أخرى كالصناعة والنقل وغيرهما.إلا أننا نلاحظ أن مشروع قانون مالية 2012 يخلو من أية إشارة واضحة إلى الاهتمام بعملية التنقيب الفعلي عن البترول و الغاز الطبيعي،وإن كانت هناك مشاريع في هذا المجال وإلى أين وصلت؟ ومتى سيتم الاستغلال وما هي الميزانيات المرصودة لهذه العملية ؟ علما أن الحاجة أ صبحت ماسة للحصول على هذا النوع من الطاقة أمام تزايد الطلب عليه، فضلا عن تقلبات أسعاره في السوق الدولية. المعادن : وفيما يخص قطاع المعادن, فإننا ندعو الوزارة إلى تطوير القدرات الإنتاجية للمناجم بما يضمن الزيادة في مردوديتها ، وذلك بالبحث عن أسواق جديدة ، إضافة إلى العمل على ترشيد نفقات وتكاليف الاستخراج و التنقيب. وفي هذا المقام لابد من الإشارة إلى ما تعرفه مناجم الفحم الحجري بالمنطقة الشرقية من استغلال عشوائي من طرف بعض المواطنين ، و ما ينتج عن ذلك من أخطار، و هو ما يستوجب على الحكومة أن تتصدى لهذه الظاهرة وذلك بإيجاد حلول مناسبة لها، وإطار قانوني يضمن حقوق الدولة و الأفراد. الكهرباء والطاقات المتجددة : في إطار مواكبة التزايد على الطلب الكهربائي وما يتطلبه ذلك من الرفع من القدرات الإنتاجية وفقا للاستراتيجية الطاقية الوطنية التي تهدف إلى بناء باقة طاقية متنوعة تساهم في النهضة الاقتصادية والاجتماعية في مختلف القطاعات، فإن مشروع قانون مالية 2012 قد قام ببلورة مخطط التجهيز الكهربائي للفترة الممتدة ما بين 2012 و2016. إلا أننا نلاحظ بأن هذا المشروع ما هو إلا مواصلة لما تمت برمجته في السنوات السابقة من أوراش تنموية كبرى, خصوصا فيما يتعلق بإنتاج الطاقة بمختلف أنواعها. لذا يجب العمل على الزيادة في هذا الإنتاج عن طريق بناء منشآت طاقية تستجيب للحاجيات المتزايدة لبلادنا من هذه المادة الحيوية، وخصوصا الطاقات المتجددة التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس، والتي تعتبر ثورة نوعية في مجال الطاقة ، لما لها من وقع وأثر إيجابي على الاقتصاد الوطني وعلى البيئة ككل، بحيث أنها تمكن من تخفيف العبء على ميزانية الدولة الناتج عن استيراد الطاقة من الخارج. كما أن هذا المشروع سيوفر مناصب أخرى للشغل، ويفتح المجال أمام الكفاءات الوطنية للابتكار والإبداع. فهذه المشاريع الكبرى تتطلب من الحكومة التعاطي مع الأمر بكل اهتمام وجدية، وذلك باحترام السقف الزمني المخصص لإنجاز هذه الأوراش. وفي هذا الصدد هناك نقطة لا تقل أهمية عما سبقها وتتعلق بعملية نقل الطاقة من محطات الإنتاج نحو مراكز الاستهلاك، والتي تعرف ضياعا للطاقة الكهربائية الناتج عن عدم جودة أو صلاحية الوسائل والتجهيزات الناقلة للطاقة. وتقدرالخسائر بمآت الملايين من الدراهم عن كل1% من الكمية المنقولة. كما تجدر الإشارة إلى أن عملية كهربة العالم القروي تعرف اختلالا في التدابير، يتمثل في الاهتمام بمناطق دون الأخرى ، وخصوصا المناطق الوسطى والجنوبية. أما عملية إنجاز الكهربة بالقرى فتشوبها مخالفات كثيرة تتمثل في عدم الالتزام بما ورد في دفتر التحملات من جودة ومعايير السلامة. لذا على الوزارة أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الصدد. الماء الصالح للشرب : إن ما يتعلق بقطاع الماء الصالح للشرب وحسب ما جاء في مشروع قانون مالية 2012 فإنه عبارة عن مواصلة لما تم تسطيره من برامج سالفة ، مما يلزم الحكومة باحترام السقف الزمني المخصص لإتمام ما سبق بدؤه من أوراش و برامج تنموية تتعلق بالماء الشروب وجودته، وبالتطهير السائل وإعادة استخدام المياه العادمة بعد معالجتها، والعمل على تنفيذ المشاريع المسطرة من تطوير والنهوض بالقطاع, سواء من الناحية التقنية أو القانونية ، وتشجيع البحث العلمي، وتطوير قدرات الكفاءات الوطنية في هذا المجال، والقيام بالدراسة اللازمة من أجل التنقيب وتوفير القدر الكافي من هذه المادة الحيوية حتى تستجيب للحاجيات المتزايدة منها، فضلا عن صيانة السدود التي بدأت تشكو من بعض التصدعات، وكذا تنقية السدود التي تعرف تراكما متزايدا للأوحال المنجرفة مما ينقص من طاقتها الاستيعابية وكفايتها في توليد الطاقة الكهربائية، وهذا يتطلب من الوزارة القيام بمعاينة ميدانية لهذه المنشآت المائية قصد تقييم الأضرار واتخاذ التدابير المناسبة والإسراع في تنفيذها لما يكتسيه الأمر من أهمية وبعد استراتيجي. قطاع البيئة : أما بخصوص قطاع البيئة، فإن التطورات الاقتصادية وما يتبعها من نمو متزايد في القطاعات التي ترتبط بها، فإن هذه الحركية أدت إلى اختلالات في البيئة، بسبب التدبير غير المعقلن للنفايات بمختلف أنواعها ، وكذا الاستغلال المفرط للثروات الطبيعية فضلا عن الآثار السلبية للتغيرات المناخية. وهذا ما يستوجب معه دعوة الحكومة إلى الإسراع في تفعيل الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة مع إشراك الجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني من أجل التصدي إلى الاختلالات البيئية التي تشهدها مناطق مختلفة من المملكة، وتعميم الاستفادة من البرامج التي وضعتها الوزارة في هذا الشأن وتعميمها على جميع مناطق البلاد، والسهر على حسن أداء محطات المعالجة، والجدية في مراقبة المنشآت الصناعية والمقاولات ومدى التزامها بمعايير سلامة البيئة. قطاع الغابة : تعتبر الغابات ثروة وطنية مهمة، وهي تلعب دورا مهما في التوازن الأيكولوجي، وتشكل موردا اقتصاديا مهما بما توفره من منتوجات غابوية متنوعة. فرغم ما تقوم به المندوبية السامية للمياه و الغابات ومحاربة التصحر من مجهودات جبارة ساهمت في تنمية القطاع الغابوي و المحافظة عليه، فإن هذا القطاع يعرف بعض المشاكل والمتمثلة في استنزاف الثروات الغابوية والمائية في كثير من المناطق ، ونذكر على سبيل المثال الاستنزاف الذي تتعرض له شجرتي الأركان والأرز اللتين يتطلب نموهما زمنا طويلا وعناية فائقة. كما لايفوتنا أن نشير إلى أن هاتين الشجرتين تعتبران ثروة وطنية تجب المحافظة عليها، حيث أن المغرب هو البلد الوحيد المعروف بشجرة الأركان وما تنتجه من زيوت ومستحضرات معروفة على الصعيد العالمي، وما توفره من فرص للشغل وتنمية اقتصادية واجتماعية وسياحية، لذا وجب على المندوبية السامية ومن خلالها الحكومة العمل على العناية بهذه الثروة الوطنية بوضع برنامج يتم بموجبه المحافظة عليها وتشجير مساحات ومناطق أخرى بهذا النوع من الأشجار. أما فيما يخص عملية التشجير التي تقوم بها المندوبية السامية للمياه والغابات، فإننا نلاحظ أنها لاتأخذ بعين الاعتبار مسألة إشراك الساكنة القروية مما يعكس سلبا على إنجاح هذا البرنامج الحيوي ويحول دون تحقيقه وفق الأهداف المسطرة له. قطاع المياه: وبالنسبة لقطاع المياه, فإننا نلح كفريق اشتراكي على ضرورة إنشاء سدود تلية في المناطق النائية ، و التي تشكو ندرة في المياه، مما يضطر سكانها إلى تخزين المياه بطرق بدائية لا تتوفر فيها شروط الجودة أو حتى السلامة الصحية. فهذه السدود تلعب دورا أساسيا في عملية السقي وتوفير الماء الشروب للسكان والماشية والوحيش على السواء، وتساهم في الحفاظ و تكاثر الثروة الحيوانية والنباتية بالمجال القروي. وفي الختام، فنحن كفريق اشتراكي، ومن منطلق هويتنا القائمة على التوجه الاجتماعي الديمقراطي، فإننا إذ ندعو إلى مواصلة الجهود من أجل الحفاظ على المكتسبات السابقة والعمل على تنفيذ البرامج التي لازالت في طور الإنجاز، كما ندعو إلى العمل على أخذ الملاحظات والتساؤلات التي تقدم بها الفريق الاشتراكي في إطار لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بعين الاعتبار، والتعامل معها بكل ما تستحق من اهتمام وجدية، خدمة لمصلحة بلادنا وضمانا لتحقيق التقدم والازدهار المنشودين.