طرح موضوع تفكيك الجماعة المهداوية بمدينة تاوريرت في هذا الوقت بالذات علامات استفهام كبيرة في أوساط ساكنة مدينة الأربعة والأربعين وليا، والذي أعرب عدد منهم في تصريح لجريدة „الاتحاد الاشتراكي” عن استغرابهم لسكوت السلطات وغضها الطرف عن الجماعة وهي تتأسس وتتوسع رقعتها لتشمل مريدين من مدن مغربية أخرى وآخرين يقيمون بدول أوربية كهولندا وبلجيكا إلى أن تقوت شوكتها وأصبح أميرها بومدين خوار يصول ويجول مرددا كونه „المهدي المنتظر”، وتحول من شخص ينتمي إلى أسرة متواضعة إلى صاحب أملاك وعقارات مصدرها الهبات والإكراميات التي كان يتكلف ذراعه الأيمن ووزيره الأول عبد العزيز عبيدي بجمعها من المريدين ووضعها رهن إشارة خوار الذي ادعى كونه ذو مقام مقدس ومعجزات خارقة وأقنع بذلك مريديه وأتباعه الذين كانوا على مستويات اجتماعية وتعليمية مختلفة بمن فيهم النساء. نساء في حضرة „الشريف” إتقان بومدين خوار لطرق الإقناع والمحاججة في ادعاءاته جعلت مريديه أداة طيعة في يده لا يرفضون له أمرا لدرجة أن منهم من باع منزله وسلم مقابله للجماعة ليظفر برضا „الشريف” وينعم ببركات „حبيب الله”، فوقعت حالات طلاق وقطعت الأرحام بعد هجران البعض لمنازلهم ليستقروا ب”دار الأرقم”، الاسم الذي أطلقه خوار على منزل ذراعه الأيمن عبد العزيز عبيدي والذي كان يعتبر بمثابة مقر لجماعة „المهداوية” بحي التقدم (الحلفا) بمدينة تاوريرت، وكان أعضاء الجماعة لا يتزوجون إلا بإذن واستشارة واقتراح من „زعيمهم” كما كان يحث حديثي الزواج منهم بعدم الدخول بزوجاتهم في الأيام الأولى للزواج حتى تتم الألفة والمحبة بين الزوجين في انتظار إذنه بممارسة المعاشرة الزوجية، والأنكى من ذلك أنه أمر أحد مريديه بتطليق زوجته، بالرغم أنه لم يمر على زواجهما سوى بضعة أشهر، حتى يتزوجها هو بدعوى أنها صاحبة رؤى وكرامات، وهو الزواج الذي تم بطريقة „الزعيم” بدون عقد قران ولا حفل زفاف -بحسب تصريحات استقتها الجريدة- لينتهي الأمر بالزوجة التي أهداها زوجها لزعيم جماعته متزوجة برجل آخر وتقيم حاليا بمدينة وجدة بعيدا عن „دار الأرقم” وعن جماعة تتنازل عن الغالي والنفيس وحتى عن عرضها لتلبي رغبات وطلبات زعيمها الشاذة. مساء كل خميس كان بومدين خوار يعقد جلسات نسائية تحضرها زوجات وقريبات أعضاء الجماعة المهداوية بتاوريرت, إضافة إلى والدته وشقيقتيه „ميلودة” و”ثورية”، وكعربون للمحبة والتبجيل الكبير الذي كن يكنه له كانت المريدات تستقبلنه بنشيد „طلع البدر علينا” وتصغين بجوارحهن إلى الدروس التي كان يلقيها في النصيحة والمحبة كما كان لا يتوارى في الإفصاح لهن عن ورعه ووجوب تبجيله وتقديسه ما زاد تعلقهن به إلى درجة الحب، ولتأكيد ذلك كن بين الفينة والأخرى يرسلن إليه هدايا من صنع أيديهن عن طريق شقيقته الصغرى، وكانت هذه الهدايا تحمل عبارات من قبيل „أحبك يا حبيب الله”، „أحبك يا حبيب الله يا مهدي”، „نحبك يا حبيب الله”، „سيدي المهدي عليه السلام”، „حبك جنني”... وغيرها من عبارات الحب والتبجيل. „المهدي المنتظر” والزوجة „المقدسية” تعرف بومدين خوار سنة 2006 عن طريق منظر الجماعة الأستاذ الجامعي „رشيد كوهوس” على مواطن مصري متزوج بمواطنة مغربية ويقيمان بمدينة واد زم، وتوطدت علاقتهما بعدما أصبح ذلك المصري المدعو ابراهيم الشوادفي يؤكد له في كل مرة بأنه „المهدي المنتظر” بناء على رؤى كان يراها كما كان يخاطبه بقوله „يا رسول الله”، الأمر الذي جعل خوار يعتبر المواطن المصري أمين سره وأخبر أتباعه بأنه يتواصل معه روحانيا وغيبيا بالرغم من بعد المسافة التي تفصل بينهما، ولهذا أمر أتباعه وخصوصا منهم المقيمين بالخارج (هولندا وبلجيكا)، والذين ينحدر غالبيتهم من نواحي ميضار بإقليم الدريوش، بجمع المساعدات مالية وإرسالها للشوادفي عبر وكالة لتحويل الأموال. وفي إحدى جلساته مع أعضاء جماعته المقربين، أفصح بومدين خوار بأن أمين سره المصري الملقب ب”سلمان” توسط له في الزواج بمواطنة أردنية تسمى „مريم المقدسية” وهي من أصل مقدسي وتنحدر من الشرفاء الأدارسة، على اعتبار معرفته بوالدها المقيم بالعاصمة الأردنية عمان، وقد اقترح على ابنته الزواج بخوار مخبرا إياها بأنه „المهدي المنتظر”، كما أكد لهم بأنه اختار للفتاة اسم فاطمة الزهراء وبأنه يتواصل معها بواسطة رسائل روحانية وغيبية عن طريق المواطن المصري, مضيفا بأنها سوف تحضر قريبا إلى مدينة تاوريرت رفقة عائلتها من أجل عقد القران معها. „المهدي المنتظر” يفرق بين والديه بومدين خوار الذي كان يلقي في أتباعه دروسا دينية حول السيرة والحديث والتفسير وسيرة الصالحين بهدف نشر المحبة بين أعضاء „الجماعة المهدوية”، لم يستطع نشر تلك المحبة بين أفراد أسرته وخصوصا بين والديه، حيث تحدثت بعض المصادر للجريدة عن نزاعات وخلافات نشبت بين لخضر خوار وزوجته زينب البوكيلي بعدما تمادى ابنهما بومدين في ادعاءاته التي صنفها البعض في خانة الدجل والنصب على غرار والده، فيما اعتبرها البعض حقائق وجب احترامها واتباعها لكون بومدين خوار ينحدر من أهل البيت للرسول صلى الله عيه وسلم، وكانت والدته ضمن مريديه وأعطته شحنة قوية بدعمها له لدرجة أنها كانت ترافقه في جل السفريات التي كان يقوم بها إلى بعض المدن المغربية للقاء مريديه ونشر „دعوته”. ارتباط والدته به أجج الخلافات بينها وبين زوجها وأصبح هذا الأخير يطالب ابنه بمغادرة المنزل، فأسر بومدين خوار بذلك لأتباعه المقربين عبد العزيز عبيدي واحمد فردي، ولكونه „المهدي المنتظر” ونظرا للتبجيل والقداسة غير المحدودين التان كان يحظى بهما من طرفهم , رأى هؤلاء الأتباع تخليص زعيمهم من مشاكله العائلية ووضع حد لنزاعه الدائم مع والده, فقرروا شراء المنزل الكائن ب”بلان الحلفا” ووضعه رهن تصرفه، وفي هذا الإطار أسر لنا أحد أقارب بومدين خوار، بأن هذا الأخير أخبر والده بأنه سيشتري منه المنزل فطالبه الوالد بمبلغ 160.000 درهم (16 مليون سنتيم) فرد عليه سأعطيك 20 مليونا „والوالدة راها حارمة عليك”، فتفاجأ الوالد لذلك وعندما وجد زوجته موافقة على أمر ابنها وافق هو أيضا فوقع طلاق اتفاقي وتسلم لخضر خوار 20 مليون سنتيما من مريد ابنه المدعو „احمد فردي”، كما قام هذا الأخير بتحويل ملكية المنزل في اسم والدة خوار بموجب عقد „تسليم بدون عوض”، فيما غادر لخضر خوار منزله وأسرته ليمارس دور المتفرج على النهاية التي سيؤول إليها مسلسل „الجماعة المهدوية” التي لعب فيها ابنه البكر دور البطولة. ويفرق بين شقيقته وزوجها بجماعة „ملقى الويدان”، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم تاوريرت، كان لجريدة „الاتحاد الاشتراكي” لقاء مع الطيب البوكيلي, ابن الخالة وزوج الشقيقة الذي شق عصا الطاعة على „المهدي المنتظر”، الفلاح ذو المستوى الدراسي المتوسط، على عكس الأساتذة وطلبة الجامعة، لم يتأثر بادعاءات بومدين خوار ولم يتمكن من استيعاب تصرفاته والشروط التي كان يضعها على أتباعه وخصوصا فيما يتعلق بتطليق المرأة من زوجها وتزويجها لشخص آخر من الجماعة، ورفض الإغراءات التي قدمت له من طرف أسرة زوجته من قبيل الرحيل من بلدته „كامبيرتو” للاستقرار في كنف „زعيم” الجماعة المهدوية يتكفل بجميع مصاريف عيشه زيادة على 2000 درهم يتحصل عليها شهريا. بتأثر كبير ,رفع أكف الضراعة إلى الواحد الأحد ليأخذ له حقه ممن كانوا سببا في حرمانه من طفلته، بدأ الطيب البوكيلي، والذي قال بأن بومدين خوار أطلق عليه لقب „رضا”، يسرد لنا حكايته مع زوجة عاش معها حوالي 8 سنوات من الرخاء والتفاهم تكللت بطفلة صغيرة أطلق عليها اسم زينب، وكأي بيت كانت تنشب بينهما خلافات بسيطة سرعان ما يجدون لها حلا وتعود المياه إلى مجاريها، إلى أن أصبح شقيقها ووالدته يتدخلان في علاقتهما وذلك بدعوتها أسبوعيا لحضور الجلسات التي كانت تعقد بمنزل عبد العزيز عبيدي، وبعد أن لاحظ عليها تغيرا في معاملته ورفضها إنجاب ابن ثان منه إلى أن يأذن لها شقيقها، طلب منها التقليص من عدد الزيارات التي تقوم بها إلى بيت أهلها، وهنا انطلق مسلسل الضغط على الصهر إما باتباع الجماعة أو تطليق الزوجة وعرضوا عليه الطلاق الاتفاقي حتى يتنازلوا له عن المصاريف التي ستترتب عليها هذه العملية، وبعد أن رفض فراق زوجته وابنته رفعوا ضده دعوى طلاق للشقاق استغرقت 21 جلسة صلح تشبث فيها الطيب بزوجته فيما تشبثت الأخيرة بفراقه، فوكل لها شقيقها محاميا حصل لها على الطلاق بدعوى أن العلاقة الزوجية أصبحت مستحيلة بسبب احتدام النزاع بين الطرفين وبأدائه مبلغ 550 درهما شهريا للبنت و1200 درهم واجب أجرة السكن خلال فترة العدة، وهي المبالغ التي لم يتمكن من دفعها وهو الآن محكوم بأداء أكثر من 8000 درهم. أثقلوا كاهله بأداء مبالغ لا حول له ولا قوة بتوفيرها من عمله كمياوم بمبلغ 50 درهما كما حرم الطيب من رؤية ابنته ما يزيد عن التسعة أشهر والشوق إليها يعتصر قلبه، وهو الآن ينتظر -بحسب تعبيره- أن ينفذ الحكم عليه ويأتي الدرك لنقله إلى السجن في „الباطل”، وكل ذلك -يقول- „لأنني لم أتجاوب معهم ولم أنخرط في جماعتهم ولم ألبس لباسهم ولم أطلق لحيتي كما أمر بذلك بومدين خوار”، وأضاف في تصريحه للجريدة بأنه تقدم بتاريخ 12/10/2011 بشكاية إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت (نتوفر على نسخة منها) يتهم فيها شقيق زوجته بومدين خوار بانتزاع زوجته منه و”أدخلها على المسمى عبد العزيز عبيدي الذي يعاملها كزوجة شرعية وحرمني من زوجتي التي لازالت في عصمتي”. المريد الذي تنازل حتى عن زوجته خلال إلقائه للدروس الدينية كان بومدين خوار يحث أتباعه على ضرورة توفير موارد مادية للجماعة، وكان من بين هؤلاء الأتباع رجل يدعى „احمد فردي” ارتأى أن يلعب دورا مهما داخل هذه الجماعة، وذلك عن طريق التكفل بالمصروف اليومي لزعيم الجماعة وعائلته والإنفاق بسخاء عليه، بحيث اشترى له المنزل بمبلغ 20 مليون سنتيم واقتنى له سيارة من نوع „ كولف فولسفاكن” بمبلغ 180.000 درهم (18 مليون سنتيم) وضعها رهن إشارته. ولم يتوقف إنفاق „فردي” عند هذا الحد إذ تكفل بطبع كتيبين في إطار النشاط الدعوي للجماعة، الأول تحت عنوان „تعرف على حبيبك المصطفى” والثاني تحت عنوان „إخوان رسول الله صلى الله عليه وسلم” وكل كتيب يحتوي على مجموعة من الأحاديث التي قام بومدين خوار بتجميعها، وقد كلفته عملية الطبع هذه ما يزيد عن خمسة ملايين سنتيم، ولتوفير هذه المبالغ صرح احمد فردي، أثناء التحقيق معه، بأنه لم يتردد في بيع منزل في ملكيته يتكون من طابقين بمبلغ 470.000 درهم، وكل ذلك في سبيل الجماعة ومؤسسها بومدين خوار الذي يكن له كل التوقير والاحترام ويعتبره وليا من أولياء الله الصالحين ينتهي نسبه إلى آل البيت. لم تتوقف العلاقة الوطيدة بين خوار وفردي عند هذا الحد, بل تجاوزتها إلى ما هو متعلق بحرمة الزوجة، بحيث صرح لنا بعض الأشخاص بمدينة تاوريرت بينهم أحد أقارب بومدين خوار، بأن هذا الأخير أخبر مريده احمد فردي ذات يوم بأنه رآه في رؤية يطلق زوجته ويرتبط بها زعيم الجماعة فقال له „خير وسلام” وطلق زوجته أم بناته الثلاث، والتي علمنا بأنها لم تتزوج من خوار وهي الآن تعيش رفقة بناتها الثلاث في منزل بمدينة تاوريرت لم نتمكن من معرفة عنوانه نظرا للحصار المضروب على النساء اللواتي وردت أسماؤهن في العلاقة مع الجماعة المهدوية. السجن ل”المهدي المنتظر” من أجل تأسيس جمعية بصورة غير قانونية والتماس الإحسان العمومي بدون الحصول على إذن بذلك وزعزع عقيدة مسلم والنصب, أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية وجدة بعد زوال يوم الجمعة 6 أبريل حكما بالسجن مدة ثلاث سنوات في حق بومدين خوار وبأدائه غرامة مالية قدرت ب 3000 درهم، فيما حكمت على ذراعه الأيمن عبد العزيز عبيدي بسنة سجنا نافذة و500 درهم غرامة مالية من أجل تأسيس جمعية بصورة غير قانونية والتماس الإحسان العمومي بدون الحصول على إذن بذلك وزعزعة عقيدة مسلم مع تبرئته من باقي التهم. كما قضت في حق ثلاث أعضاء من الجماعة بينهم الأستاذ الجامعي رشيد كوهوس بأداء غرامة مالية قيمتها 5000 درهم من أجل تأسيس جمعية بصورة غير قانونية وتبرئتهم من باقي التهم. هذا، وستعرف ابتدائية وجدة يوم الاثنين 16 أبريل الجاري انطلاق أولى جلسات محاكمة المجموعة الثانية المتابعة في نفس الملف.